النقطة الفاصلة بين ناحيتي الفهود والطار في محافظة ذي قار هي محطة مبيت السائرين الى مدينة كربلاء المقدسة، لان وقت الغروب يكاد يخيم على الاجواء والتعب اخذ من "المشاية" مبلغه، فتجد اهالي الناحية شمروا عن سواعدهم ونصبوا مواكب الخدمة في الطريق الترابي الذي سلكه الزائرون تاركين الشارع الرئيس لاختصار المسافة فوضعوا سرادق بسيطة من القصب وبعض الاغطية، وتراصفت سيارتهم معهم ليطعموا الزائرين وياخذونهم الى المبيت في بيوتهم، فترى هذا ينادي على الطعام واخر على المبيت وثالثة تستقطب النساء لتقديم خدمة خاصة لهن انهم خدمة الحسين من اهالي الفهود.
في كل شبر موكب
وقف خادم الحسين (ع) بهدوء يصافح السائرون وهو يقول (مأجور بوية عظم الله اجورك.. تفضل يا زاير لبيتك اغسل واكل ونام وتوكل على الله) انه الشاب طيف عباس الذي اشار بيده الى طريق المشاية قائلا: ان هذه الارض الترابية خالية من السكن وكانت مغمورة بالمياه وكان الطريق الرئيس هو الشارع العام ولكن بعد جفافها اتخذ السائرون هذا الطرق ليختصروا عددا من الكيلومترات من مسافة الطريق الى مدينة كربلاء المقدسة، ما دفع اصحاب المواكب وخدمة الحسين عليه السلام الى تغيير اماكن مواكبهم على طريق المشاية، موضحا ان المواكب تأتي من المناطق المجاورة التي تبعد بحدود خمسة كيلومترات وكذلك من مواكب محافظة البصرة التي تنتقل مع سير الزائرين من محافظة الى اخرى، مشيرا الى ان الزائرون في السنوات الاولى للزيارة الاربعينية كانوا يعانون من الجوع والعطش لقلة المواكب بل يلجأون الى مناطقنا لاطعامهم وارواء عطشهم، ولكن الان اصبح في كل شبر موكب حسيني، لافتا الى انهم يخدمون الزائرين منذ خمس سنوات.
بيوت مفتوحة
تلك المواكب لا تشبه ما موجود من مواكب في جميع المحافظات فهي بسيطة بعددها وخدماتها وعن السبب يقول المسؤول عن موكب قرية الوفاء الملا جمعة السعيدي في حديث لوكالة نون الخبرية، اننا نتعمد ان تكون مواكبنا بهذه الهيئة لان المنطقة تعتبر نهاية يوم مسير وقد اعددنا العدة لمبيت الزائرين، حيث تفتح كل البيوت في ناحية الفهود ابوابها ام السائرين الى قبر ابي عبد الله الحسين عليه السلام في الزيارة الاربعينية لتقديم خدمة المبيت لهم بعد عناء السير لايام عدة، منوها بأن كل بيت يحدد عدد الزائرين الذين يمكن استقبالهم، وترسل مجموعة كبيرة من السيارت تقف عند ابواب تلك المواكب لتصحب السائرين على الاقدام الى بيوت الخدمة الحسينية، فتوفر لهم الحمامات والطعام والشاي والفواكهة والمعجنات والقهوة العربية والفرش والاغطية ووسائل التبريد، ليقضوا يومهم ثم يتنالوا فطورهم ويكملوا سيرهم الى مدينة كربلاء المقدسة، مبينا ان بيوت منطقته والمناطق المجاورة تستقبل كل عام اكثر من ثلاثة الاف زائر، كما تخصص عدد من البيوت لمبيت النساء حيث تكون البيوت فارغة من الرجال والخدمة تقدمها النساء وتسهر على راحة الزائرات واطفالهن بكل ما تحتاج من خدمة لراحتها.
واضاف السعيدي ان البيوت تطبخ للمواكب وتجهزها بكل شيء لتقديم افضل الخدمات فضلا عن الاطعمة السريعة التي نقدمها للزائرين، لافتا الى ان 30 موكبا يستمر بالخدمة تطعم يوميا ما يقرب من 30 الف زائر، فضلا عن المبيت الذي يستقبل بحدود 300 زائر يوميا، وكذلك تقوم النساء بتقديم الخبز الحار على مدى ساعات طويلة لان الكثير من الزائرين يحبون تناول خبز تنور الطين الحار بمفرده، وتقف النساء ايضا امام المواكب لتصحب النساء الزائرات الى بيوت المنطقة لغرض ضيافتهن ومبيتهن وخصصت سيارات خاصة لنقلهن.
سيارات ناقلة
وقف كرار حميد بسيارته "البيك آب" الحديثة ينادي الزائرين بل يتوسل لاقناعهم بالمبيت عنده، وقال هذه مهمتنا في كل عام انا وعشرون شخصا من اهالي الفهود نسخر سياراتنا لنقل الزائرين قبل حلول المساء الى بيوت المنطقة للمبيت ونعيدهم الى الشارع العام في ساعات الفجر ليكملوا طريقهم، مؤكدا انهم يستمروا في العمل من الصباح الى المساء دون كلل او تعب لان بعض الزائن يريدون الاستراحة في الظهيرة او العصر او الاستحمام ومنهم يريد المبيت عند حلول المساء، لافتا الى ان جميع الخدام يتركون كل اعمالهم ليلتحقوا بخدمة زوار ابي عبد الله الحسين عليه السلام.
قاسم الحلفي - ذي قار
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- العتبة الكاظمية تنفذ (82) مشروعا لخدمة الزائرين مع نصب (1000) كاميرات مراقبة ذكية
- استقطبت فنانين عرب..مؤسسة القبس للثقافة والتنمية تستثمر ادوات الفن والادب واللغة العربية لخدمة قضية الامام الحسين بزيارة الاربعين
- أنجزت خلال أيام.. مشاريع كبيرة لخدمة زوار الأربعين في كربلاء (فيديو)