بقلم: منقذ داغر
يبدو أن الوزيرالمستقيل السيد علي علاوي من المعجبين بسلسلة أفلام ومسلسلات "زومبي". ففي الصفحة الثامنة من رسالة أستقالته الطويلة يصنف السيد علاوي العراق ضمن دول "الزومبي"! وبما أني لا أتابع أفلام السحر والخيال فقد رجعت الى المصادر التي تتحدث عن هذه الشخصية فوجدتها كائن خرافي أخترعه أحد كتاب الأفلام عام 1968، عبارة عن شخص ميت يتم أحيائه بقوى سحرية فيصبح ميت-حي، ويتميز بكونه منزوع الأرادة، يعيش على الدماء التي يمتصها من البشر ويحب الظلام ولا يموت الا عند ضربه على رأسه !
هنا لا بد من رفع القبعة للسيد علاوي لأن العراق يبدو حالة مثالية للزومبية المستشرية في كل مفاصله.
كانت رسالة السيد علاوي هذه فاضحة بكل معنى الكلمة، ليس لأنها جاءت بجديد، فالكل يعلم بمعظم ما ورد فيها، ولا لأنها صدرت عن وزير مختص، فكثير من الوزراء والمسؤولين السابقين وبخاصة قبل كل أنتخابات يفيضون بالتحدث عن الفساد المستشري ويعلنون مسؤوليتهم ويطلبون من الشعب المغفرة والنسيان.
لقد كانت فاضحة من باب ما قاله النحوي أبن عقيل القرشي قبل ثمان قرون بأن "توضيح الواضحات، من الفاضحات".
أعتماداً على هذه الرسالة وتماهياً مع الظاهرة الزومبية، فأن دولة العراق تتميز بالآتي:
1. دولة الميت-الحي. فدولة العراق بكل المقاييس السياسية والأقتصادية دولة ميتة يتم الأبقاء عليها حية بواسطة تحالف ريع النفط، مع السلاح الفرط وأحزاب اللفط! أن دولة بالمواصفات التي ذُكرت في الصفحتين الثامنة والتاسعة من الأستقالة يمكن وصفها بأي شيء سوى وصف دولة. فالداء فيها بدل الدال، والوااااو فيها بدل الواو، واللاء فيها بدل اللام، والتيه فيها بدل التاء.
2. دولة منزوعة الأرادة. طبقا لروسو فأن أساس أي عقد أجتماعي هو وجود أرادة عامة حرة. وطبقا لرسالة علاوي فأن الأرادة العامة للشعب العراقي قد جرى أختطافها من قبل القابضين على السلطة من الأحزاب السياسية الكبرى وحلفاؤهم ممن وصفهم في ص 6 بأنهم "شبكات سرية واسعة من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والسياسيين وموظفي الدولة الفاسدين". وفي ظل أختطاف الأرادة العامة وأحتكار الأرادة "الخاصة" للسلطة يصعب الحديث عن شيء أسمه دولة.
3. دولة الظلام. ذاك ليس فقط لأن كبار السياسيين ومتخذي القرار فيها يبدأ يومهم بعد الظهر، ويعقدون صفقاتهم في الليل وينامون في النهار كالخفافيش التي أنتجت "الزومبي"، بل لأن الأرادة الخاصة لثالوث الفساد (المال والسلاح والأحزاب النافذة) تعمل، كما وصفتها الرسالة "في الظل للسيطرة على قطاعات كاملة من الأقتصاد وتسحب مليارات من الدولارات من الخزينة العامة في ظل حماية الأحزاب الكبرى والبرلمان"!
أن دولة بهذه المواصفات لا تستحق سوى وصفها بالدولة "الزومبية". ومثلما تؤكد أسطورة الزومبي أنه لا يمكن التخلص منه نهائياً الا بضربه على الرأس، فأن الوسيلة الوحيدة للقضاء على الدولة الزومبية التي تمتص دماء العراقيين ومؤسساتهم العامة هي الضرب على رأسها رباعي الأبعاد: أقتصاد النفط، والسلاح الفرط، وأحزاب اللفط، وموظفي الشفط.
أما الأكتفاء، كما يحصل حالياً، بملاحقة البعوض الذي يمص دماء العراقيين والسكوت عن الزومبيات المرعبين فلن يؤدي ألا الى المطالبة بتضمين علمنا، المختلف عليه، ونشيدنا الوطني غير المتفق عليه عبارات تشير الى أننا صرنا رسمياً "دولة العراق الزومبية". ولا حول ولا قوة ألا بالله.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي