بقلم:عباس الصباغ
بعد التغيير النيساني المزلزل اعتقدَ الكثير من العراقيين ـ انا واحد منهم ـ ان بلدهم سيكون في مصاف البلدان السعيدة والمحظوظة مثل ابي ظبي وكوالامبور او طوكيو ولم يدرْ في خَلدهم ان بلدهم (العراق) سيكون من اسوأ دول العالم الثالث من ناحية الشفافية والنزاهة بل ويُقرن مع أسوأ الدول التي لها باع طويل في هذا المجال ، ففي كل سنة تصدر منظمة الشفافية الدولية تقريرها المخزي المتضمن تصدّر العراق مع دول علمثالثية من الدرجة الثانية تقودها حكومات فاشستية فاسدة. فلم يعد الفاسدون واصحاب النفوس المريضة يكتفون بالمراتب المعقولة من الفساد ونهب اموال الفقراء وقوتهم كالآلاف والملايين ، بل صاروا يتطلعون الى اكثر من ذلك اي الى الملايين والتريليونات من العملة الصعبة وهي مبالغ خيالية وفلكية بالنسبة لشعب تعيش شرائح كبيرة منه تحت خط الفقر المسموح به عالميا ويعيش البعض الاخر تحت رحمة "فلاسين" الرعاية الاجتماعية والبعض الاخر يعيش على خط الكفاف وانتظار دراهم التقاعد بعد خدمة طويلة افنوا فيها زهرة شبابهم وصحتهم ،التريليون لوحده ليس رقما عاديا فهو يساوي الف مليار والمليار يساوي الف مليون وحاصل الضرب العملة بالمحلية الوطنية يساوي الكثير من الاموال . من هنا جاءت سرقة القرن بتبخّر مليارين ونصف المليون من المليار من امانات الضرائب لدى مصرف الرافدين وبحالة غير مسبوقة ربما تكشف عن عشرات الملفات الفاسدة في هذا المضمار او في غيره ، والادهى من هذا كله وربما ان هذا "التبخر" لم يحدث للمرة الاولى وهو ليس فريدا من نوعه او جنسه ، والله اعلم كم مرة حدث ومع وجود شبكات للمافيات المنظّمة تغذيها عوامل المحاصصة والمحسوبية هذه المرة شاءت "الصدفة " في كشف عملية التبخر التريليوني والله وحده يعلم اين تبخرت تلك الاموال المنهوبة من قوت الفقراء والكادحين (ولد الخايبة) مايدل على ان المال التائه يكون معرّضا للسرقة لامحال..ولكن ان يصل هذا المال الى تريليونات ومليارات لشعب يعيش على فلاسين ينتظرها كل شهر وماتجود به وزارة التجارة من "سلال" غذائية تكون ليست بذات الجودة المطلوبة يضاف الى كل ذلك الرداءة والنقص في خدمات البنى التحتية والخدمات الاساسية التي يعتمد عليها اي شعب في العالم . لمنع تكرار مثل هذه المهازل (وهي كثيرة ) يجب تدقيق جميع المعاملات و البيانات الختامية لأي وزارة بشكل ملزم وتفعيل دور الرقابة المالية التي يبدو انها قد ماتت سريريا وارتبطت عضويا بآليات المحاصصة والفساد الذي استشرى في جميع مفاصل الاداء الحكومي ، ومنه التستر على سرقة اموال ضخمة من قوت عباد الله تصل الى مرتبة التريليونات وليس الى الفلاسين او الدنانير كما كان في الماضي. والفقراء ليس لهم سوى الله .