- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
توازن القوى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
بقلم: د. بلال فالح صيهود
الجزء الأول: توازن السلطات
ان التوازن بين السلطات ضروري جدا ويمنح الاستقرار للأنظمة البرلمانية لأنه ضمانه عدم الاجحاف في التفرد باستخدام الصلاحيات، رأينا يوم أمس ان الدكتور فائق زيدان رئيس السلطة القضائية قد وضع أصبعه على جرح مهم وأشار الى نقطة جوهرية وهي التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
1 – سلطة مجلس النواب على الحكومة
ان المادة (61) من الدستور بينت لنا اختصاص مجلس النواب، وأشار في أولا الى تشريع القوانين الاتحادية (اختصاص تشريعي) وفي ثانيا أشار الدستور الى الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، يعني ان ل (سلطة رقابية)، بالإضافة الى مهامه الأخرى منها انتخاب رئيس الجمهورية والتصويت على رئيس الوزراء وكابينته الوزارية.
كما بينا أعلاه، ان من مهام مجلس النواب هو التصويت على رئيس مجلس الوزراء وكابينته الوزارية وبالأغلبية المطلقة (المادة 76/ رابعا) من الدستور، اما لإقالة رئيس المجلس او حسب تعبير الدستور هو سحب الثقة عن الكابينة الوزارية او أحد أعضائها يكون حسب المادة (61/ثامنا) من الدستور بالأغلبية المطلقة ويكون بطلب خمس عدد مجلس النواب وبعد استجواب رئيس المجلس وبعد سبع أيام على تقديم الطلب.
2 – سلطة الحكومة التنفيذية على مجلس النواب
المادة (64/أولا) من الدستور حددت الطرق التي يحل بها مجلس النواب وتكون عن طريقين الأول هو عن طريق مجلس النواب نفسه بطلب ثلث من أعضائه وبتصويت الأغلبية المطلقة لأعضائه، وهذا حدث في للدورة السابقة لمجلس النواب حيث صوت على حل نفسه في 7-10-2021. اما الطريق الثاني وهنا بيت القصيد وهو سلطة القوة التنفيذية على البرلمان وهو السلطة التشريعية فقد حددت المادة المذكورة انفا بان لرئيس مجلس الوزراء ان يطلب بحل مجلس النواب وبموافقة رئيس الجمهورية، بطلب يقدم الى مجلس النواب.
وهنا ترد عدة ملاحظات حول الامر:
1 – ان نهاية الفقرة أولا من المادة 64 من الدستور، وضعت شرطا وهو ان لا تكون الحكومة في اثناء تقديمها للطلب في مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء. والغاية هنا هي ان لا يتم التهرب من الاستجواب بالتخلص من مجلس النواب عن طريق حله.
2 – لم يشر الدستور الى حالة حكومة تصريف اعمال وهل لها الصلاحية في تقديم طلب حل مجلس النواب اما لا؟ اعتقد ان الإجابة بسيطة جدا وهذا ما جعل المشرع لم يضيف الملاحظة في الدستور وهي كالاتي:
أ- ان حكومة تصريف الاعمال لا تملك هذه الصلاحية لأنها حكومة تصريف اعمال وتعتبر مستقيلة بحكم الدستور وحسب المادة (64/ثانيا) وبالتالي تنحصر مهام الحكومة المستقيلة بمواصلة تصريف الأمور اليومية.
ب- ان حكومة تصريف الاعمال يجب ان تكون محصورة بأيام محدودة وفي حالة ان الحكومة أصبحت تصريف اعمال نتيجة سحب الثقة منها، فان فترة تصريفها للأعمال يجب ان لا تتجاوز ثلاثون (30) يوما وفقا الى المادة (61/ثامنا/3) من الدستور وبالتالي ان حل مجلس النواب يعني ان حكومة تصريف الاعمال (المستقيلة) ستبقى فترة طويله وهذا مخالف للدستور وكما اوضحنا سلفا.
الجزء الثاني: مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته
أشار الدكتور فائق زيدان رئيس السلطة القضائية الى نقطة مهمة ثانية وهي مدة بقاء رئيس الجمهورية في صلاحياته، حيث قال (يشهد الواقع السياسي العراقي مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيا/ب) من الدستور بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه في مدة اقصاها ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس ووجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية)
اما نص فترة صلاحية رئيس الجمهورية وحسب الدستور في المادة (72/ثانيا/ب) فقد نصت الاتي:
(يستمر رئيس الجمهورية مهماته الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس)
من خلال النص الدستوري يتبين لنا ان صلاحيات رئيس الجمهورية تنتهي بعد ثلاثين يوما من انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب والتي يفترض منها ان يكون قد تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وخلاف ذلك يعني مخالفة دستورية ولا صلاحية لرئيس الجمهورية، لكن المحكمة الاتحادية رات خلاف ذلك ومددت صلاحية رئيس الجمهورية، صلاحية استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته لحين انتخاب رئيس جديد بموجب القرار الصادر بتاريخ (13/2/2022) بالرقم (17/اتحادية/2022).
الخلاصة
1 – عدم وجود توازن قوى بين السلطتين وهذا ما أشار الية الدكتور رئيس السلطة القضائية، لان المجلس يستطيع حل الكابينة الوزارية في حال مخالفتها للدستور ولكن مجلس الوزراء لا يستطيع حل مجلس النواب لان الطريق الثاني الذي أشار اليه الدستور هو أيضا يرجع الى النواب وتصويت ثلثين منه.
2 – ان إعطاء رئيس مجلس الوزراء بالاتفاق مع رئيس الجمهورية صلاحية حل البرلمان هو امر ببالغ الخطورة لان الرئيسين من الممكن ان يتفقا على امر قد تخلو المصلحة العامة منه لكن الامر يصعب في حالة البرلمان.
3 – ان مجلس النواب هم منتخبين بالمباشر من الشعب، اما رئيس مجلس الوزراء فهو غير منتخب من الشعب بل اختيار الكتلة الأكثر عددا (المادة 76/أولا) من الدستور واما رئيس الجمهورية فيتم انتخابه في البرلمان، وهذا يعني ان شخصين لم يتم انتخابهم من الشعب مباشرة يقيلون نواب تم انتخابهم من الشعب بشكل مباشر.
4 – ان قرار المحكمة الاتحادية بتمديد صلاحية رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جمهورية جديد وحسب راي رئيس السلطة القضائية هو حل للمخالفات الدستورية بعدم الالتزام بالتوقيتات الدستورية، لذلك نعيد اقتراحنا السابق الذي اقترحناه، وهو تعديل قانون المحكمة الاتحادية العليا بالتوسع في صلاحياتها وجعل صلاحياتها تفسيرية وعقابية لكل سلطة او احد أعضائها تقوم بخرق الدستور.
5 – تعديل الدستور وهذا اصعب الحلول وغير ممكن حالياً.
أقرأ ايضاً
- أزمة منصب رئيس السلطة التشريعية في بوصلة المرجعية
- الرياض والتوازن الدقيق
- عن السلطتين: الأولى والرابعة