- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تأثير التظاهرات على الاقتصاد العراقي
بقلم: د. بلال الخليفة
ان الاقتصاد مرتبط ارتباط وثيق بالسياسية والوضع الأمني العام للعراق ولجميع العالم، وأصبح الامر واضح جدا كيف ان الوضع الأمني في مكان ما من العام يؤثر على الجميع في الازمة الأوكرانية التي رفعت من أسعار برميل النفط من 70 دولار للبرميل الواحد لخام برنت الى أكثر من 100 دولار ووصل في بعض الأحيان الى 120 دولار.
ان الاضطرابات التي شهدها العراق مؤخرا وخصوصا دخول المتظاهرين لبنايات السلطات الثلاث وكان الأشد هو دخولهم لمبنى قصر الجمهوري الذي يمثل السلطة التنفيذية والتي تمثل العصب المحرك لكل الدولة العراقية، للعلم ان الحكومة هي حكومة تصريف اعمال الأمور اليومية حسب المادة 64 على ثانيا من الدستور العراقي أي ان تعليقها يمثل توقف في تمشية الأمور اليومية.
ان انعكاس ذلك كان كبير ولنأتي على البعض منها:
1 – الوضع الاقتصادي للمواطن:
اننا جميعا عشنا حالة من الذعر والخوف من نقص الأمور الاحتياجات الغذائية اليومية ومنها الخبز والطحين وغيرها من المواد الغذائية، حتى الخضار شهد أيضا كثافة في الشراء. رغم ان الأمور الأخرى لا تقل أهمية عن الغذاء مثل الادوية والامن التي نسيها المواطن مقابل النقص في الغذاء. وبالتالي ان المواد الغذائية ارتفعت حال حصول اضطراب بالوضع العام.
اما الموظفين فأولئك كان الخوف مضاعف وهو انهم يعتمدون على الراتب الشهري وان تعليق مجلس الوزراء لمهامه والاضطراب الأمني الذي يمنع المصارف من أداء عملهم خشية السطو، جعلهم خائفين من عدم الحصول على الرواتب والخوف من المجهول المصحوب بنقص الأموال.
2 – الاستثمار الأجنبي
الوضع العام بعد 2003 كان غير مشجع نوعا ما للشركات الأجنبية للدخول في اعمال استثمارية داخل العراق ولأسباب كثيرة، أحد تلك الأسباب هو الوضع الأمني الهش وكما يعلم الجميع ان راس المال جبان أي من غير الممكن ان يدخل باستثمارات كبيرة وهو غير ضامن من حدوث ابتزاز من اقتصاديات الأحزاب او انفجار الوضع الأمني في أي لحظة كما حصل قبل يومين. وبالتالي ان التظاهرات سوف تزيد من تلك المخاوف وستبعد الاستثمار الخارجي بشكل كبير جدا جدا.
3 – الشركات الأجنبية النفطية في العراق
أ – ان الشركات الأجنبية العاملة في العراق جميعها تتعاقد مع شركات امنية لحماية موظفيها والعاملين معهم وخصوصا الغربية فإنها تعتمد على الشركات الأمنية الغربية لكي تضمن سلامة موظفيها وبالتالي سيرتفع أسعار التعاقد لان الوضع الهش يجعل الشركات الأمنية تطلب أموال أكثر.
ب – لاحظنا في الأعوام الأخيرة انسحاب بعض الشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي وكانت شركة شيل أولى الشركات المنسحبة وحيث كانت عاملة في حقل مجنون جنوب العراق وتبعها شركة اوكسيدنتال الامريكية، حتى شركة بي بي البريطانية كانت على وشك الانسحاب والأسباب كثيرة التي دعتها لذلك وكان أحد تلك الأسباب هو هشاشة الوضع الأمني، وهذا يعني ان الجو العام الان سيعجل بانسحاب لشركات أخرى من العراق.
ج – ان كلفة برميل النفط العراقي عادة ما كان من الكلف البسيطة مقارنة بغيرها من الحقول في العالم وان كلفة البرميل تعتمد على عدة أمور منها عمق مستوى الحفر والطبيعة الجغرافية للحقل وكذلك على أمور ثانوية منها الأمنية وهذا يعني ان الاضطرابات ستزيد من كلفة انتاج البرميل بالعراق.
د – ان هشاشة الوضع الأمني لا يشجع بجلب المزيد من المتعاقدين للعمل في القطاع النفطي وقد يؤخر او يعرقل عملية انتاج النفط وان العراق يعتمد بنسبة تصل الى 95 % من الإيرادات العامة على الإيرادات النفطية لتغطية فقرات الانفاق في الموازنة العامة الاتحادية.
4 – السوق النفطي العالمي
ان الاحداث العالمية مرتبطة مع بعضها البعض وان أي اضطراب في أحد اهم مصادر الطاقة في العالم سيؤدي مخاوف المستهلكين العاميين وخصوصا ان العالم مقبل على موسم الشتاء والذي يحتاج الى طاقة أكبر. اما طريقة تأثيرها على العراق، فان وزارة النفط عادة ما تبحث عن زبون دائم يشترى النفط العراقي، وان الاضطرابات ستفقد ثقة المشتري في الاستمرار بتزويدهم بالنفط وبالتالي قد يخسر العراق زبائنه ان استمر الوضع بالاضطراب.
خلاصة ذلك ان تأثير التظاهرات سيء جدا على الوضع الاقتصادي عموما وعلى القطاع النفطي خصوصا بعد توجه المتظاهرين لبعض الحقول النفطية والتي يعمل فيها شركا اجنبية كحقل الاحدب او حقول ميسان ولذلك يجب ان تكون الصراعات السياسية بعيدة عن النفط لأنه يعني قوت المواطن وان خسارة هذا القطاع سيدخل العراق بأجواء مقاربة لأيام الحصار الاقتصادي قبل عام 2003 ومجاعة الشعب.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى