للحديث عن الشخصية الحسينية الرادود الشيخ ياسين الرميثي، يسبقنا الجواب بأنه من أكثر الحسينيين تمسكَا بالطابع الثوري، ردا على الحيف والضلالة، اللتان جاهدهما الإمام الحسين (عليه السلام)، وندرك أنه لما قرأ العديد من القصائد الثورية التي استمدت قوتها من الملحمةِ الإنسانيّة التي لم يحظَ التاريخ بمِثيلتها ملحمةً، أنتصر الدم فيها على صارمِ البغي والعدوان، وكانت حركةً على مستوى الحادث الوجدانيّ الأكبر لأمّة الإسلام بتشكيلها للمنعطفِ الروحيّ الخطير، والمؤثر في مسيرة العقيدة الإسلاميّة.
وولد الرادود الملا ياسين خضير جبر العبيدي الرميثي، سنة 1924 ميلادية، في قضاء الرميثة شمالي محافظة المثنى (مدينة السماوة) جنوب العراق, حيث يُنسبُ إليها كونها المدينة التي نشأ فيها، وترعرع في ربوعِها وبين رَبعِها، ودرسَ في مدارسها، ونهل من نهرِها قيم العروبة ومفاهيم العشائر والأصالة والتراث، وصفاء السريرة، كما كان والده وكيلا للعالم المصلح والمجاهد والمغفور له سماحة المرجع الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (قدس سره).. فنشأ الشيخ ياسين الرميثي وتربى في كنفِ مربي صالح، حتى أصبح وجيها من وجهاء المدينة ومن الشخصيات البارزة المعروفة، متصفا بأخلاقه الحسنة والسمعة الطيبة..
[img]pictures/2011/02_11/more1296558379_1.jpg[/img][br]
يقول الحاج (حسن الحميداوي) لموقع نون إن \"الشيخ الرميثي أطلق صرخة (يحسين إبضمايرنا) سنة 1977 فكانت دوية في مدينة بعقوبة، عبرت عن بقاء الحسين بضمائر المؤمنين، واخترقت هذه الصرخة أذهان طاغوت العصر (نظام البعث) ودوت في آفاق المعمورة، وأبكت العيون وعاشت مع عاشوراء الحسين الذبيح (عليه السلام)\"..
وتابع الحميداوي إن \"الشيخ عانى في مقبل الحياة من شدة الظروف المعيشية مما أضطره الى ترك دائرة البريد التي عمل بها، ولكونه كان موظفا في دائرة حكومية كانت الرقابة عليه شديدة، الأمر الذي أجبره على عدم قراءة العديدِ من القصائد الحسينية؛ لذلك اتخذ من مجال العمل في البناء مصدرا للعيش ورعايةً للكرامة، فعملَ بالبناء الذي وجد فيه لقمة الحلال وزيادةً في الحرص والابتعاد عن عيون حزب البعث حينذاك\"..
أما الشيخ (مهدي آل طاهر) لموقع نون يؤكد إن \"الشيخ الرميثي خَدم المنبر الحسيني ما يقارب خمسون عاما، وتدرج في الخدمة المنبرية معتمدا على نفسه، ومبتدأ بقراءة الشعر النجفي، فأخذه على يد جملة من شعراء النجف الأشرف ومنهم (الشاعر المرحوم الشيخ عبود غفلة، والمرحوم الشيخ هادي القصاب، والمرحوم الشيخ عبد الحسين أبو شبع، والمرحوم رسول محيي الدين، والمرحوم العلامة السيد عبد الحسين الشرع، والشاعر علي حسين التلال)، كما برز من خلال قراءته لموكب أهالي الرميثة، وفي عام 1970 وخلال أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) تم اختياره أن يكون كفيلا للمواكب المتوجهة الى كربلاء من قضاء الرميثة، في جميع المراسيم والشعائر الحسينية\"، مضيفا إنه \"قرأ لأهالي الرميثة المقيمين في البصرة والسماوة، وكذلك قرأ في محافظة ديالى لمدة أربع سنوات ابتدأً من 1976 وعقد فيها أرقى مجالسه العاشورائية وأعاد قراءة بعض القصائد الخالدة، منها: (يا حسين إبضمايرنا، تربية حيدر، خذ يامحمد، المن تعاتب، صاحت أيامك يزيد، زينب تلطم أعله الراس، أدور عليك يبن أمي، هاي المنابر، زينب لفت يم حسين)\".
ويقول الأستاذ (عبد العزيز الخفاجي) لموقع نون أحد سجناء المعتقل الذي زج فيه الشيخ الرميثي \"إن الشيخ الرميثي جاؤوا به ليلا مع نخبة من الحسينين وحال سؤاله في الصباح أخبرنا بأن البعثيين استغلوا زيارة الأربعينية لاعتقاله في كربلاء ونقله الى سجن (الفضيلية) في بغداد ومعه وجهاء وأشراف المدينة؛ بسبب مستهلات زيارة الأربعين في كربلاء عام (1969) لشاعره المعروف الشيخ (هادي القصاب) في عزاء جماهيري بواقع مشهود معروف لدى أطياف الشعب العراقي لما فيها من حس وطني ديني، وأطلق سراحه بعد ستة أشهر\" مؤكدا أن \"الشيخ الرميثي أخذ يواصل مسيرته في خدمة سيد الشهداء وأبي الأحرار (عليه السلام)\"..
الرميثي شدا الأماكن بذكر وموالاة الحسين (عليه السلام)
ويبين (السيد ماهر ياسر المگوطر) \"بعد الأحداث المؤسفة جراء الانتفاضة الشعبانية الكبرى عام 1991، اضطر الشيخ الرميثي أن يهاجر ومعه نخبة من أبناء الرميثة خارج العراق لكنهم ما لبثوا حتى ألقي القبض عليهم وأفرج عنهم في منطقة الخضر بلطف من الله تعالى، وكان لهم عمر جديد بعد المأساة التي عانوها، بعدها توجه الشيخ الرميثي ورفقته صوب الحدود السعودية وتحديدا الى مخيم رفحاء، ولم يعبأ شيخنا بما جرى فأخذ يواصل مسيرته في الخدمة الحسينية، حيث أقام لهم مجلسا حسينيا هناك ليتحفهم بصوته العذب\"..
ويشير المگوطر \"زاول الشيخ الرميثي القراءة الحسينية حتى عام 1994 وأشتد به المرض فسافر الى ولايتي (ميشگان ودي ترويت) الأمريكيتين للعلاج فيهما بأيدٍ عراقية وبهجرته هذه إلى بلاد الغرب واصل أيضا مسيرته المنبرية بمواكبة وإقامة المجالس الحسينية، ومن معه من أبناء العراق في الغرب، وقرأ وخدم بالرغم من تدهور صحته لعدة أعوام، ثم عاد إلى وطنه الجريح في نهاية عام 2003 بعد سقوط الطاغية وأعوانه وأزلام نظامه، ليواصل مسيرته في الخدمة المنبرية بين أهله وأبناء بلده مع شدة المرض وحدته به عليه يوما بعد يوم وبالرغم من كل ما يعانيه\"..
ويلفت المگوطر إنه \"ما هي إلا أيام قلائل لتظهر بوادر رحيله حتى وافته المنية على أثر مرضه العضال الذي لازمه لعقد من السنين، فلبى نداء ربه الأعلى صبيحة يوم الجمعة السادس عشر من محرم لعام 1426 هجرية والموافق 5/2/2005م\"..
بعدما انطوت صفحته المشرقة والوضاءة في سجل الشعائر الدينية وفي سِفر رجال المنابر الحسينية ودعته الأيادي بين ملوحة بالتوديع وبين حاملة لنعشه حتى نهاية المطاف، مغلقةً صفحة سجل حياته الذي أفناه بخدمة مولاه الحسين (عليه السلام)، ليخلد بصرخته المدوية (يحسين إبضمايرنا) وباقي قصائده الخالدات في ضمير وعروق كل من أحب الحسين (عليه السلام) على الإطلاق، ويبقى الشيخ ياسين الرميثي (رحمه الله) صوتا مدويا ضد الطغاة والجبابرة في كل زمان ومكان حتى نعتته نُظم الشعراء خادما..
نعتك الضمائر بعد الطفوف فقيدا الى سبط طه انتمى
فأوقفت عمرك عند الحسين وكنت بحقٍ له خادما
تحقيق/حسين النعمه
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- بدعم كامل من العتبة الحسينية المقدسة اجراء (1701) عملية جراحية خاصة ضمن برنامج الاستقدام والاخلاء الطبي