- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السودان بطل العالم في علاج وباء كورونا
محمد الربيعي
السودان بطل العالم في علاج وباء كورونا" يدعي بأن علماء السودان "اكتشفوا السبب الحقيقي لكورونا" وهو ان فيروس "كورونا لا يؤثر على الجهاز التنفسي بل يستهدف الهيموجلوبين في الدم"، ولذلك فان الحديث عن "استهداف فيروس كورونا الرئة، والحديث عن أجهزة التنفس الصناعي ما هو الا ضرب من الجهالة، وهو أمر غير علمي ومضيعة للجهد والمال بل إجرام في حق مرضي كورونا". ويضيف المنشور بان الإصابة بالفيروس لا يؤثر على الرئة فهي "سليمة وليس فيها إشكال.. لكن الإشكال في أداء الهيموجلوبين وكريات الدم الحمراء المصابة بالفيروس والتي باتت عاجزة عن اخذ أوكسجين من الرئة وعاجزة عن التخلص من ثاني أكسيد الكربون في الرئة.. والواجب هو علاج كريات الدم الحمراء وليس إمداد الرئة بالأوكسجين كما يفعلون بجهل". واتهم ايضا "الذين يعتقدون أن المرض الناتج عن الإصابة بفيروس كوفيد-19 لها علاقة بالالتهاب الرئوي او الحميات هم واهمون بل هم جهلة". واختتم المنشور بمطالبة دول العالم بمقاضاة أمريكا والصين لإخفاء المعلومات.
الحقيقة
المعلومات التي نسبت الى علماء السودان وبالتحديد الى "مركز أبحاث الشمال التابع لوزارة الصحة الاتحادية بالولاية الشمالية بالسودان" تعود الى نماذج نظرية قام بها باحثان صينيان ادعوا فيها أن فيروس الكورونا يهاجم الهيموغلوبين ويعطل نقل الأكسجين عن طريق خلايا الدم الحمراء. عانت هذه الدراسة من نقص كبير في الأدلة. وحتى الآن لا يتوفر اي تبرير لاستنتاجاتهم بالنتائج التي عرضوها، ولذلك رفضت هذه النماذج النظرية واهملت بمرور الوقت من قبل العلماء والخبراء، الا انها كما يبدو الصقت بعلماء السودان فانتشرت كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي العربية.
تشير الدراسة الصينية إلى أنه وفقا للحسابات والمحاكاة الحاسوبية، يمكن لبعض بروتينات فيروس الكورونا أن يكون لها تأثير على الهيموجلوبين، وهو الجزيء البروتيني في كريات الدم الحمراء الذي يتيح نقل الأكسجين في الجسم.
بعد أيام قليلة من نشر هذه الدراسة الأولية التي نشرت على النت من دون مراجعة مسبقة من قبل المتخصصين الآخرين، بدأت تظهر الانتقادات لهذا العمل. على سبيل المثال، نشر أستاذ في جامعة كامبريدج تعليقا موجزاً اتهم فيه بخطأ النمذجة التي تم إجراؤها وبانعدام الدقة، والخطأ في تفسير النتائج، بالإضافة الى ان العمل لم يكن مدعومًا بأي ملاحظات سريرية أو بيولوجية. واكد باحثون اخرون على خطل هذه الدراسة، وعلى احتوائها لأخطاء كبيرة في الطريقة وفي النتائج والاستنتاجات لذلك حذروا من مغبة اعتمادها، واعتبرت كضرب من الخيال العلمي. الا انها ومع الأسف استلها كاتب المنشور العربي ونسبت نتائجها المرفوضة أصلا وبغير حق الى "علماء السودان"، وكان ما كان من انتشار كبير للخبر بين الاوساط العلمية وغير العلمية العربية.
بروفسور في الهندسة الحياتية جامعة دبلن
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- هل سيشهد العالم موت الأمم المتحدة؟
- فلسطين والجامعات العالمية والصدام الكبير