- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ترصين الامن الاجتماعي العراقي
عباس الصباغ
اذا كان الامن الاجتماعي يعرّف في ابسط مضامينه بانه : مجموعة من القواعد، والوسائل القانونيّة التي يتمّ تطبيقها من قِبل الدَّولة؛ بهدف كَسب القوَّة، وتحقيق الحماية الداخليّة، والخارجيّة من كافّة المخاطر التي قد تتعرَّض إليها، فهو يستمدُّ مُقوِّماته بشكلٍ أساسيٍّ من النظام السياسي ـ الاقتصادي للدولة ، بناء على ذلك صار لزاما على المراقب للمشهد الاجتماعي العراقي ان يقلق اشدّ القلق للخط البياني الخطير تجاه تداعيات الانحدارات الخطيرة للواقع المجتمعي العراقي بسبب مايرد في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الخبرية من جرائم بشعة تطال المواطنين العزل سواء على المستوى الاسري (العنف الاسري) او على مستوى الجريمة المنظمة تحت اي دافع اجرامي لها (العنف المجتمعي) وكلاهما يدفع ثمنهما المرأة والطفل غالبا ، فقد اثار مقتل الشابة شيلان وذويها بهذه الطريقة البشعة والوحشية المقززة انموذجا ، الكثير من التساؤلات الملحّة حول ضرورة ترصين الامن الاجتماعي العراقي من هكذا اختراقات لاتقلّ خطورة ورعبا عن الاعمال الارهابية التي تستهدف المواطنين الابرياء، فكلاهما وجهان لعملة واحدة وهو الارهاب الوحشي المنظّم ، كما يعدّ الأمن الاجتماعي الركيزة الاساسية لبناء المجتمعات الحديثة وعاملاً رئيساً في حماية منجزاتها الحضارية والسبيل إلى رقيهّا وتقدّمها لأنه يوفّر البيئة الآمنة للعمل والبناء ويبعث الطمأنينة في النفوس ويشكّل حافزاً للإبداع والانطلاق إلى آفاق المستقبل ويتحقّق هذا الأمن بالتوافق المجتمعي والإيمان بالثوابت الوطنية التي توحّد النسيج الاجتماعي والثقافي الذي يبرز الهوية الوطنية ويحدّد ملامحها .
وبعد ان كثر في الآونة الاخيرة تداول تلكم الاخبار المؤسفة التي ترد عن جرائم اسرية ومجتمعية عامة مروعة في المجتمع العراقي وهي لاتقلّ بشاعة عن الجريمة التي ذهبت ضحيتها شيلان إن لم تكن مثلها بشاعة وفي مجتمع كالمجتمع العراقي الذي لم يعرف مسبقا خروقات نوعية بهذا القسوة المفرطة ، فلم تتحول يوما اية حادثة مسبقة مهما كانت الى قضية راي عام كما حدث لقضية شيلان المؤسفة التي قتلت هي وذووها بطريق دراماتيكية بشعة وبدم بارد ، فكم من جريمة حدثت واسدل الستار عليها وصارت نسيا منسيا ، وقد تفتح قضية شيلان الباب مشرعا امام علماء الاجتماع والنفس والاسرة ومنظمات المجتمع المدني ومراكز البحوث والدراسات المجتمعية والنفسية المختصة ليدرسوا بجدية الآثار الوخيمة التي يتركها العنف المجتمعي والاسري على الاسرة والمجتمع معا ودراسة اسبابه وفتح ملفاته من جميع النواحي النفسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية وخبايا ماوراء الكواليس، فهكذا جرائم من العيار الثقيل تشكّل خرقا امنيا للمجتمع ككل ، والبحث عن المكامن غير الظاهرة لتلك الجرائم كالتحرش الجنسي وعقوق الوالدين والخلافات العائلية التي تحتدم بين الاسرة الواحدة ومع الاقارب والعشيرة التي تنتمي اليها وخاصة مايتعلق منها بالسنن العشائرية ، فكانت اول خطوة في هذا المجال هو اقرار قانون تجريم العنف الاجتماعي والاسري الذي يستهدف حماية الشرائح الضعيفة في المجتمع مثل الأطفال والنساء، فمعيار الأمن منوط بقدرة المؤسسات الحكومية والأهلية في الحدّ من الجريمة والتصدي لها، وأن حماية الافراد والجماعات من مسؤوليات الدولة من خلال فرض النظام ، وبسط سيادة القانون بواسطة الاجهزة القضائية والتنفيذية ، واستخدام القوة إن تطلّب ذلك فالأمن الاجتماعي مسؤولة اجتماعية بوصفه ينبع من مسؤولية الفرد تجاه نفسه وأسرته، والمطلوب ان تمارس جميع عناصر العقد الاجتماعي دورها في ترسيخ الامن الاجتماعي في العراق قبل ان يتحول المشهد الاجتماعي الى غابة موحشة .
يعدّ الأمن الاجتماعي حاجة أساسية للمجتمع الإنساني، ومؤشرا على الاستقرار والازدهار والتقدم في الوطن، ويرى بعض الخبراء أن الأمن الاجتماعي يعنى بكل بساطة سلامة الأفراد والجماعات من الأخطار الداخلية والخارجية، المتمثلة في التهديدات العسكرية أو البلطجة من قبل أفراد أو جماعات تمارس القتل والاختطاف والتخريب والسرقات مما يعدّ مؤشرا خطيرا لافتقاد الأمن الاجتماعي . فاﻟﻤﺠتمع الذي يتوافر فيه الأمن والأمان ينعكس ذلك على سلوكياته ومنجزاته ودرجة تقدّمه ورقيّه حيث إن ذلك يبعث الطمأنينة في النفوس ويشكّل حافزا للعمل والإبداع والاستقرار والحفاظ على الهوية الوطنية، ويلعب الجانب الاقتصادي دورا استراتيجيا في تحقيق الامن الاجتماعي فلا يمكن أن يكون هناك أمن اجتماعي بدون أمن اقتصادي خاصة في المجتمعات الفقيرة او دون مستوى الفقر.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- تفاوت العقوبة بين من يمارس القمار ومن يتولى إدارة صالاته في التشريع العراقي