بقلم:علاء حيدر السلامي
ما سمعناه ونُقِل لنا او لربما عاصرناه ، كان للاب سلطة مركزية مطلقة تعد كحالة عامة في الاعم الاغلب بين العوائل العراقية تبدا من ابسط السلوكيات ، من لحظة استيقاظه صباحا ومزاولة عمله وحتى عودته للمنزل واستقباله من قبل الزوجة والاولاد ، وجلوسه في احيان معينة بين عائلته وكلامه المسموع جدا بدون ان يتجرأ احد على مناقشته حتى وان كانت من الامور الخاصة والشخصية بهم ، وهذا لم يأت من فراغ بل جاء نتيجة موروث تجلى في أسباب عدة ، منها اجتماعي كان يعطي للأب دور القيادة واتخاذ القرارات الهامة في الأسرة ، ومنها وهو الاهم ، ديني، يعزز هذا الدور، حيث كان احترام الأب وطاعته واجبًا دينيًا واخلاقيا ، كونه يحمل المسؤولية الرئيسية عن العائلة ورعايتها وتوجيهها ، على النقيض من ذلك لربما في البعض الاكثر من العوائل وما نعيشه اليوم يختلف الى حد كبير عن السابق ، فتغير وضع الاب ليس على النطاق العام بل في جوانب عدة ، تراجعت من خلاله سلطته المركزية ، على ان هذا الامر لربما يعود لأسباب اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية، حيث بدأت العوائل تتبنى نماذج مجتمعية أكثر تحولًا ، زاد من خلالها مشاركة المرأة في سوق العمل والتعليم ، وتبني بعض السلوكيات المستوردة ، وتشريع بعض القوانين وغيرها من الامور والاسباب أدت الى توزيع السلطة بين أفراد الأسرة الواحدة مما قلل التبعية الكاملة للأب في اتخاذ القرارات والادارة الشاملة لشؤون المنزل.
على ان لكلا الحالتين محاسن ومساوئ ، ففي محاسن الاولى كان هناك نوع من الاستقرار التنظيمي داخل الأسرة الواحدة لينعكس على المجتمع ، حيث كان للأب دور قيادي في اتخاذ القرارات وتوجيه اسرته نحو السلوك المتوارث ليحقق الى حد كبير توازنا معنويا كونه ربان السفينة والمسؤول عن مسارها ، اما في مساوئها فان السلطة المطلقة للاب تتسبب في تقييد حرية الافراد وتقليل فرصهم في اتخاذ القرارات وتحقيق طموحاتهم الشخصية ، كما أنها قد تؤدي إلى تفاقم النزاعات الأسرية في حالة تعارض الرؤى والرغبات بين الأفراد وسلطة الأب ، وتؤثر على التطور الاجتماعي والثقافي للأسرة بشكل عام وبالتالي المجتمع ، كونها تحد من فرص التفاعل الحر بين أفراد الأسرة وتبادل الأفكار والآراء.
اما في محاسن الحالة الثانية فيكمن في تقوية التفاعل والشراكة بين أفراد الأسرة في اتخاذ القرارات، مما يؤدي إلى تعزيز الديمقراطية الداخلية وشعور الجميع لاسيما الزوجة والاولاد بالمشاركة والمسؤولية ، كما يمكن أن يؤدي الى تحفيز الابتكار والإبداع وبالتالي التطور المجتمعي والثقافي.
أما من مساوئ هذه الحالة فان تقليل السلطة المركزية للأب سيؤدي إلى فقدان بعض الاستقرار والتنظيم داخل الأسرة، لاسيما إذا لم يتم التوصل إلى توازن مناسب في توزيع السلطة والمسؤوليات كما قد ينشأ بعض التوترات والنزاعات نتيجة عدم وجود شخصية تتحمل مسؤولية اتخاذ القرارات.
ان التوازن بين كلا الحالتين من خلال الوقوف على سلبيات تم ذكرها ولم تذكر ودعم الايجابيات سيؤدي حتما الى اخذ الادوار الحقيقية لجميع افراد الاسرة خاصة الاب باعتباره القاعدة الرئيسية التي ينطلق منها بناء اي اسرة فان كانت رصينة ومتزنة سيخلق بمساعدة الام اسرة متوازنة وبالتالي مجتمع سليم على ان هذا الامر ليس من السهل بمكان مالم تجتمع به عدة عناصر منها ، تربوي ومادي ، لان كلا الحالتين السابقتين لا يؤدي الى بناء اسرة متوازنة نفسيا وفكريا ، مما يؤثر سلبا على بنية المجتمع مهما كان لكل من الحالتين من محاسن..
أقرأ ايضاً
- الابعاد الاستراتيجية لتطوير تشريعات الاحوال الشخصية
- فوضى التصريحات والابتزاز السياسي
- سيكون رد الجبناء قصف الابرياء