- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إحياء عاشوراء في الوجدان الإنساني
بقلم:حسن كاظم الفتال
إن الدعوة إلى تجدد وإحياء معالم وملامح واقعة عاشوراء وإيقاد جذوة مضامينها في الذاكرة والوجدان الإنساني لم تكن مجرد دعوة لإعادة الذكرى والإحتفاء بها والتعاطي معها بالصيغ الشعائرية فحسب إنما هي عملية يتجلى بها التعاطي مع عناصر وعوامل تجدد الثقافة العاشورائية المتضمنة الدعوة الخالصة والصادقة لنبذ الباطل والسعي إلى محقه وإقامة العدل الإلهي وصون الحقوق وتطبيق مبدأ المساواة ورفض الظلم .ونبذ إعانة الظالم . لقد تميزت واقعة عاشوراء بكل ما تحمل من معانٍ ومضامين ومفاهيم وأهداف وقيم ومبادئ جعلتها ترفع شارات التميز والإمتياز على كل واقعة وقعت على مدى الأزمان إذ تجلت فيها بكل وضوح أسمى معاني القيم والكرامة والدفاع عن حقوق الإنسان بكل صدق وإخلاص بعيدا عن كل المآرب الشخصية والمنافع وقد أثبت الواقع نزاهة المظلوم وهذه النزاهة هي التي جعلت الظالم يمارس بكل شراسة وخسة أبشع وسائل البطش والإرهاب والتخويف . لقد أطلق الإمام الحسين صلوات الله عليه الكثير من النداءات والتي حولها الواقع إلى شعارات صادقة حية تتلائم مع عظمة الواقعة التي أسسها الإمام صلوات الله عليه .شعارات ما أن اقترب أحد من تطبيقاتها حتى نال السبق في تحقيق العدالة الإنسانية . لذا فقد تقابل بكل قوة ضدان متنقاضان بالمعنى والشكل والمضمون والقصد والمظهر والإعلان كان الحق أمام الباطل والعدل أمام الظلم والدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية السماوية واستنهاض الوجدان الإنساني أمام الإصرار على ظلم الإنسان وتجهيله والسعي إلى إنحرافه عن جادة الحق ليظل أداةً مُسَيَرة بيد أئمة الجور والضلال . مما لا يرقى للشك ومما لا ريب فيه ولا جدال أن الإمام الحسين صلوات الله عليه يمثل الحق بكل كيانه ومحتواه ومكونه وهو المعين لحمل الرسالة المحمدية والمسدد بالرعاية السماوية لأنه الإمتداد الطبيعي للمبعوث رحمة للعالمين والقائم العدل بكل كفاءة ومقدرة وأحقية بأداء مهمة تبليغ الرسالة المحمدية على أحسن وأفضل وجه مما لا يتيسر ولا يتاح لغيره أن يؤديه وما إنتهاك حرمته إلا إنتهاكا للحق وخرقا للمقام المبجل وللمراتب التي رتبها الله جل وعلا لآل بيت الرسالة صلوات الله عليهم لكن أنتهك الظلمة حرمته مما دعا أن يُعدَ مظلوما من قبل أئمة الجور والضلالة وأعداء الإنسانية والمخالفين أوامر السماء . وهذا ما دعا الإمام الحسين صلوات الله عليه أن يطلق شعاراته ونداءات الاستنصار فقد وقف في وادي الطف المبجل المقدس المشرف وسما بجلالة روحه وعلو شأنه وصدق وقوة إيمانه لعتلي ذرى البسالة والشجاعة والزهو والكبرياء والعنفوان الإنساني فينتفض رافضا اي سمة للذل والخذلان رافعا الكثير من الشعارات الحقيقية الصادقة القابلة للتطبيق والتي يتساوى فيها الفعل مع القول . ومطلقا نداءات الإستنصار القدسية ولعل ابرز هذه النداءات صرخة ( ألا هل من ناصر ينصرنا ) ليس في العقلاء والبلغاء ممن لا يدرك بأن هذه النصرة ليست لنفسه صلوات الله عليه إنما نصرة للدين للحق للعقيدة للقيم والمبادئ الإنسانية للإنصاف نشر العدل وتحقيق المساوات ونبذ المفاضلة في غير حق وفي غير محلها ولمن لا يستحق . واول ما أدرك المغزى الحقيقي لهذا الإستنصار ذلك الرهط الملبي نداء السماء أولئك الأصحاب الأنصار الناصرون الحق والدامغون الباطل أولئك الذين وصفهم الإمام الحسين صلوات الله عليه وصفا يليق بمقاماتهم ولا يمكن لأي وصف أو اية عبارة أخرى توازي ما قال فيهم سيد الشهداء صلوات الله عليه حين قال : فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي. أولئك لبوا نداءه وانتصروا له وضحوا بكل غالٍ ونفيس من أجل تحقيق أهدافه بأداء الرسالة حتى نالوا مراتب الشرف الرفيعة والفوز العظيم بمراتب الخلود . واليوم لا زال الحسين صلوات الله عليه يبحث عن ناصر لنهجه العظيم فكيف لنا أن نكون ناصرين بتلبيتنا لندائه الرباني العظيم فهو صاحب الولاية التشريعية والتكوينية وإمام مفترض الطاعة أمره حكم وحتم والواجب الشرعي يحتم علينا جميعا حين نزعم بأننا من أتباعه ومواليه أن نلبي دعوته وننصر نهجه الرسالي ونبين مدى مظلوميته ومدى جور أعدائه من أعداء الله جل وعلا ونبيه صلى الله عليه وآله واعداء الإنسانية وننتهج سبيل الإصلاح الذي خطه بدمه الطاهر والمقدس الزكي صلوات الله عليه وإن نصرته صلوات الله عليه لم تكن مرتبطة بزمن محدد أو بجهة معينة أو جيل معين . فإن كل الأحرار والأبرار والتائقين إلى سلوك سبيل الرشاد هم معنيون ومطالبون بالنصرة . كما وأن النصرة لها سبلها ووسائلها وصيغها . نسال الله أن يوفقنا لأن نكون من الناصرين لنهج سيد الشهداء سبط رسول الله صلى الله عليه وآله الإمام الحسين صلوات الله عليه الذي نصر المظلومين بإراقة دمه الطاهر الزكي . فسلام عليه يوم إنشطر نوره البهي الزهي من نور جده المصطفى حين وجد قبل أن يوجد الكون . وسلام عليه يوم هز مهده المقدس المبارك جبرئيل وميكائيل والملائكة . وسلام عليه يوم فدى بنفسه المقدسة دين الله جل وعلا ودين رسوله صلى الله عليه وآله والسلام عليه يوم يصاحب جده بالوقوف ليشفع للموالين حين يعز الشفعاء . حسن كاظم الفتال
أقرأ ايضاً
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- ما يميز ثورة عاشوراء خمسٌ على الأقل
- مجزرة المعمداني.. مصداقية النظام العالمي في حماية الأمن الإنساني على المحك