بقلم: مازن الزيدي
قطع ترامب نزاع القوم وأزاح بكلّ رشاقة اخر قطعة حاول الكثير من مسؤولينا وجنرالاتنا التستر بها طيلة فترة ما بعد هزيمة داعش.
فخلافاً لمن ينفي ويتكتم ويداهن، اعلن الرئيس الامريكي ان بلاده انشأت قواعد في العراق واصفاً احد هذه القواعد بانها "مذهلة وباهظة التكلفة في العراق"، مؤكداً ان "موقعها مثالي لمراقبة مختلف أنحاء الشرق الأوسط المضطرب وهذا أفضل من الانسحاب". وكشف ان القاعدة ستكون مقرا للقوات التي يعتزم سحبها من شرق سوريا.
أما عن دور هذه القاعدة، فيؤكد بشكل فاضح قائلاً "أريد مراقبة إيران على نحو ما لأن إيران تمثل مشكلة حقيقية“.
واذا ما اضفنا الى ذلك، تأكيد ترامب خلال خطابه الشهير في قاعدة عين الاسد عن عزمه تنفيذ عمليات عسكرية داخل سوريا انطلاقاً من العراق، فإن الخطط الامريكية في المنطقة تتكشف وبشكل پانورامي يحرج جميع من لا يريد ان يرى او يسمع الحقائق كما هي.
موقف ترامب الأخير يتزامن مع النفي المتواصل الذي تلتزمه قيادة العمليات المشتركة ازاء الانباء المتواترة عن النشاط غير القانوني الذي تمارسه قطعات اميركية في مناطق متفرقة من البلاد، وكان اخرها في كركوك وميسان والانبار.
فقد عودتنا العمليات المشتركة، لاسيما في حقبة العبادي، اصدار مواقف غامضة ومشوشة تصبّ بالمحصلة في الدفاع عن القيادة الامريكية وردّ التهم الموجهة ضدها، على حساب مصداقية المؤسسة العسكرية العراقية وثقة الناس بها.
فكلنا يتذكر مواقف العمليات المشتركة التي اصدرتها في الدفاع عن القصف الامريكي الذي طال منازل المدنيين في الموصل وراح ضحيته المئات، بينما ألقت القيادة الامريكية مسؤولية الضربات على خطأ الاحداثيات التي وصلتهم من الجانب العراقي، وتنصلت عن مسؤولية ذلك. ثم لتعود القيادة الامريكية لاحقاً لتعترف بالخطأ، من دون الاعتذار من توريطها للقيادة العراقية.
ثاني هذه المواقف التي تبرعت فيها القيادة العراقية عن الاخطاء المقصودة التي نفذها الطيران الاميركي، تلك التي استهدفت ثكنة لقطعات الحشد الشعبي عند موقع حدودي مع سوريا في حزيران ٢٠١٨.
وقتها اصدرت العمليات المشتركة اطول واغرب بيان تعلنه جهة عسكرية، وتضمن دفاعاً غير مباشر عن الجهة التي لديها القدرة على تنفيذ هكذا ضربات مركزة في منطقة جغرافية حرجة راح ضحيتها اكثر من خمسين مقاتلاً.
في ذلك البيان اكدت العمليات ان الضربة وقعت في منطقة "الهري" داخل الاراضي السورية، نافية وجود قطعات عراقية لها صلة او تنسيق بها.
ولم تكتف العمليات بذلك، فقد نسبت الى نائب رئيس هيئة الحشد نفيه العلم بأي بيان اصدرته الاخيرة يؤكد الحادثة، كما وينفي وجود قوات عراقية داخل الاراضي السورية.
حينها اعتبر الكثير من المراقبين والمتابعين لملابسات الحادثة، بيان العمليات المشتركة بانه موقف امريكي لكنه كتب بلغة عربية.
وهو ما دفع نائب رئيس هيئة الحشد ابو مهدي المهندس الى اصدار بيان ينتقد فيه بيان العمليات، ووصفه بانه "جاء بشكل مستعجل ومرتبك"، مؤكداً ان نائب قائد العمليات المشتركة شدد على "ضرورة ابقاء هذا الخط الدفاعي لما يشكله من أهمية".
نهج التبخير للاخطاء الامريكية، وتبرير التواجد العسكري والتستر عليه استمر حتى الايام القليلة الماضية.
ففي مقابل الانباء والصور التي يتم تداولها في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي عن جولات قامت بها قطعات عسكرية في الموصل وشارع المتنبي ولاحقاً في الفلوجة، نفت العمليات المشتركة ذلك جملة وتفصيلاً، في بيان اصدرته نهاية الشهر الماضي.
لكن جولات الاستطلاع التي تقوم بها القطعات الامريكية وكشف عنها الحشد عند الحدود السورية، ومؤخراً في شوارع الموصل، وضحّت حقيقة البيانات السابقة التي اصدرتها العمليات المشتركة في هذا الخصوص، والتي عرّضت مصداقيتها للاهتزاز بشكل غير مسبوق امام الرأي العام العراقي.
وفي هذا الاطار، يمكننا ادراج الموقف الذي اصدره مؤخرا نائب قائد العمليات المشتركة واكّد فيه حاجة العراق الى بقاء قوات وقواعد امريكية، متجاوزاً بهذا الموقف السيادي، الذي يعتبر من اختصاص القائد العام والبرلمان والجهات العليا، كل اعراف الانضباط المعروفة عن المؤسسة العسكرية العراقية.
لقد كشف ترامب اليوم بشكل صريح الأهداف التي تقف وراء التكتم على عديد القوات الامريكية، والتستر على القواعد العسكرية وطبيعة عملها.
انه يقولها بشكل فجّ وصريح ان الهدف من كل ذلك هو تحويل العراق الى قاعدة للاعتداء والتجسس على دول الجوار!!
فهل سينتصر ساستنا وجنرالاتنا لمصالحنا، وينحازون الى الدستور الذي يحظر كل عمل عدائي ضد دول الجوار؟ ام اننا سنشاهد مواقف يتبرع بها اصحابها لتفسير ما يقوله ترامب بالانكليزي الفصيح و "على عينك يا تاجر"؟!
أقرأ ايضاً
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- أيهما أقل ضرراً: ترامب أم بايدن؟
- هل سيسدد ساستنا فاتورة ما يحدث ؟