بقلم: حسين النعمة
نحن والمجتمعات التي سبقتنا والتي ستأتي من بعدنا، نستذكر يوم عاشوراء بكل تفاصيله وحيثياته وشخوصه، ونحييه كأنه وقع للتو، فالنتائج التي تحصلنا عليها أن عاشوراء ليس ثورة حصلت في زمان ما، ومكان ما، ومع شخوص محددة وحسب، إنما هي واقعة متجددة وعناصرها ثابتة لا تتعلق بالزمان، ولا بالمكان، ولا بالشخوص على أهمية تلك الشخوص وعظمتها.. أنه ثورة على مستوى عال من الأهمية، فهي تفسر لنا الصراع القديم الجديد بين بني البشر - بين من يحمل مبادئ السماء وقيمها ويجسدها في شخصه، ويدعو محبيه إليها، وبين من يريد أن يطمس تلك المبادئ ويزيلها من الوجود بأقواله وأفعاله. عاشوراء ذاك النهرٌ المتدفق من القيم والمبادئ والثورةٌ الإصلاحية التي يمثل قائدها امتدادا حقيقيا للنهج المحمدي الأصيل الذي استله من كتاب مجيد منزل من لدن رب كريم، فلا يمكن ان يتسلله الخطأ. من هنا ومع امتلاكنا ثورةً عملاقةً كالطف، وقائدا فذا كالإمام الحسين (عليه السلام)، وثروةً ماديةً من نفط وغاز وزراعة وغيرها.. إلا ان الظواهر الفتاكة من تخلف وفساد متعدد الألوان وشيوع سرقة المال العام والتناحر والانسداد السياسي، وانتشار الرشوة والكذب بين العامة كل ذلك يحصل ويشيع أكثر عقب سنة 2003م، وفي ظل الحرية المزعومة بات الكثيرون اسرى للتخلف وللفساد في ميادين شتى، لا لشيء سوى ان سبب الخيبة يأتي نتيجةَ عدم فهمنا لطبيعة الثورة الحسينية.. وقد يكون بعضنا لا يملك سوى الدعاء - وهو ليس بالقليل- فالإمام علي السجاد (عليه السلام) جعل من تدرعه بالدعاء وسيلة لإشعار الناس والمجتمع أن العمل السياسي ليس هو وحده الكفيل بتشكيل النخبة المغيرة القادرة على قيادة المشروع الاسلامي المغيب من قبل السلطات الظالمة وخاصة في زمن ارتجاج المقاييس واهتزاز الثوابت لدى القاعدة الجماهيرية الشعبية التي يعول عليها تنفيذ عملية التغيير المطلوبة.
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ما يميز ثورة عاشوراء خمسٌ على الأقل