بقلم: أياد السماوي
لم نكن متشائمين عندما طالبنا العرب بالعمل بأضعف الإيمان , لأنّ الأجواء المحبطة التي سبقت انعقاد القمة العربية لم تكن لتوحي أنّ العرب سيتّخذون قرارات تاريخية حازمة تعيد لهم كرامتهم المفقودة , وتوقف قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبضم مرتفعات الجولان المحتلّة إلى إسرائيل , كلّ شيء في قمّة تونس جرى وفق ما خطط له ورسمه المايسترو الأمريكي , فها هم القادة العرب ينهون أعمال مؤتمرهم الثلاثون من دون أي تحرك عربي فاعل يترجم إلى أفعال على أرض الواقع , بل على العكس من ذلك فقد أثبت العرب في هذه القمّة أنّهم أمّة على سرير الموت , أمّة تعيش في التيه والشتات , والنظام العربي الذي تمّثله الجامعة العربية في مرحلة الموت السريري , وكما كان متوّقعا أنّ القمة الثلاثون سوف لن تختلف عن القمم التي سبقتها , وكما جرى في كلّ القمم السابقة سيخرج العرب في هذه القمّة ببيان ختامي يشجبون فيه ويرفضون ويستنكرون قرارات الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبضم مرتفعات الجولان المحتلّة إلى إسرائيل , فالراعي الأمريكي لهذه القمم لن يسمح للعرب بأكثر من الشجب والرفض والاستنكار , لامتصاص غضب ونقمة الجماهير العربية على أنظمتها وحكامها.
أمّا أن يكون للعرب موقف يترجم إلى فعل على أرض الواقع , يوقف التداعي والنكوص وينهض بالأمة لاستعادة حقوقها المسلوبة , فهذا هو الخط الأحمر غير المسموح بتجاوزه , وهذا ما كان متوّقع قبل انعقاد هذه القمّة خصوصا بعد موقف العرب في مؤتمر وارسو والتطبيع الذي سارت عليه معظم البلدان العربية في علاقتها مع الكيان الصهيوني , وحين طالبهم أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله بالعمل بأضعف الإيمان وسحب المبادرة العربية للسلام , أراد من خلال ذلك أن يعيد لهم جزءا يسيرا من كرامتهم المفقودة , والسيد نصرالله يعلم جيدا أن سحب المبادرة العربية للسلام لن يغيّر من الأمر بشيء ولن يؤدي إلى تراجع أمريكا عن قراراتها بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو بضم مرتفعات الجولان المحتلّة إلى السيادة الإسرائيلية , ولن يؤدي ذلك إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلّة بعد عام 1967 بما فيها القدس الشريف , فالسيد نصر الله يعلم أنّ استعادة الأراضي العربية المحتلّة وعودة حقوق الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال العمل المقاوم للاحتلال ودعم المقاومة الإسلامية التي ترفض الاحتلال الإسرائيلي , لكنّ هذا لم ولن يحصل لا في هذه القمّة ولا في القمم التي سبقتها , وإذا ما أرادت أمّة العرب أن تغادر سرير الموت وتعود إلى الحياة الحرّة الكريمة فليس أمامها سوى المقاومة.. ثم المقاومة.. ثم المقاومة.. وطريق المقاومة الذي يحقق الصمود والتصدّي ويعيد الحقوق إلى أصحابها.. يمرّ من خلال الوقوف صفا واحدا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وليس اختيار طريق العداء لها.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً