عصام كاظم جري
يقفُ العراقُ في مقدمة الدول الغنية بالنفط، وبموارده الطبيعيّة الأخرى، لذا انتشار آفة البطالة بين صفوف الشباب يعد أمرا غريبا ولافتا للانتباه . بكل تأكيد أن استشراء هذه الآفة يقفُ خلفَها فساد الطبقة الحاكمة، وغياب الرؤية الصائبة في القرار والتخطيط والمنهج من جهة، وازدياد نسبة اعداد الخريجين من جهة أخرى، فضلا عن هشاشة الوضع الأمني والسياسي والاقتصاديّ. ولا يخفى على الجميع للبطالة آثار سلبية مباشرة تمس حياة المواطن والعائلة والمجتمع على حد سواء.
ومن الإجراءات الواجب على الحكومة تفعيلها للكشف عن مدى اهتمامها بفئة الشباب، هو قطع الطريق عن ظاهرة العمالة القادمة من الدول الأخرى بغية أن تتيح للشباب العراقي فرصة عمل تليق بهم، وكذلك إلغاء قانون تمديد الخدمة الوظيفية للبعض.
إن هذه الإجراءات وغيرها ستتيح فرصة إضافية للشباب العاطل، ومن الإجراءات الأخرى قطع الطريق عن تدفق بعض السلع المستوردة القادمة من الخارج التي أسهمت هي الأخرى بغلق أبواب المعامل والمصانع الوطنية، ولا ننسى أن زيادة فرص الجرائم والانحراف وزيادة تعاطي المخدرات وتفشي ظاهرة الطلاق بين الأزواج من مخرجات الفراغ والفقر والبطالة والفاقة والحاجة إلى المال، فالشباب قد يهربون من مشكلاتهم إلى المخدرات والإدمان وما شاكلهما.
ومن الاجراءات الاخرى أيضا للخلاص من ظاهرة آفة البطالة تخفيض رواتب ومخصصات وايفادات وامتيازات المسؤولين أصحاب الدرجات الخاصة، التي لا تتناسب تلك الامتيازات مع جهودهم وبالتالي يؤدي هذا الاستقطاع إلى توفير سيولة مالية، تسهم بشكل كبير في القضاء على الهدر بالمال العام، وتتيح الفرصة للخريجين الجدد للعثور على الوظائف بسهولة ويسر، وعلى الحكومة أن تكون جادة في فتح مكاتب عمل لكل الشباب العاطل وتفعيل مهمة وزارة التخطيط حول معرفة إحصائيات العاطلين وبصورة دقيقة، بغية أن يكون لدى الحكومة تصور جلي ودقيق عن الشباب العاطلين عن العمل،وكذلك تفعيل برنامج التّدريب والتأهيل وتوفير قروض لتأسيس المشاريع المتوسطة والصغيرة وبفوائد معقولة ومقبولة وبشروط ميسرة بدون “روتين” الدوائر المعاد الممل.
وقد جاء في بيانات رسمية أخيرة عن ارتفاع معدلات البطالة في العراق إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثين عاما، على الرغم من أن البلد يعدُّ في مقدمة الدول النفطية ويبدو أن الثروة النفطية الهائلة وارتفاع اسعار النفط بين الحين والآخر لن ولم يسهم في رفع مستوى حياة المواطنين، وحتما إن الحيثيات وراء هذا العجز هو سوء الإدارة والفساد المستشري، وآخر الإحصاءات تشير إلى مستوى البطالة في العراق بلغ (15 %) وهو المعدل الأعلى، وبالتالي يهدد هذا المستوى بتفاقم الحالة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنية والنفسية وغيرها، إن كلَّ هذا الفساد سببٌ كافٍ لعودة الاحتجاجات والتظاهرات من جديد وبالتالي تدخل البلاد في أزمة كبيرة. إن معالجة مشكلة البطالة ليست بالأمر المستحيل في بلد مثل العراق غني بالموارد والإمكانات والقدرات العقلية والاقتصادية، لكن لا يتم ذلك إلا بتفعيل الإرادة الوطنية والتخطيط المستقبلي.
أقرأ ايضاً
- اول حكومة تتبنى سياسة اقتصادية مماثلة لما طرحته للقضاء على البطالة
- الهدر التعليمي والكوادر الوسطية
- البطالة والتظاهرات وثورة الجياع