سالم مشكور
ما يثير الاستغراب والدهشة أن القوى السياسية تصر على التعامل مع ملف التشكيل الحكومي بنفس المعايير التي تعاملت بها خلال تشكيل الحكومات السابقة، رغم أننا والمنطقة والعالم نعيش بداية تحولات كبرى، على كل الاصعدة، ورغم أن وضعنا المالي مقبل على أزمة حقيقية قد تطول، ومع أن الواقع الاجتماعي بات أكثر تحفزاٍ وضجراً من الأداء السياسي الذي أمعن في تخريب البلاد، عن قصد أو جهل، طيلة سبعة عشر عاماً.
من يتعاطى السياسة عليه أولا أن يفهم أنها فن الممكن، وانها لا تتم بمعزل عن الواقع المحيط. ومن حصل منهم على دروس في الفقه يعلم بقواعد دفع الضرر وتزاحم المصالح.
الأداء السياسي الحالي لا يشير الى أن أغلب السياسيين يفقهون ذلك، بل نراهم يتصرفون وكأن الأمور ما زالت ممسوكة من قبلهم وأن الناس غافلون وتنطلي عليهم الالاعيب، ناهيك عن أولئك الذي لا يفكرون بأبعد من مصالحهم الشخصية الآنية، وبعهدها ليحل الخراب بالبلاد والعباد. هؤلاء يتصورون أنهم يستطيعون مواصلة حلب الدولة من خلال ما يمسكون به من وزارات وهيئات ومواقع رفيعة. هؤلاء مصرّون على منهج وضع الجهلة الفاسدين في المواقع التي تجلب لهم العقود والمال الحرام فيما يظل الإنجاز قريبا من الصفر.
هؤلاء السياسيون يصرون على لعبة المحاصصة السلبية، التي لا تعني سوى كسب المغانم الحزبية والشخصية، ومن أجلها تزدهر حالات غض الطرف عن فساد أوتمدد سياسي لأطراف لا تنظر الى العراق سوى بقرة حلوب يجري أخذ ما أمكن من خيراتها قبل الابتعاد عنها سعيا وراء حلم الانفصال التاريخي.
نحن نعيش في نظام مشوّه سيؤدي الاستمرار به الى مزيد من الخراب والتفكك واستفحال العصابات الخارجة عن القانون وبالتالي غياب الامن والاستقرار وما يفرزه ذلك من تداعيات.
نحتاج الى واقعية يخرج بها سياسيّونا من إطار نظرتهم الضيقة، الى وعي ما يدور حولنا وما ينتظرنا. نحتاج وعياً بأن الإصرار على ذات المعايير السابقة في التعاطي السياسي سيؤدي الى الخراب وانهيار السقف على الجميع.
ليس لدينا معارضة حقيقية ببرنامج واضح يجعل الناس مطمئنين الى بديل أفضل، والطريق الأسلم هو الركون الى التغيير والمشاركة فيه بدءاً من تغيير المنهج والتفكير، وفسح المجال لمخلصين من خارج التريبة الموجودة من أجل أن يساهموا في البناء، بناء البلاد وليس بناء التكتلات والامجاد العائلية والحزبية.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد