حجم النص
بقلم:عباس الصباغ
بعيدا عن اجواء السياسة ودهاليزها والاقتصاد والامن ودخولا الى تسليط الضوء على معاناة شريحة كبيرة من المجتمع وهم المتقاعدون :
المتقاعد هو شخص لم يقضِّ عمره وشبابه ووطرا كبيرا من صحته وعافيته لهوا ولعبا في مضمار السلك الوظيفي ، بل انه وبعد عمر طويل ادى عملا طويلا مضنيا وله انجازاته والمفروض بالمؤسسة الوظيفية ان تشير الى تلك الانجازات بالبنان بتكريم معنوي يرافقه تكريم مادي بسيط بمكافأة تتناسب مع ماقدمه في سني عمره الوظيفي ، من ابسط الحقوق المترتبة وكردّ للجميل للمتقاعد ان يتم الاسراع والتعجيل في ترويج ملفه التقاعدي لا ان يترك حائرا ليعاني من متاهات البيروقراطية وذلتها والتعقيدات المرافقة لها والسلسلة الطويلة من معمعة (كتابنا وكتابكم) التي لاتنتهي ، والمعروف ان معاملة التقاعد هي من اكثر المعاملات تعرضا للمتاهات البيروقراطية وتشعباتها ومذلاتها واذلالها فضلا عن مطباتها والعراقيل التي توضع في طريقها في وقت يدخل المتقاعد تلك المعمعة يكون في احسن الاحوال قد انهكه المرض والعلل المزمنة ان لم يكن يحبو على كرسي متحرك يصارع من اجل البقاء وهو يعيش في ارذل العمر وخريفه بعد ان ذهب رونق عمره ونضارة شبابه في ادراج الوظيفة المتعبة .
طيلة عمر الدولة العراقية المعاصرة لم يلمس المتقاعد اي اهتمام يرفع عنه معاناته من اية حكومة تعاقبت على البلد وكان يعامل كانسان من الدرجة الثانية او انه بات لانفع له (اكسباير) وماعليه سوى انتظار "الفلاسين" كي يعتاش عليها والتي تذهب اغلبها مع شحتها الى تكاليف العلاج التي لاترحم ، او في الاقل مساواته مع بقية ذوي الدخول العالية او تقليل الفجوة المترتبة عن الاجحاف في سلم الرواتب وتوزيع الثروات بين موظفي ومتقاعدي الدولة التي يفترض بها ان تمنح المتقاعد التأمين الصحي المناسب مع عمره وصحته وتتناسب مع خدمته ، لاسيما ان اغلب المتقاعدين يعانون من اذلال المكاتب ومزاج الاشارة في استلام ماتجود به الموازنة من رواتب لاتكاد تسد الرمق وهناك مئات الألوف من المتقاعدين لا يتجاوز راتبهم التقاعدي ال 500 الف دينار، بل هناك رواتب تقاعدية اقل من ذلك ، ففي جميع دول العالم التي تراعي حقوق مواطنيها لا يبقى الراتب التقاعدي ثابتاً بل يزداد بشكل سنوي مع مناسيب التضخم ، علما ان حكومات البلدان المتقدمة توفر الكثير من الخدمات بشكل مجاني للمتقاعدين، من وسائل النقل العامة بل وسائل نقل مخصصة لكبار السن تنقلهم حسب طلبهم من مكان سكناهم الى أي عنوان يرغبون فيه ، ولكن نجد ان الكثير من دول العالم الثالث قد سبقتنا في مضمار خدمة شريحة المتقاعدين كي يحسّوا بانهم مواطنون من الدرجة الاولى وليسوا (اكسباير) .