بقلم:عباس الصباغ
تربّع النبي محمد على اعلى القمة في الشخصيات الكاريزمية في التاريخ رغم حصول الكثير منها على مراتب عليا في كاريزمات محترمة سجلها التاريخ كعلامات لاتتكرر مثل النبي ابراهيم ابي الانبياء وموسى الكليم وروح الله عيسى وغيرهم كثير الاّ ان النبي محمدا فاقهم جميعا في صفاته الكاريزمية العليا فلم يدانه احد من الانبياء الذين كان هو خاتمهم وافضلهم سواء في السيرة العطرة او السلوك القويم . فكان مصداقا عمليا ونظريا للتعريف المبسّط للكاريزما التي تعرّف بـ( القدرة على التأثير على قلوب ونفوس الناس واثارة انتباههم وتفكيرهم واستثمار جميع القدرات والامكانات لتعطي انطباعا على تأثير هذه الشخصية في نفوس الآخرين ) وعلى هذا المنوال نسج الكثيرون الذين شهدوا بسموّ كاريزما محمد سواء من قبل الأعداء او الأصدقاء واقرّوا بتأثير كاريزما شخصية محمد الساحرة في النفوس خلال مواقفه الانسانية الشامخة والتي لاتتكرر عند غيره والتي سجلها التاريخ ضمن اطار (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ) اي للجميع بلا استثناء فقد تعامل محمد بحكمة بالغة مع جميع الناس سواء اعداؤه او اصدقاؤه وحتى ممن كان ينوي اغتياله والتخلّص منه او كان يعد العدة في سوح القتال والمواجهة العسكرية او اغتياله . اختار مؤلف كتاب (الخالدون المائة) النبي محمدا من اهم العظماء في التاريخ فجاء محمد على راس المائة من عظماء البشر وعدها اعظم شخصية في التاريخ بما حققه من نجاحات وانجازات هائلة على جميع الميادين والصعد الدينية والدنيوية واستطاع ان ينشر الاسلام في جميع ارجاء المعمورة بحكمته واخلاقه ليصبح الاسلام من اكثر الديانات انتشارا في العالم وصار محمد افضل قائد في التاريخ من جميع النواحي السياسية والعسكرية والمالية والاجتماعية ....الخ . ولكن تبقى الصورة الحقيقية لمحمد في عيون الغرب مغيّبة او مفبركة وبعيدة تماما عن الحقيقة وعن مخيال الراي العام العالمي اذ لم تقدّم او تظهر سوى الصورة الاخرى المكذوبة وغير الحقيقية او المشوّهة والتي صوّرت محمدا في اوضاع كاريكاتورية ساخرة لاتليق به فلم نستغرب ان يتناوله بعض رسامي الكاريكاتير الغربيين وغيرهم بأوضاع وافكار مشينة ومعيبة كثيمات انطلقوا منها لذلك وجاهزة للعرض على الجمهور كرسوم تثير الضحك والاستهجان والاستهزاء لنبي المسلمين وهو احد اهم الشخصيات في التاريخ البشري ليس على مستوى الديانات السماوية فحسب بل على جميع الصعد الانسانية فهو رقم واحد . ولأجل ازاحة القدسية والطهرانية عن هذا الشخص اكتظت الكثير من المصادر والمراجع والموسوعات الاسلامية بهذا الاتجاه لان اصل الصورة المشوهة التي اعتمدها الغرب حول شخصية محمد هي من اصول اسلامية مشبوهة وخارج السياق الاسلامي المتعارف عليه (الضد النوعي) وهذه الصورة لم تأت عن فراغ او لاشيء فاصطبغت شخصية محمد ببعض الصفات التي لاتليق بحضرته اطلاقا وليس قبل تصديه للنبوة والرسالة فحسب بل من عهود اسبق من ذلك ونشطت تلك المحاولات لمابعد عصر الرسالة فمرة تقدّم ادلة على انه مجنون يجب تقديمه الى مستشفى المجانين او عرضه على طبيب نفساني لأنه غير سوّي او طبيعي ومرة تقدّم الادلة على انه شاعر يهذي بكلمات غير مفهومة فتكون رسالته السماوية مجرد اقتباسات او شطحات تلقّفها من الاخرين لأنه يعيش في صحراء جرداء مقيم فيها فيكون القرآن الذي نزل على صدره مجرد اكاذيب اقتبسها من الحضارات او الأديان السابقة وماهو الاّ سوى متلق لا اكثر او كان ناقلا للشطحات والفنطازيات صاحبتها مضاعفات نفسية و اجتماعية ساعدت كهوف مكة على اخراجها بحالة نفسية تقرب من الجنون ، فقدّموها للمتلقين الغربيين على ان محمدا هو هكذا وهذه هي صورته لا اكثر ولا اقل والمرسومة في عيون المصادر الاسلامية الكبرى والمعتمدة من قبل اغلب المسلمين على مدار التاريخ ، صورة مليئة بالمواقف الطريفة والمضحكة خاصة اثناء نزول الوحي وتكليفه بالرسالة الخاتمة وكانت البداية في غار حراء بمكة وكيف ان محمدا كان خائفا وجلا لايستطيع السيطرة على نفسه وقد فقد اتزانه وراح يصيح دثّروني وزمّلوني وراح يستغيث بزوجه خديجة بنت خولد ام المؤمنين الاولى التي استغاثت بابن عمها المفترض ورقة بن نوفل الذي اكد ان محمدا هو نبي وكان ضعيفا امامها ولم يعرف مصيره هل هو نبي ام لا مايدل على ضعف الاساس الذي قامت عليه الدعوة الاسلامية انطلاقا من الحالة النفسية لمؤسسها فهي دعوة ضعيفة والاسلام دين قائم على الخوف والتردد تارة وعلى السيف والدماء والخراب تارة اخرى فهو دين التناقض ونبيه المتناقض مع نفسه وغير المنسجم مع العالم . ومرة اخرى يتمّ تصوير محمد على انه عاجز ويائس فيقدم على الانتحار في جبال مكة ليتخلص من الاعباء الثقيلة التي انتيطت به وهكذا يستمر الانتقاص من محمد ليشمل حتى عشيرته وذويه واقرب الناس اليه فيسجّل التاريخ المدون الالاف من الإشارات السيئة وغير المريحة التي تخص محمدا والدائرة القريبة منه ومنهم والداه عبد الله وآمنة بنت وهب وعمه شيخ البطحاء ابو طالب وجده عبد المطلب وعمه الحمزة سيد الشهداء وحتى ابنته فاطمة الزهراء وغيرهم كثير كانت كافية لتزرع الدهشة والاستهجان والاستنكار والامتعاض من محمد شخصيا ومن الاسلام ككل في عيون الجميع من خارج الاسلام وكافية لتدير وجهة البوصلة بعكس الاتجاه ولغير صالح محمد والاسلام والمسلمين ككل وهذه الصورة المرسومة في المخيال الجمعي للغرب لم تات اعتباطا او من فراغ بل هي مقتبسة من المرويات الاسلامية المنحرفة والمحرفة والبعيدة عن الاسلام المحمدي الاصيل والهوية الاسلامية الاصيلة فهي مرويات كتبت بأقلام وعاظ لسلاطين والحكام الظلمة والفاسدين ولم تكتب بأقلام رصينة او محايدة وهادفة لنشر الحقيقة وهذه الاقلام كانت متوافرة على طول الساحة والتاريخ الاسلاميين هدفها ارضاء الحكام واللعب على جميع الحبال المذهبية والسياسية ولّي الحقائق بما يتناسب مع تلك الميول العرجاء فلتقّفها الغرب بدون تمحيص او تدقيق موضوعي وتقبلها على انها هي الحقيقة المسلّم بها وساعد على ذلك المستشرقون من ذوي الميول العدائية نحو الاسلام ونبي المسلمين محمد وكانوا يرددون كالببغاء ماترّدده كتب الاسلام المشوّه ـ كالبخاري وما شابهه والكامل في التاريخ ومن سار على طريقته ـ و الذي مافتئ يصوّر محمدا على انه رجل غير طبيعي فهو شره جنسيا ولايكتفي بمعاشرة امراة واحدة او اثنتين بل يعاشر مجموعة كبيرة من النساء دون ان تذكر او توضّح تلك المصادر عن خلفيات هذه المسالة او لماذا لايكتفي محمد بامرأة مثل باقي البشر وهو يريد ان يستولي على كل شيء فلا تحده حدود طبيعية او جغرافية فجميع الارض هي مجاله الحيوي وهو يريد ان يمد يده على كل الارض لينشر فيها دينه الاسلامي ويبشّر به في الارجاء ، فتمّ له ذلك بواسطة الفتوحات الاسلامية التي استمرت طيلة عهد صدر الاسلام وماتبعه في العهد الاموي اصطبغت بها الامصار المفتوحة باسم الاسلام بالدمار والخراب الحضاري والدماء والاشلاء والسبايا والايتام والرؤوس المقطوعة واقرب صورة لذلك ماجرى في شمال العراق على يد داعش وهو نسخة مستنسخة عن تلك العصور باختلاف التسميات والاهداف مع تشابه الشعارات التي رفعت بحد السيف وتحت يافطات مثل ( الجنة تحت ظلال السيوف ) و(بالذبح جئناك) فتمّ تقديم هذه الثيمات على انها جوهر الاسلام ونابعة من شخصية محمد نفسه .وليس بعد هذا تشويه لصورة محمد والاسلام في عيون الغرب .
أقرأ ايضاً
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة
- دوري نجوم العراق.. ما له وما عليه