- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التحذير من إنهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي في خطب المرجعية الدينية العليا
بقلم: حسين فرحان
" لابد من دق ناقوس الخطر لما نراه من حالة من الإنهيار في بعض المنظومة الأخلاقية، وأيضا في حالة من عدم الإكتراث، وهذان أمران من العجب أن يجتمعا في بلد كبلدنا ".
بهذه الكلمات استهل السيد أحمد الصافي الخطبة الثانية من صلاة الجمعة ليوم ٨ آذار ٢٠١٩ والتي أقيمت في الصحن الحسيني المطهر ليعلن تأكيد المرجعية الدينية على أهمية المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي وضرورة الحفاظ عليها من كل مايهددها بالإنهيار، ولم تكن هذه الخطبة الوحيدة التي تناولت هذا الشأن بل سبقتها خطب مخصصة لتناوله بشكل مفصل كخطبة الجمعة في ١٣ نيسان / ٢٠١٨ وخطبة ١٢ تشرين الاول ٢٠١٨، بالإضافة إلى إشارات تضمنتها خطب أخرى تناولت فيها المرجعية العليا موضوع المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي وما يهددها بالإنهيار فيما لو تم التراخي عن التصدي لهذه التهديدات والوقوف بحزم لمواجهتها على كافة المستويات.
نذكر بعض النقاط المهمة التي وردت في هذه الخطب:
١ - ".. هناك منظومة أخلاقية يفترض أن تنمو لكنها بدأت تتراجع وتنهار، والأعجب من ذلك أن التصدي لهذا الأمر تصدي خجول لاينهض بالمشكلة ولا يحلها، بل نرى البعض قد يساعد على ذلك أو أن البعض يقف وقفة المتفرج.. "
٢ - ".. نؤكد على أهمية ما نستشعر وعلى الجميع أن يأخذ دوره.. "
٣ - " نحن نمر بحالة من الجهد والشغل الكبير على مجتمعنا حتى يسلخوا الحياء منه،.."
٤ - التفتوا.. الحياة في الحياء إذا كان لايوجد حياء لاتوجد حياة.. ".
٥ - على المجتمع أن تتوفر فيه الحصانة لايسمح لأن يسلب الحياء منه، هذه الدعاوى ليست دعاوى حرية، أنا قلت هذه دعاوى فوضى،.. ".
٦ - " البلد يراد له أن ينتقل إلى الفوضى، والفوضى مدمرة، والفوضى ليس لها حدود، لايمكن أن نواجه فلان لأن الفوضى ليست لها معايير،.. ".
٧ - الحرية لها معايير والحرية تحترم القيم، تحترم التاريخ، تحترم الأسرة، تحترم الفرد، تحترم الثوابت..".
٨ - ".. أما شيء لايحترم شيء هذه فوضى وإن كان وراءها من وراءها، هؤلاء فشلوا وحاولوا أن يصدروا فشلهم لنا، هؤلاء سلب منهم الحياء فيحاولون أن يسلبوا الحياء منا، وإن شاء الله لايتوفق أحد مهما أوتي من دعم وجهد أن يسلب الحياء من مجتمعنا.".
٩ - " المجتمع لابد أن يتصدى إجتماعيا، لابد أن تكون هناك حصانة، لابد أن تكون هناك حضانة تمنع وتحضن المجتمع من أن ينهار ".
١٠ - " أنت محاط بفضائيات ومحاط بإعلام، فاجلس جلسة الناقد المتأمل لا جلسة المتفرج ماذا ترى ؟ ".
١١ - إياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تخدعوا بمصطلحات هي أقرب إلى السراب منها إلى الواقع.. ".
١٢ - ".. إجتماعيا هناك تقصير من الذين عندهم مقاليد الأمور في الحفاظ على بنية المجتمع، تقصير كبير لم يعرفوا المجتمع وهم بعيدون عن المجتمع،..".
١٣ - "على المجتمع أن ينهض وعلى الإخوة الأعزاء وكل من يسمع الكلام في كل البلد، أن يهتموا بتربية جيل يعرف أن يبني البلد، بتربية جيل يعرف ماله وما عليه ".
١٤ - جنبوا البلد الفوضى وارجعوا إلى الحرية، الحرية إخواني مطلب حقيقي كلنا نريد الحرية، الحرية فيها ضوابط وفيها قيم وفيها أشياء إن خرجنا عنها نتحاكم إلى ضوابط الحرية، أما الفوضى إذا خرجنا عنها إلى أي شيء نتحاكم ؟! هي فوضى ".
هذه بعض الجوانب التي تناولتها خطبة الجمعة في ٨ آذار ٢٠١٩ وقد تناولت مفهوم الحياء والحرية والفوضى ومالها من علاقة بقضية المنظومة الأخلاقية للمجتمع.
أما خطبة صلاة الجمعة في ١٢ تشرين الأول والتي كانت بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي فقد تناولت المخاطر التي تنذر بانهيار أخلاقي وموت للقيم والمباديءالسامية والضمير الإنساني ونذكر منها بعض الفقرات:
١ - " إننا نعيش عصرا ينتشر فيه التضليل والكذب والخداع، ومن أخطر هذا التضليل الكذب الإعلامي والعقائدي والسياسي وينتشر الغش والتدليس والاستغلال وانعدام الأمانةوالاعتداء بالقتل والتهجير بين أبناء العشائر لأسباب تافهة، وبيع المناصب وشراء الأصوات بالمال، ويسود في طبقة شبابنا حالات الإختلاط المنحرفة وإقامة الاحتفالات في أماكن عامة يسود فيها الإختلاط وبعض الممارسات غير المقبولة أخلاقيا وبالعلن،..".
٢ - " وحينما لانجد تحركا فاعلا وسريعا لتدارك هذه المخاطر فأن انتشار هذه الأمور ينذر بانهيار أخلاقي وموت للقيم والمباديء الساميةوالضمير الإنساني ".
٣ - ".. وحينما نرى بلدنا تتقاذف فيه موجات الفساد المالي والإداري وسوء الإدارة، وتأخذ ظواهر الفساد الأخلاقي بالإنتشار بين شبابه بسبب سوء الاستغلال لمنظومات التواصل الاجتماعي وغيرها، والذي يؤدي إلى أن تنتشر هذه الأمور من ظواهر الفساد الأخلاقي، ولايجد المواطن إلا أن يدفع المال مضطرا لينجز أموره ومعاملاته في كثير من دوائر الدولة.. ".
٤ - "من المهم جدا إذا أريد لكل شعب أن يستقر ويتطور ويكون هذا المجتمع إنسانيا بكل ما للانسانية من معنى، لابد أن يكون هناك تزامن بين العملية التربوية التعليمية الأكاديمية والتخصصية والعملية التربوية الاخلاقية.. ".
٥ - " إن هذه الأمور تستدعي تحركا مجتمعيا أولا وحكوميا ثانيا وإعلاميا واسعا وفاعلا، وتحشيد كل الطاقات والإمكانات لحفظ قيم المجتمع العراقي الأصيلة، وصيانته من الإنحرافات الأخلاقية التي تنذر بعواقب حالية ومستقبلية خطيرة ".
أما ما ورد في خطبة صلاة الجمعة التي كانت بإمامة السيد أحمد الصافي في ١٣ نيسان ٢٠١٨ فقد أشارت هي الأخرى إلى هذه المنظومة الأخلاقية وما يهددها بالانهيار ومن النقاط المهمة فيها:
١ - أن هناك مجموعة من التصرفات بدأت تدب في المجتمع دبيبا في بعض الحالات يكون بطيئا ونفاجأ بأنها أصبحت حالة أجتماعية،.. ".
٢ - " تارة نتعامل مع مجتمع متدين يسأل دائما هل هذا جائز أو حرام ؟ فعندما يجاب ان هذا حرام يجتنب، وعندما يقال له أن هذا جائز فهو يمتلك الصلاحية في أن يفعل أو لايفعل، وإذا كان المجتمع لايلتفت إلى قضية التدين، أيضا لابد من وجود مصطلحات توقفه عن إرتكاب بعض الأفعال، ومن جملة هذه المصطلحات أن هذا الفعل عيب، والمقصود من العيب أن العرف لايقبل به فإنه سيجتنبه.. ".
٣ - ".. عندما نفقد الجانب الشرعي في بعض الحالات، أن شخصا لايلتزم - مثلا- وبعض الحالات العرفية أيضا أن الشخص لايتقيد بهذا العرف، ماذا ستكون النتيجة ؟ النتيجة ستكون أن هناك منظومة أخلاقية تبدأ بالتدني، وإذا بدأت المنظومة الأخلاقية بالتدني سنستحسن الخطأ.. ".
وردت في هذه الخطبة أمثلة وشواهد من شأنها أن تؤدي بالمنظومة الأخلاقية إلى الإنهيار، كالرشوة والكذب وعدم احترام هيبة الشارع والأخذ من المال العام وسرقته وانعدام الأمانة في حفظه وتجاوز طفل لم يبلغ الحلم على رجل كبير دون رادع وسائق في الشارع يقطع الطريق ويتحدث ولا أحد يرده، وشواهد إخرى وأمثلة وردت للتحذير من هذا الإنهيار.
أما ما جاء في خطبة صلاة الجمعة التي كانت بإمامة السيد أحمد الصافي في ٣١ أيار ٢٠١٩ فلم يكن ليختلف عما جاء في الخطب السابقة التي اعتنت بموضوع المنظومة الأخلاقية للمجتمع لتركز في جانب مهم منها على قضية الثقافة المستوردة التي يتلقاها الطفل عبر شبكة الانترنت ونذكر منها:
- " لاحظوا سأُعطي مثلين الان اغلب الاسر تعيشها.
اغلب الاُسر الان تمنع اولادها الصغار ان يلعبوا بالتراب سنتين ثلاثة اربعة خمس ست سنوات.. تمنعه اذا لعب في التراب تقوم الدنيا ولا تقعد الاب يصرخ والام تصرخ وشيء في البيت.. لماذا؟!! لأن هذا الثوب قد اتسخ مثلاً او هو ظهر بمظهر فيه تراب...، أنا لا اعرف اخواني من أين جاء هذا الرفض الى ان الطفل يلعب بالتراب.
تعلمون المثل المقابل ما هو؟! ان هذا الطفل يجلس امام بعض الشاشات وبعض الالعاب التي فيها قتل وسطو وسرقة والاب لا يكترث والطفل لا يكترث، يُعوّد ولدهُ على العنف ويغذي عقله على عقلية عنيفة، بينما الوضع الصحي والنفسي ان يلعب الطفل، هذه التربية عندما تكون معكوسة او جائتنا ثقافة مستوردة بلا ان نتأمل وبلا ان نفكّر اذن ما فعلته تلك الدولة صح فلابد ان نفعلهُ، تلك الدولة لو كانت دولة جيدة لحافظت على مجتمعها.. لا تصدّر الينا وسائل العنف ثم تأتي منظمات اخرى تحاول السيطرة على العنف ولا جدوى من ذلك، الطريقة خطأ المنهج خطأ نحنُ امة نمتلك ادوات صحيحة للتربية لماذا رفضناها وذهبنا الى اشياء اُخر..".
علينا أن نتأمل جيدا في هذه التحذيرات التي وردت في خطب الجمعة وبشكل جدي، فالمرجعية التي حذرت المجتمع من الهجمة الداعشية، تحذره اليوم من انهيار منظومته الأخلاقية وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي