بقلم: سالم مشكور
نتجول في حيرتنا وقلقنا بين فيروس كورونا وخطره الداهم الذي لا يرحم، ومأزقنا السياسي الذي لا يقل ضرراً على البلاد والعباد من كورونا الصحة.
يجد كثير من بائعي الجهل والخرافة فرصتهم لتسويق بضاعتهم. خطيب يدعو "المؤمنين" الى عدم ارتداء الكمامة خلال زيارة قبور الائمة، ضاربا بعرض الحائط قول الحديث الشريف "اعقلها وتوكّل" أي مارس كل الإجراءات المطلوبة لمنع الضرر ثم توكل على الله. يتجاهل دعوة المرجعية الى الالتزام بكافة الإجراءات الاحتياطية التي تعلنها الجهات الرسمية. لا يعني هذا اهمال الجانب الروحي والإيماني الذي يلجأ اليه بالفطرة حتى الموهومين بالالحاد، لكن الله يطلب منّا تشغيل عقولنا التي وهبنا إياها وما تنتجه من إجراءات وقائية وعلاجية.
وبعيداً عن هذا وأمثاله فان الاستهزاء بالفيروس القاتل سيفاقم المشكلة ويقدم لهذا الفيروس كل ظروف الانتشار والفتك بمجتمع أدمن على الموت والمصائب حتى بات يستهزئ بفيروس مجهري غافلا عن ان فتكه يفوق ما تقوم به الدبابة والمفخخات التي اكلت من أجسادنا الكثير، حتى بات البعض يراه سلاحاً جديداً في حرب عالمية ثالثة. الصين التي كانت مصدر هذا الوباء تغلبت عليه بالإجراءات التي حالت دون انتشاره فضلاً عن المكافحة المباشرة.
الغريب أن خطراً شاملاً كهذا والذي استدعى حجرا صحيا شاملا في دول عدة وإعلان حالة طوارئ وطنية في اميركا ودول أخرى، لا يلقى ذات القلق والاهتمام في العراق. الحكومة تعطّل المدراس للوقاية فيأخذ الاب ابناءه للتجوال في المولات والمطاعم للترفيه. الغريب أيضا أن كل هذا الخطر الداهم لا يثير أي قلق عند قادة الكتل السياسية ليدفعها الى حل مشكلة الحكومة والخروج من حالة القصور الذي تعانيه حكومة تصريف الاعمال والذي يكبّل إجراءاتها في مواجهة لازمة. عندما يتكلم رئيس الوزراء البريطاني بكل هذه الصراحة ويخبرنا أننا سنفقد الكثير من أعزّائنا بفعل هذا الوباء، وعندما يخصص البيت الأبيض خمسا وخمسين مليار دولار لمواجهة الوباء ويستنفر في ذلك كل شركات القطاع الخاص لدعم جهود الحكومة، فهذا يعني أن الكارثة كبيرة، خصوصاً علينا ونحن نجاور بلداً هو الثالث عالمياً في سعة انتشار هذا الوباء.
اخرجوا من استرخائكم يا ولاة السياسة، فكورونا لن يصيب الشعب وحده، بل يصل الى السياسيين والقادة وها هي كندا وأستراليا وايران خير مثال حي.
أنهضوا من استرخائكم يا مواطنين، فلم ينتشر الوباء في إيطاليا وايران الا بسبب الاستهانة بخطره، ولم يتراجع في الصين الّا بإجراءات الوقاية ومنع الانتشار.
أقرأ ايضاً
- وقفة مع وزارة الصحة
- شكراً وزارة الصحة إنجازات تحسب للجميع
- قصص الصحة في العراق تحتاج زيارة كتّاب هوليوود!