- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الركن المعنوي لجريمة غسل الأموال
بقلم: القاضي عماد عبد الله
الركن المعنوي هو الحالة النفسية الكامنة وراء ماديات الجريمة، وتعتبر جريمة غسل الأموال جريمة عمدية تقوم على أساس القصد الجنائي عن علم وإرادة، فيتعين علم الجاني بأن المال محل الغسل متحصل من عائدات شكل ما من اشكال النشاط غير المشروع واذا كان الجاني يجهل ان المال متحصل عن هذا الطريق فلا يتوافر القصد الجنائي لديه لتخلف احد عناصره.
وقد عرف المشرع العراقي القصد الجرمي او القصد الجنائي في المادة 33 من قانون العقوبات العراقي بانه (توجيه الفاعل إرادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفا الى نتيجة الجريمة التي وقعت او اي نتيجة جرمية أخرى).
ويتطلب القصد الجنائي بجانب العلم ، ارادة الفعل والنتيجة فينتفي القصد الجنائي اذا أكره الغاسل على القيام بالسلوك المادي المحظور. وبناء على ماتقدم فأن الجريمة لا يمكن ارتكابها بطريق الخطأ، حيث نصت على ذلك المادة الثالثة من اتفاقية فينا لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات لعام 1988 حيث قررت ((ان يكون الفعل قد ارتكب عمدا)) وكذلك المادة (3/ب) الفقرة من الاتفاقية المذكورة حيث نصت ((...مع العلم بأنها مستمدة من جريمة..)) ومن خلال تحليل هذه النصوص يتأكد ان الاتفاقية أعلاه لم تعتد بالخطأ كجوهر للركن المعنوي في كافة صور غسل الأموال بل اشترطت القصد الجنائي العام كمحتوى للركن المعنوي ليؤكد سيطرة الفاعل النفسية على ماديات السلوك الإجرامي. وينبغي الإشارة الى ان العلم المكون لأحد عناصر القصد الجنائي عامة هو العلم بالوقائع وليس العلم بالقانون ،تلك الوقائع التي يقوم على أساسها بنيان الجريمة. وجريمة غسل الأموال هي جريمة ذات طابع خاص حيث انها تعتبر جريمة تابعة لجريمة أولية سبق ارتكابها وهذه الفرضية تفترض أن مرتكب إحدى صور نشاط غسل الأموال على علم تام ان الاموال محل الجريمة انما هي متحصلة من جريمة أخرى يضاف الى ذلك العلم بالهدف الحقيقي من وراء نشاط الغسل وهو إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لهذه الأموال.
ومن خلال الاطلاع على القانون رقم 39 لسنة 2015 قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب. نرى ان المشرع اشار صراحة الى الركن المعنوي في المواد (2/اولا: تحويل الاموال، او نقلها، او استبدالها من شخص يعلم او كان عليه ان يعلم انها متحصلات جريمة) ففي هذه المادة اشترط المشرع العلم لدى الجاني وهو الركن المعنوي لكي تتحقق المسؤولية الجنائية لدى الفاعل. أما إذا كان الجاني لا يعلم بان المال متحصل من جريمة. او لم يكن بوسعه العلم بذلك فلا تحقق المسؤولية الجنائية. إذ لابد من العلم بذلك وإرادة النتيجة لدى الفاعل لكي تحقق المسؤولية الجنائية. أما إذا ارتكب الفعل خطأ فانه لا يسأل الفاعل عن تلك الجريمة لانتفاء القصد الجرمي لديه.