تجاوزت اعمارهن السبعين عاما ورغم ذلك يجلسن كل عام في مواكبهن يخدمن زوار ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وجوههن تحكي قصص تعب حياة مضى عليها عقود من الزمن، متواضعات وخادمات للزوار، يطبخن ويخبزن ويقدمن الطعام والشاي والماء والفواكه، شربن حب الحسين (عليه السلام) من صدور امهاتهن ولبسن السواد حزنا على العترة الطاهرة وهن ما زالن يتعثرن بسيرهن، انهن سيدات اختصهن الله بالمشاركة في الخدمة الحسينية ولا يردن من هذه الخدمة الا "حسن الخاتمة".
تحدي الطغمة الفاسدة
كاظمية شنين من منطقة الطار (84 عاما) جلست في سقيفة من قصب تصنع الشاي والقهوة على الحطب ويحف بها ابنائها وبناتها واحفادها من كل جانب، قالت لوكالة نون الخبرية ان" علاقتي بالحسين ( عليه السلام) بدأت منذ خمسة وسبعون عاما حيث كانت امي وجدتي تصطحبني معها الى مجالس (القراية) النسائية في مناطق الطار، وتربيت على احياء الشعائر، وبعد ان اصبحت شابة كنت من النساء اللواتي يتحدين السلطات الغاشمة واقيم المجالس الحسينية في بيتي واتجول في البيوت التي تقيم مجالس العزاء رغم اننا نعلم ان السلطة الغاشمة تتربص بنا وتراقبنا، واتذكر اني كنت اساعد المجاهدين الماكثين في الاهوار واجهزهم بالغذاء لان ابن خالي معارضا للنظام ومطلوب القبض عليه فاخفيته في بيتي وانقذته من الاعتقال، وفي العقود الغابرة جمعت مواد غذائية واقمت العزاء واطحن للناس الحنطة لاساعدهم في اقامة الشعائر من الصباح الى الليل، وبعد سقوط النظام المباد وعودة الشعائر الحسينية سار الموالين من البصرة ومروا بمنطقة الطار وكانوا يعانون من الجوع والعطش والتعب لعدم وجود المواكب، فشمرنا نحن مجموعة عائلات من بيتنا واقربائنا ونصبنا موكبا على طريقهم وجلبنا ما تبقى من الحصص التموينية وقدمنا الخدمة للناس وآويناهم في بيتونا، وبكت وهي تقول لي الآن تسعة عشر عاما في الخدمة الحسينية ولا اريد من الله الا "حسن العاقبة".
خلية نحل
تعمل "ام جليل" كخلية نحل فتتنقل بين القاعة المصنوعة من القصب والمخصصة لاستراحة النساء، وبين "وجاغ الشاي" والتنور الطيني لتخبز وقدور الطبخ لتعد الطعام للسائرين الى مدينة الشهادة، فتشير سارة محمد لوكالة نون الخبرية الى تاريخها مع الخدمة الحسينية بالقول انني " ومنذ صغر سني عرفت الحسين وقضيته ومظلوميته وشاركت بالقرايات النسائية واداء الزيارات والشعائر ولبس السواد، وكانت امي تبيع وتشتري الدجاج وهي اول من اقام عزاء للحسين في منطقتنا، وتزوجت فاصبحنا انا وزوجي واطفالي خداما للحسين (عليه السلام)، وما ان حل العام 2003 وبدأ عهد جديد من حرية الشعائر فنصبا موكبا صغيرا بنيناه من القصب وجلبنا كيس طحين ووزعنا الخبز والماء والشاي والكعك، وتطورت الخدمة فقدمنا الطعام وانا امتلك بقرة في كل عام تلد وليدا فاقوم ببيعه واشترى به مواد غذائية متنوعة واطبخ الطعام للزائرين وتوسع الموكب وزادت خدماته فبنينا قاعة للرجال واخرى للنساء من القصب وفرشناها بالسجاد ونصبنا خيمة من القصب لتوزيع الكص ونستمر بتقديم الخدمة الحسينية لمدة عشرة ايام ويشاركني بالخدمة حوالي عشر نساء ويتخصص بالطبخ والخبز وفي نهاية المطاف لا ابغي من خدمتي هذه الا شفاعة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) و"حسن الخاتمة".
خدمة 19 عام
وقفت آليتي شفل متجاورة في منطقة الطار ووضع في (كيلتهما) الغميقة كميات كبيرة من الفاكهة والماء البارد ووقفت السيدة شلبة ضاحي قربهما تصيح على المشاية (تفضلوا يمه هاي الفاكهة وهذا الماي) سألنها عن خدمتها للحسين (عليه السلام) فقالت لوكالة نون الخبرية ان" علاقتنا بالحسين منذ نعومة اظفارها وتعلمتها من كل نساء العشيرة والمنطقة والسنين التي سبقت العام 2003 وسقوط النظام المباد لم تكن هناك مواكب خدمة ابدا بسبب الضغوط التي مارسها ازلام النظام المباد، واختصرت مشاركاتنا في القرايات والطبخ والزيارة، اما بعد العام 2003 فسارت اقدام الزائرين نحو كربلاء المقدسة، فسارعنا لتقديم الخدمة قبل نصب الجوادر ووزعنا الطعام الذي تشاركت بطبخه كل بيوت المنطقة ووزعنا الفواكهة والمعجنات والماء والشاي، وتطورت الخدمة حتى اصبحنا انا وبناتي وزوجات اولادي خادمات للزائرين نطبخ نهارا ونستضيف النساء للمبيت في بيوتنا ليلا، وسنة بعد سنة تزداد الخدمة ويزداد عدد الزوار ويزداد عدد المواكب ، وانا لا اريد من ربي الا ان انال "حسن العاقبة" وخدمتي للحسين (عليه السلام) هي جوازي للآخرة".
قاسم الحلفي ــ ذي قار
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- جاء من ديترويت الى كربلاء المقدسة.. طبيب اميركي تطوع لعلاج زوار الامام الحسين في الاربعينية
- تعرضوا للقتل والتشريد :عائلات موصلية تقيم موكبا حسينيا لخدمة زاور الاربعينية في كربلاء
- آوى النازحين والزائرين :موكب من واسط يقدم خدماته لزوار الحسين في كربلاء منذ (17) عاما