تستمر نغمة الانتخابات المبكرة في العراق، ومن نفس الجهات السياسية التي طالبت بها في وقت سابق تقريبا، لكن هذه المرة وعلى مايبدو فأن سيناريو تأجيلها و اللجوء لحكومة تصريف الأعمال بات يلوح في الأفق.
وشهد العراق تغييرات متكررة في نظامه الانتخابي خلال خمس دورات تشريعية، إذ اعتمدت غالبية تلك الانتخابات على نظام "سانت ليغو" بمعادلة 1.7.
وقال النائب ياسر الحسيني في تصريح صحفي، إن "خيار تأجيل الانتخابات بات مطروحا من قبل جهات سياسية كبيرة، لكون التأجيل يصب في صالحها على المدى البعيد".
وأضاف أن "السيناريوهات المطروحة حاليا هي حل البرلمان وفق التوقيتات الدستورية واللجوء لحكومة تصريف أعمال إلى أن تأتي حكومة جديدة ومن ثم إجراء انتخابات جديدة".
وتصاعدت خلال الفترة الماضية، دعوات لإجراء انتخابات مبكرة في العراق، وطرح فكرة تعديل قانون الانتخابات، رغم غياب الدعم في البرلمان وجدوى وضرورة التعديل في ظل الأحداث المتسارعة في المنطقة والبلاد.
ويدور التعديل المراد إجراؤه حاليا حول عودة فكرة الدوائر المتعددة ولكن بشكل مختلف عن القانون السابق، إذ يقترح تحويل كل محافظة إلى دائرتين انتخابيتين، باستثناء بعض المدن الكبرى مثل بغداد التي ستكون لها أربع دوائر، وكذلك البصرة ونينوى والسليمانية، التي ستخصص لكل واحدة منها ثلاث دوائر"، بحسب التصريحات الرسمية.
وطوال الدورات السابقة تشرع الأحزاب الماسكة بالسلطة بمراجعة قانون الانتخابات وتعديله وفقاً لمصالحها، مما يضمن إعادة إنتاج غالبيتها البرلمانية، بالتالي قطع الطريق أمام القوى والأحزاب المدنية الديمقراطية والمعارضة لقوى المحاصصة والفساد، ومن ضمنها الأحزاب الناشئة والشخصيات المستقلة، بحسب مختصين.
وكان النائب المستقل محمد الزيادي، كشف ، في 12 كانون الأول الجاري، عن حراك نيابي لإنهاء عمل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة بعد فشل البرلمان في تشريع القوانين المهمة المختلف عليها.
وخيمت مؤخرا، خلافات كبيرة على العلاقة بين "الإطار التنسيقي" ورئيس الوزراء محمد السوداني، تتمحور حول عدم استجابته لقرارات "الإطار" في القضايا الداخلية، مثل عدم التوجه لانتخابات مبكرة، أو الخارجية مثل ملف إخراج القوات الأمريكية.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
الجدير بالذكر أن البرنامج العام لحكومة السوداني، التي منحها البرلمان العراقي الثقة في 27 تشرين الأول 2022، يتضمن مجموعة بنود ومحاور أبرزها بسط الأمن والاستقرار، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، واستئناف العمل بالمشاريع المهمة، ومكافحة الفساد، ومنها أيضا بند ينص على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.
ورغم اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 آذار 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
وكان الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أكد في تصريح سابق، أن "قوى سياسية داخل الإطار التنسيقي هي من دفعت نحو تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، بهدف تقويض حظوظ السوداني وكتلته في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهي من تريد إعادة الدوائر الانتخابية المتعددة، بالرغم من أنها كانت تعارضها سابقا".
وكانت تصريحات نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، في آب الماضي، حول وجود صفقة "إطارية – رئاسية" يجري العمل عليها لتعديل قانون الانتخابات وتحجيم شعبية رئيس الحكومة محمد شياع السوداني انتخابيا، قد أثارت غضب رئاسة الجمهورية، واصفة إياها بـ"الشائعات" من أجل إرباك الساحة السياسية، ملوحة بمقاضاته.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار 2023 بحضور 218 نائبا على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لعام 2018".
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.
أقرأ ايضاً
- كربلاء : ازمة الغاز والنفط والكهرباء سببها الحكومة المركزية
- السوداني يشدد على المراقبة "الدقيقة" بشأن تواجد حزب البعث بالعراق
- التلوث يخنق أجواء بغداد.. شارع فلسطين الأعلى والدورة الأقل