للمرة الثانية تترك آمنة الاجواء البريطانية الخلابة وتأتي الى طريق سير الحشود المليونية والضجيج والصخب وغبار السير والحرارة الشديدة، لتنصب موكبا يخدم ملايين السائرين نحو قبلة الاحرار ابي عبد الحسين (عليه السلام)، ولم تكتفي هذه المرة بأن تأتي بمفردها، بل اصطحبت معها ابنتها الشابة لتشاركها في خدمتها، لانها لاول مرة تشاهد المسير في كربلاء المقدسة وكيف يخدم اصحاب المواكب برجالها ونسائها واطفالها وبناتها الزوار واعطتها شرحا مفصلا ووافيا عن الحسين (عليه السلام)، وقصته وثورته وتضحياته واهدافه الانسانية فتعلقت به اكثر من السابق.
عزم واصرار
تصف آمنة البريطانية التي عقدت عزمها واصرت على الحضور هذا العام للخدمة في الزيارة الاربعينية لوكالة نون الخبرية ان "شعورها عند انتهاء خدمتها في العام الماضي وعودتها الى بلادها ثم الرجوع الى الخدمة شعور مذهل، ولا يوصف لان قلبها انشد بعفوية وتعلق بالحسين (عليه السلام)، واستعدت من وقت مبكر لنصب موكبها وتقديم الخدمة لزوار الحسين (عليه السلام) وارسلت مواد الخدمة الى العراق قبل مجيئها، واصبح لها متابعين كثيرين من الاصدقاء والمعارف حيث كانت توثق موكبها بمقاطع فيديو وتنشرها واستجاب الكثير وتفاعل اكثر منهم على صفحتها "يا حسين" وكانت السعادة تبدو على الكثيرين، وطالب الكثير منهم المجيء للعراق والمشاركة في الزيارة الاربعينية ومشاهدة ما يجري بشكل حضوري، وفي العام الماضي جاء عدد من اصدقائها والان تنتظر مجيء مجموعة منهم للعراق، واصبحت سببا لتعلق الكثيرين بالقضية الحسينية، وهي تتكفل بالإنفاق على موكبها بالكامل من جيبها الخاص حيث تتحمل مبالغ تذاكر السفر من بريطانيا الى العراق والانفاق على شراء مواد الموكب، وتنفق بحدود الف باوند على رحلتها وخدمتها، كما تصنع نوع من الاكسسوارات والملصقات التي تخلد القضية الحسينية او الزيارة الاربعينية وتقوم بتصميمها وطبعها في شركات مختصة وتوزعها على الزائرين، لانها تشعر ان عليها ان تعطي للآخرين برحابة صدر لا ان تأخذ منهم لشعورها انها ايضا خدمة للزائرين، وتتمنى ان يحضر جميع من تحبهم الى هنا ويشاهدون ما أرى، وتتمنى ان تعيش هنا وتبقى في الخدمة بهذا الموكب، وان تدفن بعد مماتها عند الحسين بعد ان شعرت ان انتمائها صار اكبر واقرب".
البنت على خطها اهلها
كما تعلقت الام بالحسين (عليه السلام)، تعلقت ابنتها الشابة "زهراء" بالقضية الحسينية والتفاعل معها، وتقول لوكالة نون الخبرية انها" تشعر بمزيج من الفرح والفخر والحزن والعجب بوقت واحد، لان الاعوام الماضية كانت تشاهد ما يدور عن الحسين (عليه السلام) والاربعينية في المقاطع التي تبث على مواقع التواصل الاجتماعي او تسمعها من والديها اي ان الصور هي من كانت تتكلم ، لكنها الآن اصبحت هي من تتكلم عن تلك القضية الخالدة، وتتذكر جيدا عندما كانت صغيرة تسمع قصة الحسين (عليها السلام) او الاخبار عنها، وكانت والدتها تأخذها الى المجالس الحسينية في بريطانيا، وكذلك لعائلة والدها التي تعيش في العراق الاثر الكبير على تعلقها بتلك القضية الانسانية، لان الامام الحسين (عليه السلام) علمها الصبر والإباء، وما يجذبها هو سير الاطفال وكبار السن والتعب الذي يبدي عليهم وتتعاطف معهم بل تبكي عليهم، ولكن جميع من يسير في هذا الطريق يلفت انتباهها، وكانت قد شاهدت سير المشاية في محافظة المثنى وتأثرت بهم، ولكن حضورها الى هنا في كربلاء المقدسة الامر مختلف جدا، للشعور بقربك من الامام الحسين (عليه السلام) ومصيبته، واكثر ما يبكيها بمصيبة الامام الحسين (عليه السلام)، هو فاجعة ابي الفضل العباس (عليه السلام) وقطع كفوفه وضربه بسهم في عينه ومنعه من ايصال الماء الى العطشى من النساء والاطفال، وامنيتها مثل امنيت امها ان لا تترك العراق وتعيش قرب الامام الحسين (عليه السلام)".
المستضيف العراقي
وقف استاذ اللغة الانكليزية في ثانوية الذرى للمتميزين "حيدر عباس جمعة" في موكب الهداية، يشرف ويحمي ويساعد امنة البريطانية وابنتها على تقديم خدماتهن، لانه من تكفل بمنحها تلك المساحة لتخدم زوار ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، ويشير الى ذلك في حديثه لوكالة نون الخبرية بالقول ان" هذا الموكب شيد بسواعد طلاب الثانوية قبل (13) عاما، واصبح الكثير منهم الان اطباء وصيادلة ومهندسين وما زالوا يخدمون زوار ابي عبد الله (عليه السلام)، وقبل عامين طلب مني ان استضيف سيدة بريطانية وامنحها مساحة من الموكب لتقدم خدماتها للزائرين، فترددت في بادئ الامر لاني حريص جدا على مجموعة الشباب من طلبتي السابقين الذين يخدمون معي في الموكب واعتبرهم امانة في عنقي امام الله واهلهم، واستقبال سيدة من دولة مثل بريطانيا وتوفير امور كثيرة لها امر ليس هينا، وبعد اتصال مع جهة من العتبة الحسينية المقدسة، وبيان انها تحتاج الى من يعرف اللغة الانكليزية والعمل مع نخبة من الناس على مستوى من الثقافة، ولتوفر تلك الامور في موكبنا وافقت على حضورها وتقديم خدمتها".
ابهرتنا يعشقها الحسيني
ويكمل المستضيف العراقي حديثه بالقول " طلب مني من يعمل معي من الشباب ان نجرب السنة الاولى وكيف نستطيع تدبر الامر، لكنها ابهرتنا واثبتت ان لديها عشقا حسينيا جارف ولم تصدق نفسها وهي تصبح خادمة للحسين في كربلاء المقدسة، وصار طلبتي مثل ابنائها واصبحوا ينادونها بأمي، وفوجئت باصرارها على العمل ساعات طويلة جدا وعدم شعورها بالتعب، ورغم الطلب منها بالراحة وترفض دعوتها للراحة وتستمر بالخدمة ولا تنام الا ساعات قليلة، ودائما ما ترسل مواد خدمتها قبل وصولها الى العراق لتشعر انها ضمنت الخدمة للحسين (عليه السلام)، وهذا العام جلبت معها ابنتها الشابة "زهراء"، وعرفت عند التعامل معها انهم من عائلة مخلصة في محبة الحسين (عليه السلام) ويعشقون ثورته وسيرته وينصرون عدالته قضيته، ووجدتهن ذائبات في الخدمة الحسينية، ويخدمن لمدة اسبوع كامل في طريق المشاية، واوصيت اولادي باستمرار خدمتها في موكبنا حتى بعد مماتي لانها خادمة مخلصة لابي عبد الله (عليه السلام)".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية