- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تقلبّات أسعار خام برنت و تحوّلات الإقتصاد والسياسة في العراق
حجم النص
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
في هذا اليوم (الثلاثاء 28 -9-2021)، تجاوزت أسعار النفط (على وفق مؤشّر مزيج خام "برنت") حاجز الثمانين دولار للبرميل (80.38).
حدث ذلك بسبب قوة الطلب العالمي، وظهور دلائل على انحسار المعروض ، وأنخفاض بيانات المخزون الأمريكي.
أرتفعت أسعار الغاز الطبيعي أيضاً هذا اليوم (28-9-2021) إلى مستويات تاريخية بسبب انخفاض مخزونات الغاز في أوروبا ، وزيادة الطلب في آسيا ، و حالة الطقس في موسم الشتاء القادم .. وبلغت 6.152 دولار (لكل 1 مليون وحدة حرارية بريطانية).
ويتوقّع محلّلو "جولدمان ساكس" The Goldman Sachs Group, Inc ، مواصلة "برنت" لمكاسبه ، ليصل إلى مستوى 90 دولار للبرميل بنهاية العام الجاري.
بالنسبة لنا في العراق ، ولأنّ الإقتصاد لدينا تابع و "أسير" للأيديولوجيا ، والعقائد ، والشعارات "الشعبوية" ، وليس علماً قائماً بذاته، ينظّم الممارسات والأنشطة ، و تتحكّم "ميكانزماته" و قوانينه الرئيسة بقواعد الإدارة الإقتصادية "المثلى" للموارد .. يمكن توقّع ما يأتي :
- صراع شرس على مقاليد السلطة بعد الإنتخابات القادمة (أيّاً ما كانت نتائج الإنتخابات ، وأيّا ما كان "الوزن التصويتي" للأطراف الرئيسة المشاركة فيها) . ونتائج هذا الصراع هي وحدها التي ستحدّد مديات الهيمنة على الموارد السيادية ، وهي التي ستضع القواعد الحاكمة لـ "حريّة التصرّف" ، والسيطرة و التحكّم ، والإستحواذ السياسي"الحصري" على قدر هائل من الثروة ، بفعل زيادة عائدات الريع النفطي ، وما يرتبط بذلك من "هيبة" إجتماعيّة ، ونفوذ سياسي .. و هي التي ستسمح "بالضرورة" بحيازة "قوّة ردع" مُسلّحة "مُوازية" لتركيع الخصوم.
- طي صفحة ما يُسمّى بـ "الإصلاح الإقتصادي". فالدعوات لهذا الإصلاح في العراق ترتبط عادةً بالعُسر المالي الناجم عن تراجع العائدات النفطيّة ، ولا علاقة لها بـ "التصوّر" و "الإدراك" الإستراتيجي الذي يُحدّد كيفية مواجهة الأزمات المركبّة ، والإختلالات الهيكليّة المُزمنة للإقتصاد.
- وضع "الورقة البيضاء" على الرفّ (كما وُضعِت على الرفّ من قبلها ،الكثير من الدراسات والإستراتيجيات ووثائق السياسات ، وخطط التنمية الوطنية) .. وإخضاع تقييم فاعليتها وجدواها للمتاجرة السياسية ، بل وحتّى تحويلها إلى "ورقة سوداء" ، مُلطّخة بلون النفط الخام.
- سنفرحُ جميعاً بإنجازات خام برنت "المُباركة" .. الموظفّون والعُمال و "الكَسبة" ، وأساتذة الإقتصاد ، و"القطاع الخاص" المتطفّل على ما يتسرّب إليه من الفائض الإقتصادي ، بل وحتّى "مُستشارو" الحكومة ، و"خبراء" المنظمات الدولية.
أخيراً ..
يعيش خام برنت ..
والمجدُ والخلود للأمّة العراقيّة - الريعية – "المُجاهِدة".