نساء كبيرات رغم مرضهن الا انهن يحرصن كل عام على خدمة "المشاية" منذ انطلاق مسيرة الزائرين من محافظة البصرة الى ذهاب آخر زائر، اسسن مواكب صغيرة من خيم او كشك محدود المساحة، وحشدن اولادهن وبناتهن وزوجات ابنائهن وبيوتهن لاطعام الزائرين ومبيت النساء والرجال، يبحثن عن رضا الله ونصرة ابي عبد الله (عليه السلام) في مناسبة يدمى لها القلب، حين عادت العقيلة زينب والسجاد العليل والسبايا من النساء والرجال ليقمن اول مجلس عزاء على ابي عبد الله واخوته وابنائه واصحابه واقاربه.
كشك ام غازي
تقول السيدة " ام غازي" من منطقة الماجدية في البصرة لوكالة نون الخبرية ان" خدمتي قديمة ومنذ كان النظام المباد يحاربها، حيث كنت اجلس بمفردي على الشارع واوزع "جواريب" على النساء والرجال الذين كانوا يمشون الى مناطق محددة في الاربعينية بالخفية وبحذر بين البساتين والمزارع، وكنت احضر عشر ايام مجالس العزاء الحسيني النسائية في بيوت الاقارب والجيران، واقيم مجلس عزاء العاشر من محرم في بيتي، وساهمت في تربية ابنائي وبناتي الخمسة واحفادي على حب الحسين من خلال تعليمهم على الصلاة والحجاب والقضية الحسينية واقامت الشعائر، وعند انطلاق المسيرة الراجلة من البصرة قررت ان اخدم الزوار لكن من الصعب ان اجلس في العراق امام عيون المارة، فطلبت من حداد صناعة "كشك" ووضعت فيه خزان ماء ومعدات تقديم الطعام مثل البيض والشوربة واللبلبي والباقلاء بعد طبخه في بيتي عن طريق بناتي وزوجة ابني، وطورت خدمتي من خلال جلب طباخ غازي و"ترامس" الماء وكراسي وطبخ الطعام في الكشك بدل جلبه من البيت، واستمر بالخدمة من السابع والعشرين من محرم الى السابع من صفر ذكرى استشهاد الامام الحسن المجتبى (عليه السلام)، واشارك في "سلفة" ويساهم ابنائي معي فاجمع المبالغ للانفاق على الموكب".
سياح ام سلمان
منذ عشرون عاما تقف السيدة ام سلمان في موكبها بمنطقة الماجدية لتقدم السياح والبيض صباحا للزوار وتقول لوكالة نون الخبرية ان" الموكب بدأ بتأجير خيمة بمبلغ (70 ــ 80) الف دينار في نفس المكان وقدمت وجبة الفطور الصباحي يوميا مثل السياح والبيض والحليب والشاي والمخلمة، كما اقدم وجبتي الغداء ظهرا والعشاء للمن يبيت عندنا، وبعد زيادة عدد الزوار وتوسع الخدمة اشتريت خيمة "جادر" ونصبتها في الاعوام اللاحقة، وكانت وجبات الطعام تطبخ في البيت وتقدم في الموكب، واستهلك حوالي (5 ــ 6) اكياس طحين تمن لصنع السياح للزائرين، وكان بيتنا حتى في حقبة البعث المقبور منبرا حسينيا حيث يقيم زوجي مجالس عزاء ومحاضرات للرجال واقيم انا مجالس عزاء للنساء خاصة في يوم العاشر من المحرم، وكنت اعد الطعام واذبح مجموعة من الديوك حسب حالتي المادية، ثم قمت بجمع المبالغ لأذبح خروف او اكثر في محرم لاطعام الحاضرين في المجالس والجيران، وبعد زوال الطاغية شاركت بالمشي من البصرة الى كربلاء المقدسة لمدة ستة سنوات، وبعد سنوات عانيت من الامراض ولم يعد باستطاعتي السير لهذه المسافة، فقمت بالسفر بالسيارة الى قضاء القاسم في محافظة بابل ومنها اسير الى كربلاء المقدسة، وانفق على الموكب من اموال اجمعها خلال السنة في صندوق " ابو الفضل العباس"، ومبالغ اخرى يتبرع بها اشخاص يريدون الاجر والثواب، وفي بيتي يبيت الناس والرجال بأمكنة منعزلة ويشرف على خدمتهن ابنائي وزوجاتهم وبناتي".
عجوز مقعدة
جلست "هاشمية شعلان عبد الله" البالغة من العمر (71) عاما في موكبها على طريق المشاية بمنطقة الماجدية بمحافظة البصرة تعطي الاوامر للخادمات معها في الموكب لتقديم افضل الخدمات للمشاية لانها مريضة ومقعدة ولا تقوى على السير وتقول لوكالة نون الخبرية" اقترح علي زوجي نصب موكب على الشارع العام بعد العام (2004) ويهدى ثواب خدمتها الى السيدة رقية (عليها السلام)، وكانت حالتنا المادية ضعيفة ولكن رغم ذلك نصبنا الموكب واستخدمت مواد الحصة التموينية في تقديم الطعام للناس، لان عدد المشاية كبير واعداد المواكب قليلة ويحتاجون الى الطعام والشراب والمنام، وساعدنا احد ابناء المنطقة ومنحنا خيمة لننصبها ونعيدها اليه بعد انتهاء مرور الزائرين، لانه بعدها كان ينصبه في محافظة المثنى، وبدأنا خدمتنا بتقديم وجبة واحدة هي عبارة عن "لفات الفلافل" مع الشاي والماء، ثم توسعت الخدمة بعد سنوات والزخم البشري الكبير، حيث قام الكثير من اهالي المنطقة بالتبرع بالمواد العينية او الاموال للموكب طلبا للاجر والثواب، وزدت الوجبات الى فطور صباحي وغداء، ولكن بعد مدة توفى زوجي الذي كان سندا لي بالخدمة في العام (2019)، فساعدني ولدي وابنائه بدلا عن ابيه، وسخرنا بيتي وبيت ابني للطبخ والمبيت ،وخيمة الموكب للإطعام وتقديم الخدمة وساعدني اولادي وزوجاتهم واحفادي بالعمل، وبعد (18) سنة من العمل نقدم الان الفطور والغداء للمشاية والعشاء لمن يبيت عندنا، كما خصصنا خدمة خاصة للنساء ورعاية الاطفال الصغار والرضع للتخفيف عن الامهات فقوم بغسلهم وتحفيضهم واطعامهم بالحليب".
قاسم الحلفي ــ البصرة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- يجريها فريق طبي عالمي مكون من (24) متخصص.. قلب الطفل "ايمن" من كركوك يعالج في مستشفى زين العابدين الجراحي
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)