طالب الظاهر
في الأوقات الحرجة عامة وفي هذا الوقت الذي يمر على عراقنا الجريح خاصة، مع استمرار الأوضاع بهذا الغموض، وهذا الترقب.. لما ستسفر عنه الأحداث الجارية في القريب العاجل إن شاء الله؛ أقول في هذا الوقت بالذات يتطلب من الجميع المزيد من الحذر والفطنة والوعي.. وعي طبيعة ما يدور وما يحاك من عوائق وتحديات محيطة بالبلد، وهي تحدّيات عديدة ومتنوعة ومعقدة، وضرورة الوقوف صفاً واحداً، من أجل تفويت الفرص على الأعداء والانتهازيين والوصوليين وغيرهم، والوصول بأقل الخسائر الى الإصلاح.
التزام السلمية
لعله لا يخفى على أحد خطورة الوضع الراهن، والظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، في خضم استمرار الاحتجاجات الشعبية، نتيجة استطالة الفساد المالي والإداري واستشراءه في كل مفاصل الدولة، واستمرار سقوط الدماء في صدامات بين المتظاهرين والمعتصمين، وبين القوات الأمنية في بغداد وبعض المحافظات الأخرى، وللأسبوع الثاني على التوالي ومنذ اندلاع المظاهرات في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول المنصرم.
وتكبر الخشية من انزلاق البلد الى أوضاع، ونتائج غير متوقعة، وغير محسوبة، قد تؤدي الى اشتعال حرب أهلية - لا سمح الله ـ والى طغيان الفوضى، وهو ما يعني -فيما يعنيه - المزيد من الدماء والخراب، واطالة زمن الأزمة.
لذلك تحتم الضرورة على الجميع التزام السلمية.. السلمية، ثم السلمية، للحيلولة أولاً دون سقوط المزيد من الدماء العزيزة، ومزيد من الجرحى والمصابين، وبالتالي الوصول الى الأهداف السامية التي تخدم الجميع، ومن ثم بلوغ برّ الأمان بالبلد ثانياً.
منهج الإصلاح
لا يمكن أن تحل الأزمة إلا من خلال التزام الجميع بمنهج الإصلاح.. قولاً، وعملاً، ونية، ومن خلال تعاونهم وحرصهم، وتكاتفهم فيما بينهم على اعتماد هذا المنهج.. سواء كانوا من المتظاهرين، أو من القوات الأمنية، وضرورة تجنب الصدام والعنف.. ما استطاعوا الى ذلك سبيلا، ومهما تكن الأسباب والمبررات، لما لهذه الدماء من تداعيات خطيرة.
ومن ثم ضرورة تحلّي الجميع بروح الإخوة الصادقة، والمحبة الخالصة، وتعاون تآزر الشعب بكل أطيافه وألوانهِ من اقصى البلد الى اقصاه، والعمل بصدق النوايا من أجل خدمة الأهداف النبيلة التي تخدم جميع ابناء هذا البلد.. حرصاً على حاضر العراق ومستقبله، من خلال وضع حب العراق فوق كل مصلحة ورغبة ونية، والنظر الى مستقبله ومستقبل ابنائه بكل اطيافه ومكوناته.. من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه.
وضرورة وضع هذا الهدف السامي، وهو القضاء على الفساد والمفسدين.. نصب الأعين والقلوب والعقول، دون انفعال ودون عصبية ودون انانية.. فهو الهدف الأسمى من كل ما سواه، وهو الإصلاح.
استفتاء عام
مما لابد لنا من التأكيد عليه، والتذكير به إن مصلحة الشعب العليا هي المصدر والأساس مما يجب أن تقوم من أجله عملية اقتراح التشريعات، أو سن القوانين، ومن ثم تحديد نظام الدولة السياسي والإداري، وإن الإرادة الشعبية هي صاحبة القول الفصل في رفضهما، أو الاعتراض عليهما، أو اجراء التعديلات اللازمة عليهما، من خلال اجراء استفتاء عام، وكما حصل بالفعل في سنة 2005 من اجراء استفاء عام على الدستور.
وأحب التأكيد مرة أخرى على ضرورة اجراء استفتاء عام، لأنه أمر يخص مصالح الشعب العامة، ويجب أن يشارك به العراقيون جميعاً من أجل تثبيت الحقوق، وليس لأي شخصٍ أو جهة، أو طرف اقليمي أو دولي، أن يفرض رأيه، فيصادر إرادة العراقيين.
أخيراً، إن مثل هذا الإجراء الديمقراطي- وأقصد به اجراء مثل هذا الاستفتاء على النظام السياسي والإداري- يعد جزءاً من حقوق الشعب، وواجبات الحكومة، ينم عن احترام الحكومة لإرادة الشعب.. من أجل أحداث الاصلاح المنشود.
أقرأ ايضاً
- حرب عالمية من أجل توطين الرواتب
- نهج الإصلاح في حياة الامام الكاظم ( عليه السلام)
- هل المقاطعة هي الطريق إلى الإصلاحات الدستورية أم أنها الدَرس الأخير في الانتخابات؟