مهنٌ قديمة قد تعدُّ شبه معدومة لقلةِ مزاولتها وشحةِ أدواتها، ومن هذه المهن تصليح الاشياء القديمة كالطباخات والمدافئ النفطية واجهزة المذياع والسماعات، حيث بات العاملون في هذه المهن قلة في مدينة كربلاء المقدسة، وللتقصي عن الذين لا زالوا يمتهنونها تجول مراسل وكالة نون في مناطق وازقة المدينة القديمة بحثا عنهم.
والى منطقة باب الخان التي تعرف بالأسواق الشعبية والخانات الكبيرة والى شارع ابن الحمزة وبالقرب من خان الهنود استطاع مراسلنا التعرف على مصلحي المدفأة النفطية، وكان لقاءه الاول مع الحاج (ابو كاظم) محمد رضا، الذي تحدث اليه عن عمله بهذه المهنة فقال: "عملتُ في هذه المهنة قبل (60) سنة، واليوم اجور عملي غير كافية لسدِّ لقمة العيش، كون المجتمع بدأ يتجه نحو الجديد من الاجهزة في السوق المحلية التي لم يتجاوز عمرها في العمل أكثر من سنتين او اكثر بقليل".
واشار الحاج (ابو كاظم) الى ان "المنتج القديم كان يستخدم لأكثر من خمسة عشر عاماً وهو جيد وليس فيه مساوئ الجديد".
وفي السؤال عن الانواع القديمة الجيدة التي كانت تُستخدَم سابقا فقال: "مدفأة (علاء الدين، شارب، عشتار، فوجيكا، سانيو) وكانت الادوات الاحتياطية لها موجودة"، موضحا "في ظل توفر المدافئ الكهربائية والزيتية الحديثة اليوم، فأن المدافئ النفطية تعتبر اثرية".
ويشاركه الحديث (ابو عبير) خضر عباس سبع الكعبي، صاحب محل صيانة وتصليح المدافئ في سوق ابن الحمزة بباب الخان: "اتت نوعيات الجنرال ام البسمار، شارب) فيما بعد وكان اغلب مساوئ الجديد هو ان فتيلها من النوع الثخين وغير جيد".
منوها عن رواده فاغلبهم من محافظات مجاورة، منها الحلة، والنجف، وبغداد فضلاً عن اقضية ونواحي كربلاء، فالقديم مطلوب لمتانته التي لا تحضا بها اكثر المنتجات الجديدة.
أما (قاسم عبد الوهاب الجيلاوي) مصلح الطباخات القديمة في خان الهنود بسوق ابن الحمزة فقال: "مهنة صيانة الطباخات الايطالية هذه النوعيات القديمة التي سبقت النظام الياباني كانت بجودة جيدة وهي افضل بكثير من هذه الطباخات الجديدة، فأنابيب القديمة حديد وليست فافون ومن اشهرها: (اكنز، اريستون، تكنو كاز، اكلين كاز، ماجك، عشتار، الجي اي سي، كاسكو)، مبينا انه تعلمَ المهنة عن طريق صديقه".
لا زلنا في سوق ابن الحمزة؛ ولكن الى مهنة اخرى خاصة بصيانة وتصليح اجهزة المذياع حدثنا عنها السيد محمد صالح حمادة الذي يقارب عمره السبعون عاماً، حيث قال: "اكثر من خمسين عام ولازلت اعمل في تصليح الراديو القديم المعروف باللمبات وامتهاني لهذه المهنة هي لشيئين فالأول لكسب لقمة العيش، والامر الاخر هو لحبي لها ولعدم القدرة عن الانقطاع واستمراري بها حتى بعد خروجي من الخدمة الوظيفية في نقل الركاب".
وعن انواع اجهزة المذياع تحدث حمادة قائلا: "هي مختلفة المناشئ ابرزها: (الفليبس، الباي، الايكو، السيمنز)، ولم تنقرض هذه الانواع كلياً فهناك نوعيات موجودة الى الان ولازالت داخلة الى اعمال الصيانة، ويحدثنا حمادة ايضاً عن ابرز ممتهني هذه المهنة ممن رحلوا عن الدنيا أمثال: سيد حسين الهندي (رحمه الله) والحاج عبد الصاحب ابو السماعات الذي تعلمت على يديه المهنة".
والى منطقة البلوش في شارع الجمهورية ولقاء أخر عن صيانة اجهزة المذياع مع الحاج عبد الصاحب جاسم محمد المعروف بأبو السماعات في وسطه، الذي حدثنا قائلا: "اصبح العمل في هذه المهنة لا يوفر لقمة العيش، وانّما ممارستها لأجل حبنا لها، من جانب وعدم توفر ادواتها الاحتياطية في السوق المحلية مع وفرة الاجهزة الحديثة من جانب اخر".
وتابع "كانت انواع اجهزة المذياع القديمة ثلاثة او اربعة انواع نوع اللمبة ونوع اخر جاف (باتري) وهذا النوع الثاني كنا نسميه راديو البساتين كون البساتين في حينها ليس فيها كهرباء، والنوع الثالث هو النفطي ايضاً من نوع اللمبة، وتصليح هذه الانواع من المذياع".
مشيرا الى ان "عدم وجود قدرة عند الناس للشراء في العقد السابع من القرن الماضي، حيث كان يُأجر السماعات لهم، وعَمله كان مع جميع الهيئات والمواكب الحسينية في كربلاء المقدسة أنذاك".
ولا زال الحاج عبد الصاحب يحتفظ بأكثر من ثلاثين جهازا في مخزنٍ خاص له وجميعهن يعملن رغم انهن (انتيكا).
تحقيق: ضياء الأسدي / تصوير صلاح السباح
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- موزعين على (350) موقعا سكنيا:العتبة الحسينية تقدم (22) الف وجبة طعام يوميا للوافدين اللبنانيين في كربلاء المقدسة
- في كربلاء.. قفزة بأعداد الطلبة من (250) الى (1000) طالب بالمدرسة الواحدة