كشفت وزارة الخارجية العراقية عن فحوى اتفاق بين النظام السابق والجانب التركي يسمح للأخير بدخول الأراضي العراقية، مبينة أن الانتهاكات الحالية تأتي خلافاً لهذا الاتفاق الذي ورد في محضر اجتماع عقد قبل العام 2003، مؤكدة أن هذه العمليات العسكرية الأخيرة لم تكن بتنسيق بين الطرفين. يأتي ذلك في وقت، أفاد عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني بأن القوات التركية دخلت في الأراضي العراقية بعمق 200 كيلومتر، وعده احتلالاً يستدعي من الكتل السياسية التوحد واتخاذ موقف مناسب ازاءه.
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن البدء بهجوم بري وجوي يستهدف مواقع لحزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، إن "وزير الخارجية فؤاد حسين حضر بمعيته الطاقم المتقدم في الوزارة إلى مجلس النواب أمس الأول في جلسة شهدت طرح مجموعة أسئلة تتمحور بشأن الإجراءات المتخذة ضد انتهاكات على السيادة العراقية من بعض دول الجوار، بالتحديد إيران وتركيا".
وأضاف الصحاف، أن "وزير الخارجية عرض جملة من التصورات ذات البعد التاريخي عن الانتهاكات التركية للأراضي العراقية ومر في حديثه على تحول وتواجد حزب العمال الكردستاني منذ عام 1984".
وأوضح، أن "الحديث عن وجود اتفاقية مع تركيا بشأن تواجد قواتها على الأراضي العراقية غير صحيح ولا يوجد مثل هكذا اتفاق"، مبيناً، أن "هذا التصريح ادلينا به أكثر من مرة ونكرّره اليوم بأنه لا يوجد اتفاق أو مذكرة تفاهم تجيز للقوات التركية الدخول في الأراضي العراقية".
وذكر الصحاف، أن "الاتفاقيات بين الدول لها شكليات معينة، وتصدر بقانون من السلطة التشريعية، ممثلة بمجلس النواب".
ويسترسل، أن "البرلمان العراقي أصدر قراراً في العام 2009 أشار فيه ايضاً إلى عدم وجود اتفاقية بهذا الصدد، بل أنه نسخ جميع التفاهمات السابقة قبل عام 2003 التي كانت تجيز للجانب التركي الدخول لأراضينا".
ولفت الصحاف، إلى "وجود محضر اجتماع بين العراق وتركيا قبل عام 2003 يسمح للأخيرة بدخول قواتها إلى عمق 5 كيلو مترات داخل أراضينا لأيام محدودة لتحييد حزب العمال الكردستاني، والقيام ببعض العمليات بالتنسيق مع الحكومة العراقية".
وأورد، ان "ما يحدث حالياً هو سلسلة من الانتهاكات المتكرّرة للجانب التركي التي لا سند لها من القانون سواء على صعيد الاتفاقات أو مذكرات التفاهم أو أي تنسيق مشترك".
ونوه الصحاف، إلى أن "الجانب التركي يتذرع بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بما تنص على مبدأ الدفاع عن النفس، حيث يرى أن في ذلك أولوية للحفاظ على أمنه القومي".
وبيّن، ان "العراق يعتبر تلك العمليات داخل أراضيه عدائية وأحادية الجانب وتمثل انتهاكاً سافراً للسيادة وخرقاً واضحاً لمبادئ حسن الجوار".
وشدّد الصحاف، على أن "جميع تلك الانتهاكات تم بحثها مع الجانب التركي طيلة سنوات مضت، وقد أشعرنا مجلس النواب بجميع ما يمكن للعراق أن يتخذه في مواجهة هذا الانتهاك".
وأفاد، بأن "الواقع يضعنا أمام تعريف واحد، مضمونه أن أي دخول للقوات التركية وتواجد لها في الأراضي العراقية لا يستند إلى تفاهم سابق مع الحكومة، بل أنه يمثل تعدياً واضحاً على البلاد، ويؤدي إلى إلحاق الأذى والرعب بالمواطنين".
وأردف الصحاف، أن "القواعد الإجرائية لوزارة الخارجية هي دبلوماسية محضة، تتمثل بتسليم مذكرات احتجاج إلى السفير التركي وهو إجراء اتخذناه مؤخراً، وإدانة واستنكار واضح، وقد فعلنا ذلك".
ويسترسل، أن "العراق وفي كل مرة يوثق الخروق ويذهب بها إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة". وشدّد الصحاف، على أن "الوزارة ناقشت مع البرلمان أسلوب الرد والخيارات سواء كانت على صعيد القوة الخشنة المتمثلة بالرد العسكري ومدى مصلحة العراق في اتخاذ هذا الطريق، أو اللجوء إلى الإجراءات الأخرى المتمثلة بالحوارات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والتجارية".
ويجد، أن "الموضوع برمته بحاجة إلى إرادة سياسية واضحة من قبل مجلس النواب والحكومة العراقية وكذلك وزارة الخارجية بوصفها الذراع التنفيذي بقدر تعلق الأمر بالمسار الدبلوماسي".
وزاد الصحاف، أن "وزارة الخارجية تجد أنه في الحل السياسي والمسار الدبلوماسي سبيلين من شأنهما أن يكفلا نتائج تعزز المصالح المشتركة بين البلدين".
وأردف، ان "النقاش مع مجلس النواب تطرق ايضاً إلى القصف الصاروخي الإيراني على أربيل، والوزارة تنظر إلى الخروق بعين واحدة، وملف السيادة لا يمكن تجزئته، وعلينا اعتماد ذات القواعد الإجرائية التي نتخذها في كل مرة".
ومضى الصحاف، إلى أن "إيران تدعي بوجود جهات استخبارية اجنبية بمواقع في اربيل، والعراق يرى أن هذه الادعاءات غير موضوعية، والقصف الذي جرى يمثل انتهاكاً للسيادة، واتخذ إجراءات تتمثل بإصدار بيان استنكار شديد اللهجة ومذكرة احتجاج سلمت إلى السفير الإيراني في بغداد".
من جانبه، ذكر عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، أن "الصراع السياسي الحالي وتأخر تشكيل الحكومة عوامل أدت إلى عدم التعامل بجدية مع الخروق التركية للأراضي العراقية".
وتابع السورجي، أن "القوات التركية انتهكت جميع المواثيق ودخلت بعمق 200 كيلومتر، على خلاف الاتفاق الذي كان مع النظام السابق الذي سمح لها بالتوغل لعدة كيلومترات بهدف دفع الخطر عنها".
وشدد، على "ضرورة أن تتوافق الكتل السياسية لوقف تلك التجاوزات التي تمثل احتلالاً واضحاً للأراضي العراقية، والحفاظ على السيادة الوطنية، وكذلك الحال بالنسبة للانتهاكات الإيرانية".
ويزعم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن عملية "قفل المخلب" التي أطلقتها القوات التركية لملاحقة عناصر تنظيم "حزب العمال" الكردستاني شمالي العراق تجري وفق القانون الدولي.
وقال أردوغان، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، إن "تركيا تواصل عملياتها في الخارج، انطلاقا من إيمانها بأن أمنها يبدأ من خارج حدودها، وأنها ستواصل عملياتها لحين إحكام سيطرتها على حدودها الجنوبية بشكل تام بحيث لا يتمكن أي أحد من التسلل إلى البلاد أو الهروب منها"، وفقا لوكالة "الأناضول"
وأضاف أن "العملية شأنها شـأن العمليات الأخرى لتركيا، تجري بما يتماشى مع القانون الدولي بشكل تام، انطلاقا من ميثاق الأمم المتحدة وصولا إلى الاتفاقيات الثنائية مع جيرانها".
وتابع، ان "تركيا تحرص كل الحرص على عدم تضرر أي مدني أو أي إرث ثقافي خلال العملية، وأنها لم تتعرض لأي اتهامات من هذا القبيل حتى اليوم"، بحسب قوله.
وختم قوله، ان "تركيا تمتلك القوة والإرادة والحزم اللازم لضمان أمنها بنفسها، وأنها لن تسمح بإقامة ممر إرهابي على حدودها الجنوبية.. أود أن أذكر مرة أخرى بأننا سنحبط هذا المخطط القذر والدموي عاجلا أم آجلا"، بحسب زعمه.
وأطلقت تركيا عملية "قفل المخلب" ضد عناصر "حزب العمال الكردستاني" في مناطق متينا وزاب وأفشين - باسيان شمالي العراق.
أقرأ ايضاً
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- السياسيون يتبارون بـ"التسريبات".. والحكومة تشكو "الاستهداف"