حجم النص
بقلم:سالم مشكور
الاسترخاء الأمني يوفر منفذا للإرهاب لمعاودة نشاطه، والخلافات السياسية تعطي الفرصة للمتربصين بالبلاد ليريقوا الدماء ويغذوا روح الشقاق والفرقة بين العراقيين. التفجيرات الإرهابية خير وسيلة لإحياء الانقسام الطائفي بما يعلنه من وراءها من شعارات طائفية، وما يستدره من ردود فعل غير واعية لأهدافه الخبيثة.
الذي يستثمر في الشحن الطائفي قد يستطيع تحفيز المخاوف في ساحته واستدرار أصواتها في الانتخابات، لكنه سيكون خاسراً على المدى البعيد، فضلا عن أن الوعي العام حاليا هو ليس كما كان قبل أربع أو ثماني سنوات. فداعش التي رفعت لواء محاربة طائفة، مصنفة نفسها في خانة طائفة أخرى، سرعان ما انكشفت أمام الجميع، وكان ضحاياها بين من تدعي الانتساب لهم أكثر بكثير مما سقط لدى الاخرين، كما أنها دمرت من بيوت هؤلاء وهجرتهم بأكثر مما جرى لغيرهم. كل هذا خلق وعياً كبيراً بأن داعش ومثيلاتها لا تهمها طائفة انما هي مشروع تخريب خارجي باسم الدفاع عن الدين والطائفة، والسياسيون الذين دعموها لم يكونوا سوى ساعين الى مصالح خاصة بهم، مهما تسببوا به من تدمير وتهجير. وفي الجانب الاخر كان اليأس والتمرّد على كل شعار يستنهض النزعات الطائفية وهو ما انعكس وعياً سلبياً قلّص حجم المشاركة في الانتخابات، فجاءت النتيجة صعود من له جمهور يصدق أن الليل يحلّ ظهراً إذا ما قال زعيمه السياسي ذلك. تبلور الوعي انتفاضة سلمية سرعان ما تم اختراقها وحرفها عن نهجها، بما يزرع مخاوف الناس من أن البديل سيكون أكثر سوءاً وإن كان الشعار والخطاب مختلفين، وهذا ما قدم خدمة كبيرة للفاسدين.
مع بدء العد العكسي للانتخابات، حتى لو جاءت في موعدها الطبيعي- وهو الأرجح- فان الاستثمار في التوتر سيزداد، ولان أغلب الإعلام تابع لأحزاب أو شخصيات سياسية، والجيوش الالكترونية الداخلية، والخارجية الداعمة لها جاهزة، وكثير منهم سينخرط في التأجيج، فان الوعي مطلوب لسلب هذه الورقة، لان الانقسام والشحن سيفتحان أبواب التوغل الإرهابي الذي يعتاش عليهما، ليستثمر في دم العراقيين، من أجل مزيد من الفوضى والتمزيق الاجتماعي.
الساحة العراقية مقبلة على انعكاسات الخارطة الجديدة للساحة الإقليمية عليها، بعدما تتوضح سياسة بايدن الشرق أوسطية.
أقرأ ايضاً
- اتمتة المنافذ
- صندوق النقد الدولي مؤسسة علمانية تمارس الارهاب الاقتصادي
- ضحايا الارهاب والانصاف المطلوب