تعودوا ان يروا الشخص الفقير يستجدي من الناس يتوسل بهم ويستعطفهم، لكنهم وجدوا في طريق يا حسين من يتوسل بهم ويخجلهم لكي يستضيفهم ويرتاحوا او يأكلوا او يبيتوا عنده، قبل اربع سنوات رزقهم الله زيارة الامام الحسين في ذكرى اربعينيته وساروا مع الجموع المليونية من مدينة النجف الاشرف باتجاه كربلاء المقدسة، ولاحظوا الاهتمام الكبير من اصحاب المواكب بهم خلال سيرهم والتعرف عليهم من ازيائهم الباكستانية، هزهم الموقف وبكوا وعرفوا ان هؤلاء الخدام لهم اجر اعظم من اجرهم، فعقدوا العزم على ان يكونوا خداما باكستانيون للحسين عليه السلام، فحصل اتفاق مع شخص عراقي على اعادة ترميم وبناء موكب وحسينية قديمة، حيث تولدت الفكرة للتحول من زائر حسيني الى خادم وزائر حسين له ببصمة باكستانية.
هندوسي وسني
اردنا ان يكون لنا تميز في موكبنا وفكرنا برقم عمود يكون معلوما عند الشيعة ودليلا على موكبا فاخترنا الرقم (72) على عدد اصحاب الإمام الحسين عليه السلام هذا ما أكده السيد علي الجعفري احد مسؤولي الموكب لوكالة نون الخبرية، ويضيف اخترنا موكب ابو علاء العراقي لتحقيق تلك الامنية فاستئذنا منه ان نقيم موكبا صغيرا لتوزيع الشاي فوافق الرجل وفتح قلبه وابواب موكبه، فقمنا نحن وعددنا 25 زائرا باعادة ترميم البناية القديمة وتغليفها بالكاشي الكربلائي بعد استيراد المواد من الباكستان وتهيأته كموكب متكامل خلال عام واحد اسمه موكب ابي الفضل العباس من باكستان، يخدم فيه ستين شخصا باكستانيا حاليا منهم 52 رجلا و8 نساء وهم من مهن مختلفة فبينهم تجارا واصحاب مهن حرة وموظفين ويجمعون الاموال بشكل سنوي لدعم الموكب، ثم افتتحنا فرعا اخرا داخل مدينة كربلاء المقدسة عند العمود (313) على عدد اصحاب الإمام المهدي.
وتابع اصبح للموكب سمعة كبيرة في الباكستان بعد نشر اخباره ونشاطاته المميزة في مواقع التواصل الاجتماعي فلاحظ الناس ان الاستعدادات للزيارة ترددت فيها كلمات اكثر من مرة ومنها زيارة الاربعين والحسين فسألوا كثيرا ماهي الزيارة ومن هو الحسين، فدعوناهم الى القدوم الى العراق ومشاهدة ذلك بانفسهم، فتعجبوا مما شاهدوا وشاركوا بكل قناعة وحرص على خدمة الزائرين حتى وصل الامر الى مشاركة اشخاص من الهندوس والسنة معنا في الخدمة في العام الماضي وهذا العام، حيث وصل الى الموكب في زيارته الاولى الى العراق ومشاركته في زيارة الاربعين، ولم يتعب كثيرا في الوصول حيث اصبح الموكبين مشهورين جدا.
دليل الباكستانيين
اول يوم في الخدمة قمنا بتهيئة مكان لصلاة الجماعة هذا ما ذكره السيد طالب الموسوي الطالب الحوزوي وامام الجماعة في باكستان، واقمنا الصلوات وقدمنا الماء والطعام والعصائر، مبينا ان اعداد الطعام مشترك بيننا وبين العراقيين، فيقدم الطعام العراقي الى العراقيين والايرانيين والخليجيين، كما يقدم الطعام الباكستاني الى الباكستانيين والهنود وبعض الخليجيين ممن تعودوا على تلك الاطعمة.
بل اصبح القدوم الى الموكب عبر المجاميع القادمة من الباكستان بالسياحة الدينية، وقد نصب هذا العام في يوم التاسع من شهر صفر وسنستمر الى اليوم الثامن عشر من صفر ثم نذهب الى الزيارة، تقدم فيه اربع وجبات يقدم في كل منها ثلاث انواع من الطعام او خمسة انواع، مبينا ان العام الحالي شهد اقبال الزائرين على الطعام الباكستاني بعد تخفيف استعمال التوابل ما زاد عدد الوجبات الى الضعف، كما تعود الزائرون العراقيون والايرانيون على الشاي الباكستاني الذي يكون ممزوج بالحليب وبعض المعطرات، فضاععت ادارة الموكب الكميات المقدمة التي لم تعد تكفي للزائرين.
طراز باكستاني
مهندس البناء الباكستاني مقبول احمد المسؤول عن بناء الموكب جاء الى العراق في العام 2017 قاطعا مسافة 2500 كيلومترا متطوعا لمعاينة البناية القديمة واعادة بنائها وترميمها يرافقه فيها سبعة عمال باكستانيين متخصصين بهذا العمل، لكن حددت اقامته بثلاثين يوما، فشمر عن ساعده خلال شهرا واحدا واكمل ما يحتاجه البناء والترميم والتغليف بالكاشي الكربلائي، وتمكن من انجاز العمل في الداخل والخارج خلال تلك المدة مجانا بدون اجر، ويؤكد بالرغم من انه كان قد نفذ اعمال مشابهة في الباكستان لكن بمدد لا تقل عن ستة اشهر ويفتخر بأنه ساهم في انجاز عمل للإمام الحسين عليه السلام وسيسجل تاريخ له ولعائلته في الباكستان انه اصبح من خدمة الإمام الحسين عليه السلام.
البكاء فرحا وحزنا
مقبول احمد كان يعتقد ان الخدمة مختصة بالعراقيين فقط، ولكن ما ان اكمل البناء حتى علم انه اصبح خادما للإمام الحسين عليه السلام فتحول الحلم الى حقيقة، ويفيد عند انتهاء الزيارة الحسينية نجلس جميعنا ستون عاشقا حسينيا باكستانيا في الموكب فنضحك فرحا ثم نبكي حزنا، ويفسر حديثه بالقول ضحكنا فرحا لأن الله اختصنا بالخدمة من بين ملايين الزائرين الشيعة ومن بين شيعة الباكستان، وبكينا حزننا لانتهاء الزيارة والبركات والرحمة الالهية، لكننا عاهدنا ابو عبد الله على البقاء اوفياء على العهد.
قاسم الحلفي - كربلاء
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- ما هي خفايا العقد رقم "1" مسؤول تربوي بكربلاء : شركات حكومية هدمت المدارس وتسلمت اموال عقودها وتركتها
- تقصدها عوائلهم:مقبرة تجمع زوار الامام الحسين "الغرباء" ومن جنسيات غير عراقية في مكان واحد (فيديو)
- مسيحيان في زيارة الاربعين :نطبق وصية السيد المسيح في كربلاء(فيديو)