بقلم: سالم مشكور
إذا استمرت المبالغة في شروط الشخصية المطلوب تكليفها لتشكيل الحكومة فلن يمرّ أي مكلّف ولن نعبر الازمة الحالية.
وإذا استمرت الأحزاب تتعامل مع أي مكلّف بذات الطريقة السابقة فلن ينجح أي مكلّف بتشكيل حكومة، وإذا تصرف أي مكلّف وكأنه مطلق اليد تماماً ولم يدرك أن حكومته المطلوبة هي محدودة الزمان والوظيفة فلن، ينجح بل سيثير عليه الأحزاب والشارع معاً. ومن يريد أن يرضي الشارع والأحزاب معا لن ينجح، ومن يرضي الأحزاب ويترك الشارع لن ينجح، والعكس بالعكس. هكذا سنظل ندور في هذه الحلقة المغلقة.
المواصفات المطلوبة بمبالغة كبيرة في ظل واقعنا السياسي والاجتماعي تعني أننا نبحث عن نبيّ، وحيث لا نبيّ في العراق وغيره، فلا حكومة جديدة ولا خروج من الازمة.
نحتاج الى قدر من الواقعية، فالمرشح عليه أن يدرك أن الحكومة المستقلة يجب أن تكون بالفعل وليس الادعاء، أو ليست مستقلة من جانب ومعينة من قبل حزب او أكثر دون باقي الأحزاب من جانب آخر. وحتى لو كانت مستقلة بالفعل فإن رضى الأحزاب التي خاضت الانتخابات السابقة، وبعضها دفع الملايين للاستحواذ على وزارات "حلوب"، سيكون مضموناً إذا ما تأكدت من أن الاستقلالية محدودة العمر، تنتهي بانتخابات قريبة. أما الشارع المعترض على أداء السنوات السبعة عشر السابقة، فيحتاج الى واقعية كبيرة والى وعي بأن لا حياة سياسية بدون أحزاب، وإن طريق الإصلاح يمر عبر سلسلة خطوات قانونية ودستورية وبعكسه سنكون بين خيارين: فوضى عارمة تأكل الأخضر واليابس، أو دكتاتورية يخسر في ظلها الجميع. الواقعية هي أن تكون هناك حكومة مستقلة لمرحلة انتقالية محدودة تنتهي بانتخابات نزيهة شرط أن ينتظم المعترضون في أحزاب تتبنى شعارات محددة وواقعية وواضحة تكسب أصوات الناخبين لتشكل كتلة ضاغطة في البرلمان القادم.
الواقعية تتطلب من الأحزاب الحالية الادراك بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وأن النوم في العسل سيجرّ عليها وعلى البلاد الخراب، وبالتالي لا بد من الركون الى تغييرات حقيقية تجعل منها أحزاب تبني بدل شغل مناصب كمصدر للتمويل.
الحديث عن شخص لم يجرب السياسة والقيادة حديث غير واقعي. كيف سيفهم الوضع وكيف سيتعامل مع الكتل والأحزاب؟.
المطلوب شخص بمواصفات محددة. صاحب تجربة وحازم ولا يطمح الى الاستمرار في الحكم بعد ذلك، بل يريد انهاء حياته السياسية بمنجز يبقي له ذكراً طيبّاً، يوقف الانتهاكات ويؤسس للنزاهة ويضمن اجراء انتخابات نزيهة. هكذا شخص لن يرضخ للضغوط ولن يخشى من أحد.
ابحثوا عن هكذا شخص وكلّفوه وأوقفوا مشروع إغراق العراق في الفوضى.