بقلم:عباس الصباغ
لايضيف جديدا من يقول ان الانتخابات البرلمانية المرتقبة والمؤمل اجراؤها في الثاني عشر من ايار المقبل هي اهم حدث سياسي مفصلي في تاريخ العراق المعاصر ، فان كانت الانتخابات البرلمانية السابقة قد شهدت تحديات كثيرة ناء بحملها العراق دولة وشعبا تمثلت بالتداعيات الامنية الخطيرة لتنظيم القاعدة الذي فرّخ تنظيم داعش وما جرى بعد العاشر من حزيران (2014) من احتلال لحوالي نصف مساحة العراق من ويلات ودمار رافق الاجتياح الداعشي، فيما تأتي هذه الانتخابات بعد انحسار تلك التحديات وزوال اخطارها وبعد تحقيق النصر الناجز والمؤزر على يد القوات الامنية والحشد الشعبي والمتطوعين وابطال مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية وغيرهم على عصابات داعش وتطهير ارض الوطن من رجسهم، وبعد افشال المشروع التدميري الذي ارادته الجهات التي صنعت داعش ومولته وساندته لوجستيا وماديا وفتوائيا واعلاميا وتسليحيا وهي جهات راهنت كثيرا على تمزيق العراق واعادته الى مربع الصفر والغاء عمليته السياسية التي اقيمت على اسس ديمقراطية شفافة و على تعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة، ولكن الشعب العراقي كان ولم يزل على قدر التحديات التي انتهى مفعولها واندحر فاعلوها، بفضل تكاتف العراقيين وتلاحمهم وشعورهم العالي بالوطنية الصادقة والمواطنية الصالحة،وهي انتخابات تعكس سيكولوجية مريحة وثقة عالية بالنفس وخاصة بعد ان نجح العراق في فرض احترامه على المجتمع الدولي وكسب ثقته وامتنانه العالي للعراق الذي شكّل خط الصد الاول ضد الارهاب التكفيري ولولا صمودُ العراق بهذا الشكل لاكتسح الارهابيون المعمورة بأكملها ولتكرّر سيناريو الموصل المفجع في كل مكان، وبهكذا اجواء تفاؤلية سيخوض العراقيون انتخاباتهم بنسختها الرابعة على امل ان تحقق ما كانوا يصبون اليه من تحقيق برامج انتخابية وعد بها المرشحون لتنقل العراقيين الى واقع معيشي وخدمي وامني افضل فأهمية الانتخابات لاتكمن فقط في انتاج سلطة تشريعية ورقابية في الوقت عينه، وهي السلطة السيادية الاولى في البلد، وانما في اثبات الذات ايضا ناهيك عن الرغبة العراقية العارمة في ضرورة التداول السلمي للسلطة وتوظيف هذه الرغبة في صنع مستقبل مزدهر للأجيال القادمة فالكثير من العراقيين يحتفظ مخيالهم الجمعي بذكريات مريرة وقاسية عن العقود العجاف السابقة التي صحا فيها الناس الآمنون على صدى بيان رقم واحد، وماكان يرافق ذلك من مجازر بشعة وخراب شمولي يذهب ضحيته الناس العزل ممن لاناقة لهم ولاجمل بما يجري على الساحة العراقية من ارهاصات سببها التدخلات الخارجية وما يرتبط بها من احزاب عاثت فسادا في الارض واهلكت الحرث والنسل كحزب البعث المنحل، ولامحيص عن تغيير هذه الصورة القاتمة والدموية سوى الانتخابات الديمقراطية الشفافة التي هي حق دستوري اقره الدستور العراقي الدائم. فالانتخابات ليست فقط ممارسة آلية وحضارية تحتكم الى صناديق الاقتراع يتم من خلالها فرز اصوات يفوز من خلالها مرشحون بتمثيل الجماهير التي فوضت امرها اليهم تفويضا ديمقراطيا وسلميا وحضاريا وهي ظاهرة حضارية تليق بالشعب العراقي المتحضر .
وتنبع اهمية الانتخابات البرلمانية في العراق من عدة نواح اولا هي مهمة جدا لوضع خارطة طريق لمرحلة مابعد الانتصار الناجز على تنظيم داعش واستحقاقات هذه المرحلة المهمة من تاريخ العراق وثانيا ان هذه الانتخابات ستكون بوابة مستقبلية نحو التغيير الذي ينشده جميع العراقيين في وضع خارطة طريق نحو تحسين الاداء الحكومي وهو طموح الشارع العراقي بشكل عام وموضع امالهم المعقودة على هذه الالية الديمقراطية وهي البوابة الامنة التي يتأتى منها التغيير والاصلاح المنشود وعن طريق التصويت الحر والشفاف المعتمد على وعي الناخب العراقي الذي امتلك تجربة ديمقراطية رائعة هي حصيلة تمسّكه بالثوابت الديمقراطية وحرصه على خوض غمار الانتخابات وتحديه جميع الظروف الصعبة والمخاطر التي رافقت الممارسات الانتخابية السابقة، ومع هذا فقد ادلى المواطن العراقي بصوته الثمين وادى ماعليه مدركا ان مايفعله هو واجب وطني مقدس يقع على عاتقه..
ان جميع الآمال معقودة على نتائج الانتخابات المرتقبة والتي ستحدد ملامح السنين الاربع المقبلة بكل حيثياتها الامنية والسياسية والاقتصادية والاستثمارية والخدمية والمعاشية وغيرها والآمال معقودة ايضا على ان هذه الانتخابات ستكون فاتحة عهد جديد اكثر اشراقا وحيوية وامانا للعراق لتكون هذه الانتخابات معطرة بنكهة النصر وهي انتخابات النصر المبين.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- إعفاء فئات من الضريبة؟ ام كسب اصوات في انتخابات قريبة؟
- كيف ستتأثر منطقة الشرق الاوسط بعد الانتخابات الرئاسية في ايران؟