بقلم:عباس الصباغ
تتنوع الخروقات والانتهاكات التي تحيق بالطفولة العراقية الى عدة وجوه ، اذ تضيع حقوق الاطفال مابين انتمائهم لأسر لاتتمتع بالحس الانساني الكافي ، وبين وجودهم في بيئة عمل تستغل تشغيلهم دون النظر الى براءتهم ووضعهم البيولوجي بتحميلهم اعمالا لاتتناسب مع اعمارهم الغضة وهم بعمر الزهور ، وبين تشريدهم في بيئة شوارعية غير لائقة بهم ، واسباب ذلك كثيرة منها الظروف الامنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي مر بها البلد، ولشريحة مهمة من تعداد الشعب العراقي الذي يوصف بالفتي اذ نسبة كبيرة منه هم من الشباب ويكون الاطفال والمراهقون نسبة كبيرة جدا من الشباب الذين هم عماد المستقبل العراقي . ومن يتابع احوال الطفل العراقي يصاب بالصدمة بتلك الامور اللاانسانية وكلها اساسها الاسرة او بالاحرى العلاقات غير المتزنة والمتوازنة فيها ، والاسباب كثيرة في ظل عدم وجود التشريعات القانونية اللازمة للردع ، فالتعنيف الاسري ضد الاطفال يصل في بعض الاحيان الى درجة القتل العمد كما حصل مؤخرا في مقتل عائلة باكملها في البصرة على يد راعي هذه الاسرة ولأسباب نفسية ومادية غامضة والامثلة تتكرر كل يوم ، ومن الغريب ان يحدث تعنيف اسري مأساوي بهذا الشكل المفجع في بلد كالعراق الذي طالما عُرف بالترابط الاسري والمجتمعي والعشائري الوثيق ، ومايحدث من فواجع هو غريب عن واقع العراق ، وقد تحدث انتهاكات وتجاوزات ضد الطفولة هنا او هناك سرعان ما تتلاقفقها بعض المواقع الخبرية ووسائل التواصل الاجتماعي وتوثقها بالصورة والصوت على شكل (ترند) متداول وشائع ، بينما حثت جميع الشرائع السماوية والوضعية والمواثيق الدولية والدستورية والعرفية على رعاية فلذات الاكباد ومراعاتهم الرعاية التامة معهم، وكما قال الشاعر في مفهوم تقريبي للحالة الانسانية التي تعتمر جميع الناس عدا الشواذ منهم (اولادنا اكبادنا تمشي على الارض )، و اسباب ذلك عدة منها العائلية كالتفكك الاسري وعدم الانسجام المطلوب بين الابوين مايؤدي الى تشرذم العائلة وعدم حصول الاطفال على الرعاية الكافية فضلا عن معاملتهم المعاملة القاسية (التعنيف الشديد) او التي تؤدي الى العوق النفسي والجسدي والى الوفاة في بعض الحالات فضلا عن امور اخرى كتعاطي رب الاسرة المواد الكحولية والحبوب المخدرة والمؤثرات العقلية المهلوسة ، يضاف الى ذلك الحالة المادية والبطالة والفقر المدقع لرب العائلة والعيش تحت مستوى الفقر ولكن : كان العراق من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989. لكنه شهد ارتفاعاً كبيراً في معدلات العنف ضد الأطفال بعد التغيير النيساني المزلزل و ماصاحب ذلك من ظروف الفوضى الخلاقة الشاملة التي ضربت المشهد العراقي ككل ، ناهيك عن عدم تطبيق القوانين اللازمة لضبط ايقاع المجتمع والاسرة وايضا الأزمات السياسية والأمنية التي مرّ بها البلد، فقد عالج قانون العقوبات العراقي رقم "111" لعام 1969 وقانون الأحداث لعام 1983 موضوع العنف بحق الأطفال ولكن بقيت تلك المعالجة قاصرة وهزيلة وغير مؤثرة ، فالشائع في العراق أن أسلوب تأديب الطفل من خلال ضربه أو معاقبته ، منتشرٌ داخل المجتمع منذ القدم ويخضع للأعراف الاسرية والسنن العشائرية وليس القانونية . وبخصوص عمالة الاطفال : تنص قوانين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق على معاقبة المتسبب في تشغيل الأطفال بعقوبة تتراوح بين الغرامة المالية وإيقاف التصريح لرب العمل، أو حتى إيقاف النشاط ، أما دوليا، فإن اتفاقية حقوق الطفل في المادة (32-1) فقد نصت : (تعترف الدول الأطراف بحق الأطفال في حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجّح أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي، وله تأثير سلبي على الرفاهية العاطفية للأطفال حيث ان اشراك الاطفال في العمل في سن مبكرة له تأثير عميق على الرفاهية العاطفية للأطفال وتسرق براءتهم) والمؤسف له ان الكثير من الاطفال لايوجد ملجأ لهم سوى الشوارع ومزاولة مهنة التسول حيث الضياع الاجتماعي الشامل ولنا بحث خاص في موضوع اولاد الشوارع والمتسولين وما اكثرهم في العراق ان شاء الله .
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر