جلس قاسم الاسدي صاحب محل استنساخ المفاتيح في مساحة ضيقة تحيط به المفاتيح بانواعها المختلفة ومكائن قديمة وحديثة، و "كيلونات" ابواب خارجية و "كيلونات" قاصات، فقد مضى على عمله في هذه المهنة خمسة وعشرون عاما بلا كلل او ملل، لانه تعلمها وعشقها منذ صغره على يد خاله الذي يعد اقدم اسطة في هذه المهنة، واصبح فيما بعد اسطة تخرج من تحت يديه اسطوات، لم تعصى عليه قاصة او باب بيت او سيارة الا وفتحها، وخدماته متنوعة للزبائن، وبالقرب منه وقف ابن خالته يبرمج مفاتيح القاصات الحديثة وبصمات السيارات، فهم عائلة تعلموا ان يتحدوا الصعب بعملهم ويكتسبوا الخبرة من التعلم العملي دون دراسة او شهادة، انهم صناع المفاتيح في مدينة كربلاء المقدسة.
القديم والرصانة
يتحدث قاسم جواد مهدي الاسدي عن مهنته لوكالة نون الخبرية، بالقول "عملت في تلك المهنة منذ ربع قرن وتعلمتها من خالي عبد الامير النصراوي الذي يعد الان اقدم اسطه بهذه المهنة وقد مارسها منذ اكثر من ستون عاما وعلمنا انا واخوتي الخمسة واولاد خالتي، ودخلت الى المهنة وعمري 15 عاما وتعلمتها خلال سنين فقط، وخرجت من تحت يدي خمسة اسطوات وكانت المهنة تختلف عن ما موجود الآن لوجود مكائن ايطالية الصنع وهي ارقى انواع المكائن في تلك المهنة، ونوعيه المواد المستعملة في صنع المفاتيح رصينة ومتينة، وتعملت من خالي تحدي الصعاب واصلاح الكيلون وهو اصعب عملية وكانت مفاتيح ابواب البيوت تستنسخ ومفاتيح الغرف الداخلية تصنع باليد وغيرها تصب بقوالب واسعارها لا تتعدى (750) فلسا وارتفعت الى دينار والان يباع بالفي دينار، واهم ما يميز صناعة المفاتيح سابقا هو نوعية المعادن المستعملة مثل الستيل والنحاس، اما الان فاصبحت المواد الاولية صينية رديئة بل حتى المكائن اصبحت صينية وكفائتها قليلة، وتوجد حاليا معادن تركية افضل من غيرها".
ضوابط ونوعيات
يستمر الاسدي بالحديث بقوله "في تسعينيات القرن الماضي زادت حالات سرقة البيوت والسيارات فوضعت حينها ضوابط لاستنساخ المفاتيح فعند استنساخ مفتاح البيت تطلب هوية الاحوال المدنية وتسجل عندنا في سجل خاص، اما سويج السيارة فترفق نسخة من سنوية السيارة، حيث كانت مفاتيح السيارات بدون بصمة، ومن المكائن القديمة العريقة هي ماركة (سيلكا) التي صنعت في ستينيات القرن الماضي والتي تبقى لعقود تعمل وتوجد منها مكائن وكيلونات ومفاتيح واحتفظ بمكائن عندي منها لحد الآن لكنها تحتاج الى قطع غيار لا تتوفر حاليا، وكنا نصلح كيلونات السيارات والبيوت ونعيدها للعمل كونها من مناشيء عالمية رصينة اما ما موجود الان فهو تجاري ورديء"، ويضحك وهو يتذكر مواقف مرت به "حيث كان يصلح كيلونات الابواب وتعمل بشكل جيد عنده بالمحل وعندما يريد المواطن تركيبها في البيت لا تعمل، فيعود اليه وتعمل عنده، وبعدها يتبين ان الابواب رديئة، ولايستقر الكيلون فيها بشكل صحيح ليعمل".
سيارات وقاصات
هناك فرق كبير بين كيلون السيارة وابواب البيوت لان كيلون السيارة لا توجد به صجمات و "سبرنك" ويعمل باللّيط واصلاحه اصعب من اصلاح كليون الباب، وتعلمت اصلاحة منذ صباي، وكانت هذه المنطقة عبارة عن مرآب وتأتي السيارات امام باب المحل لاصلاح كيلوناتها بسعر دينار واحد للمفتاح وخمسة دنانير للكيلون، اما القاصات فكنا لا نبيعها بل نفتح اقفالها اذا فقدت المفاتيح عبر فتح فتحة صغيرة بالدريل ورفع ليطها لان موديلها كان من صنع ياباني وهو لا يتعطل مطلقا، او نستنسخ مفاتيحها التي تختلف عن غيرها حيث توجد فيه تفرعات كثيرة عن باقي المفاتيح.
بصمة وارقام سرية
اما زيد عبد الامير النصراوي فيحدد لوكالة نون الخبرية الاختلاف بين السابق والحالي في هذه المهنة بالتحول من الميكانيكي الى الالكتروني بقوله " كانت كل الابواب والمفاتيح تعمل بشكل ميكانيكي اما الآن فاصبحت القاصات وابواب الغرف في الفنادق والمباني المهمة تعمل بالارقام السرية والسيارات تعمل ببصمة فيها دوائر الكترونية لتوفير الامان ومنع السرقات عبر برامج الكترونية، ومثلا الان لا يمكن استنساخ مفتاح السيارة الحديثة الا بوجود السيارة لان العمل لا يتم الا ببرمجة البصمة على المفتاح، وهذه الانتقالة للحداثة حصلت عام 2008 وقد ولجنا الى هذه التقنيات اعمتادا على خبراتنا وامكانياتنا، وتمكنا من اصلاح اقفال الابواب الالكترونية وبصمات السيارت وافقال القاصات الالكترونية واعتمدنا في خبرتنا على خبرات والدي الذي يعد اقدم صانع اقفال في مدينة كربلاء المقدسة، وتعلمها من اسطوات ايرانيين كانوا يعملون في هذا السوق، وعلمني المهنة وعمري عشر سنوات وبدأت بكليون الكنتور البسيط وتدرجنا بالعمل حتى اصبحنا اسطوات واغلب اسطوات كربلاء تتلمذوا على يد والدي ويتذكر الاسعار القديمة للمفاتيح في العقد التسعيني بان مفتاح الدار كان يستنسخ بمئة دينار وسويج السيارة اعلى بقليل".
قاصات وماركات
الكراون الياباني والجار الانكليزي والدولفين العراقي ارقى انواع القاصات التي كانت تستورد وتصنع في العقود الماضية هكذا يفصل زيد النصراوي الامر حيث يصلحون مفاتيحها وفتح المغلقة منها، اما حاليا فعموم القاصات رديئة النوع لكن هذا لا يمنع من وجود نوعيات جيدة، بسبب عدم وجود التقييس والسيطرة النوعية والاستيراد العشوائي والذي تصدره النوع الصيني، فالقاصات يقتنيها سابقا التجار والصاغة والميسورين وكانت احجامها ثلاث انواع منها 70 سنتمتر ومتر و120 سنتمتر ، اما الان فعددها عشرين نوعا تقريبا منها قاصة وزنها خمسة كيلوغرامات وسعرها 50 الف دينار وقاصة وزنها خمسون كيلوغرام وسعرها 150 الف دينار او 180 الف دينار والنوع الجداري الذي يوضع داخل الجدران واسعارها تتراوح بين ( 75 ـ 100 ) الف دينار".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها
- جاء من ديترويت الى كربلاء المقدسة.. طبيب اميركي تطوع لعلاج زوار الامام الحسين في الاربعينية
- تعرضوا للقتل والتشريد :عائلات موصلية تقيم موكبا حسينيا لخدمة زاور الاربعينية في كربلاء