- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أُسُسُ التَّبْلِيغُ الرِّسَالِيِّ
حجم النص
بقلم:نـــــــــــــــزار حيدر ١/ من قولِ الله تعالى {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا} يمكنُ أَن نستنتجَ العناصر التّالية؛ *واجبُ التَّبليغ الذي يتحمَّلهُ الانسان الذي يعيشُ هدفاً سامياً في هذهِ الحياة. **هناك رسالات مُحدَّدة يجب تبليغها، فالتَّبليغُ ليس عبثاً وإِنَّما هو مسؤوليَّة بكلِّ معنى الكلمة. ***إِنَّ من أَبرز وأَهمّ صفات المبلِّغ لرسالاتِ الله تعالى هي صفة الشَّجاعة فالخشية لا تَكُونُ إِلّا من الله تعالى، وهذا ما يمكنُ أَن نُطلق عليهِ مُصطلح الرَّقيب الذَّاتي. ****إِنَّ لتبليغِ رسالات الله تعالى ثمنٌ بسبب التَّحدِّيات التي يواجهها المبلِّغ الشُّجاع! فلا ينبغي أَن يحتسب نفسهُ عند أَحدٍ فكفى بالله تعالى حسيباً، بالتَّوكُّل عليهِ سُبحانهُ وتعالى. ٢/ إِنَّ كلّ رسالات الله تعالى تتمحور حولَ الانسان، حريَّتهُ، كرامتهُ، أَمنهُ، سعادتهُ، وانَّ كلَّ رسالةٍ تتعارض مع الانسان ليست من رسالات الله تعالى أَبداً. ٣/ إِنَّنا اليوم نواجهُ تحدِّيات عقديَّة وفكريَّة وثقافيَّة عظيمة جدّاً، لا يمكنُ أَبداً مواجهتها إِلّا بالتَّبليغ فلقد ولّى زمن الفَرض والاكراه واستخدام القوَّة لاجبارِ أَحدٍ على إِعتناقِ فكرةٍ أَو قسرهِ على فرضِ أُخرى، ففي زمن العَولمة ونظام القرية الصَّغيرة تحرَّرت العقول والإرادات من الكثيرِ من الحدود! فكيف يمكنُ أَن نتحمَّل مسؤوليَّة التَّغيير من خلالِ التَّبليغ؟!. أَوَّلاً؛ أَن يعتمد التَّبليغ على العقل العلم وقوَّة المنطق، بعيداً عن الخُرافات وثقافة الأَحلام والقُصص الخياليَّة، وتجنُّب كلَّ ما لا يستسيغهُ العقل والمنطق!. ثانِياً؛ أَن تكونَ الرِّسالة واقعيَّة وحقيقيَّة بعيداً عن المثاليّات والطوباويّات وأَن لا تكونَ من خارج إِهتمامات النّاسِ وبلاءاتهم كأَن تكونَ تاريخيَّةً تتوقَّف عند الماضي أَو مُستقبليَّة مثاليَّة لا تمسُّ الواقع الذي يعيشهُ النّاسِ والتحدِّيات التي يواجهونَها. ثالثاً؛ أَن تخاطبَ الرِّسالة الانسان كإنسان بغضِّ النَّظر عن خلفيّاتهِ وانتماءاتهِ! لتحققِ مصداقِ الانسانيَّة والعالميَّة لرسالاتِ الله تعالى!. رابعاً؛ أَن يرسم التَّبليغ للإنسان خارطةَ طريقٍ للحياة وليس للمَوت، وللدُّنيا وليسَ للآخرة، وللحبِّ وليسَ للكراهيةِ والبَغضاء، وللتَّعارف وليسَ للتَّقاطع، وللتَّشاور والتَّعاون وليسَ للاستبداد والفرديَّة، وللنَّجاح والتَّقدم وليسَ للفشلِ والتّراجع!. ٤/ وإِنَّ من أَبرز ما ينبغي ان نهتمَّ به هو تبليغِ الرِّسالات للنَّشء الجديد الذي يتعرَّض اليوم لعمليّاتِ غسيلِ دماغٍ واسعةٍ وخطيرةٍ حوَّلت إِتِّجاهاتهُ واهتماماتهُ إِمّا صَوب العُنف والارهاب أَو صَوب التَّحلُّل والتَّفسُّخ والالحاد واللاأُباليَّة!. ينبغي تبليغ الشَّباب رسالات الله بصِيَغٍ علميَّةٍ جديدةٍ ولُغةٍ سليمةٍ ومنطقٍ قويٍّ وآليّات وأَدوات مُستحدَثةٍ ينسجمُ كلّ ذلك وحالة الانفتاح التي يعيشها هذا الجيل!. كما يلزم حثَّهُ على التَّعليم والمطالعة والانشغال بالبحث الفكري والثَّقافي، وتشجيعهُ على تطوير نَفْسهِ على مُختلَفِ المستويات! من خلالِ زرع الثِّقة بنفسهِ والجديَّة بعيداً عن اللاأُبالية، والمُثابرة وتراكم الخِبرة بعيداً عن التذمُّر والتوقُّف لأَبسطِ وأَتفهِ التَّحدِّيات!. ينبغي معالجة حالات الاحباط التي يعيشها الشَّباب لأسبابٍ شتّى! من خلالِ زرع الأَمل والايجابيَّة وفتح آفاق المستقبل أَمامهم. ٥/ وأَخيراً فانَّ من أَهمّ أَسباب نجاح التَّبليغ الرِّسالي هو تحديد هويَّة المتلقِّي، إِنتماءهُ، جنسهُ، عمرهُ، والجُغرافيا التي يسكنُ فيها! فتحدِّيات المرأَة مثلاً في مدينة كربلاء المقدَّسةِ تختلف عنها في واشنطن العاصمةِ! وتختلف عنها في الرِّياض! وهكذا!. إِنَّ من أَكبر أَخطاء بعض المبلِّغين هو أَنَّهم يُخاطبون كلَّ النّاسِ بنفسِ الُّلغة والمنطق والجِدال! ولذلكَ يفشلونَ!. وبرأيي، فانَّ واحدةً من أَعظم مصاديق عالميَّة القرآن الكريم هو تجدُّد مفاهيمهُ على الرَّغمِ من أَنَّ النصَّ واحِدٌ، ولذلك فانَّ النَّاسَ على مرِّ القرون يجدونَ فيهِ ما يحييهم، كما في قولِ الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} بشرطِ الآيةِ وشروطها ومن أَهمّ شروطها قراءة القرآن الكريم بعقليَّةِ العصرِ والحاضر وليسَ بعقليَّةِ الماضي. *ملخَّص المحاضرة التي ألقيتُها في [المعهد الاسلامي العالي] للدِّراسات الاسلاميَّة الأَكاديميَّة، قسم التَّبليغ، التّابع للامانةِ العامَّةِ للعتبةِ الحُسينيَّةِ المقدَّسةِ بتاريخ [١٥ كانون الاوّل ٢٠١٦] المنصرم. E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
أقرأ ايضاً
- أُسُسُ التَّقييمِ (٣) وَالأَخيرَةُ
- أُسُسُ التَّقييمِ (٢)
- أُسُسُ الحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ في الخِطابِ الزَّيْنَبِيِّ (١٢) والأَخيرة لا تَمْحُو ذِكْرَنْا