- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نهج الإصلاح في حياة الامام الكاظم ( عليه السلام)
بقلم:حنان محمد
تمر علينا هذه الأيام، ذكرى شهادة سابع ائمة الهدى، الغريب المسموم؛ الذي ذاق ماذاق من إلم السجون، والتعذيب، والتنكيل على يد الطغمة العباسية الفاسدة؛ التي جعلتهه يتنقل من سجنٍ إلى سجن؛ حتى انتهى به الأمر في سجن السندي بن شاهك في طامورة معتمة لايعلم ليلها من نهارها.
لكن على الرغم مما عاناه صلوات الله عليه في حياته، و كل ذلك التضييق، والضغط إلا إنه (سلام الله عليه) لم يتوقف عن دوره الرسالي؛ فقد كانت حياته كلها عبر ودروس ومواقف، كانت تهدف إلى إصلاح المجتمع الإسلامي، وينبغي أن نستفيد منها في حياتنا؛ فمنها مواقف أنسانية، ومواقف اخلاقية، ومواقف اخرى تربوية؛ فقد حارب عليه السلام بعض حالات الإنحراف المجتمعي، والذي كان يتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي، ونموذج ذلك بشر الحافي؛ الذي استبشر خيراً في إحدى الليالي على يد راهب ال محمد، بعد أن كانت حياته عبارة عن فجور وفسوق وطبول ومزامير وشرب خمر؛ حينما كان الامام (عليه السلام) يجتاز زقاقاً يعيش به اهل الغفلة، والفتنة والظلام الذين انجرفوا لهذا الطريق المعتم، بعد أن استأثر بالحكم الطغاة الذين قاموا بتنحية ال بيت محمد عن مقاماتهم، وسجنهم، وتعذيبهم، وقتلهم، وقاموا بتنشئة أجيال منحرفة، عبر نشر الفاحشة، والفساد، ولكن رغم كل العتمة، ورغم ذلك الليل الحالك، إلا إن اهل البيت (صلوات الله عليهم)، لم يتوقفوا عن نشر نورهم وإعادة بعض من ظل طريقة إلى مساره الصحيح.
في تلك الليلة "حين اجتاز الامام (عليه السلام) احدى تلك الدور سمع الملاهي، وأصوات الغناء والقصب تعلو من دار بشر، وخرجت منها جارية، وبيدها قمامة فرمت بها في الطريق، فالتفت الإمام إليها قائلاً:(يا جارية: صاحب هذه الدار حر أم عبد؟) فأجابت: (حر). فقال عليهالسلام :صدقت، لو كان عبداً لخاف من مولاه . ودخلت الجارية الدار، وكان بشر على مائدة السكر، فقال لها: ما أبطأك؟ فنقلت له ما دار بينها وبين الإمام عليه السلام فخرج بشر مسرعاً حتى لحق الإمام عليه السلام فتاب على يده، واعتذر منه وبكى وبعد ذلك أخذ في تهذيب نفسه واتصل بالله عن معرفة وإيمان حتى فاق أهل عصره في الورع والزهد)".
لم يستخدم الإمام (عليه السلام) إسلوب التهجم، والتعنيف، والتخويف من عذاب الله، ونار جهنم ولم يطمعه بالجنة؛ بل هي كلمات وقعت عليه كالصاعقة حتى وصلت أعماقة، وحركت فطرته السليمة، كانت الرسالة ( لو كنت عبداً لله عز وجل لأستحيت منه ولم تقم بتلك الأفعال الشنيعة )تلك الكلمات كانت كفيلة بتحويله من انسان فاجر لعابد زاهد.
كم بشر وبشر اليوم غارقين بالمحرمات والمنكرات، لم يستحوا من الله، وأصبحوا عبيداً للشيطان وغرتهم الدنيا ببهرجها الخداع، متى يفيقوا من تلك الغفلة، ويتوجهوا لله سبحانه وتعالى ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ... ﴾.
على المجتمع أن يتحرك ويسعى بمساعدة تلك الفئة التي ظلت طريقها، متخذين من أهل البيت أسوة وقدوة في سعيهم لإصلاح المجتمع بإسلوب لين محبب، وأن يصلوا إلى تلك البذره الصالحة التي في إعماقهم التي خلقهم الله عليها، كما يجب عليهم أن يلتفتوا؛ لمحاربة الأدوات التي تساهم في أنحراف الشباب، ومنها منظمات المجتمع المدني التي تعمل ليل نهار على إفساد المجتمع، وضرب قيمية الدينية، والأخلاقية؛ مستخدمين عناوين التحرر والأنفتاح وحقوق الإنسان، مستخدمين أساليب ناعمة ومغريات كثيرة؛ فهذه المنظمات تسرح وتمرح في البلاد، وتقيم مهرجاناتها واحتفالاتها بكل حرية، مثلما حصل في البصرة مؤخراً في إفتتاح ( شنشل مول) حيث كان عبارة عن عرض للأنحلال والفساد؛ لكن المجتمع البصري لم يتقبل مثل هذه الأفعال وانتفض ضدها ورفضها رفضاً قاطعاً.
لابد أن يتخذ المجتمع موقفاً قوياً وحاسماً، وإيقاف هذه المهازل، قبل أن تصبح ظاهرة عامة، تتفشى في المجتمع حتى لو كان الإمر صعباً مقتدين بإهل البيت (صلوات الله عليهم) فبالرغم كل المحن والابتلاءات والضغوطات التي تعرضوا لها إلا انهم لم يتخلوا عن دورهم الرسالي حتى لاقو مالاقوه من حكم الطغاة وخير دليل على ذلك امامنا الكاظم الذي أمضى (عليه السلام) في سجون هارون الرشيد مدة طويلةً، حتى أعيت هارون فيه الحيلة، ويئس منه فقرر قتله، وذلك بأن أمر بأن يدس السم له في الرطب، فاستشهد عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183هـ، ودفن في الكاظمية
فالسلام عليك ياسيدي ومولاي يوم ولدت ويوم استشهدت مظلوماً مسموماً ويوم تبعث حياً.
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2