حجم النص
بقلم: الدكتور طلال فائق الكمالي لو تأملنا عدسات الطائرات وهي تصّور جموع زيارة الأربعين المتوشحة بالسواد حباً وحزناً على من استوطن عاصمة الاحرار في الأرض كربلاء؟ وقد تطهّرت قلوب الحفاة المشاة ببياض السلام الحسيني عقيدةً وعزماً. فلو رصدنا هذا السيل البشري وحراك سعيه من كل حدب وصوب من مشارق الأرض ومغاربها للوصول إلى مقصدهم مدينة الإباء (كربلاء)، لشكّلت لنا لوحة زيتية من أنهار معبئة بالسواد لتستقر في مصبها تحت قبة ذهبية نصبت ركائزها على عرصات حرم مطهّر يلوذ الجميع تحتها لتجديد بيعة الولاء، والتبرك ولو للحظات معدودة. هنا لزم منا ادراك عظمة جليل المقام الذي نقصده وجليل شرفه... ولآل الادراك بنا إلى استفهام مفاده: ما أعظم هذا البلد الذي تشرف بالصرح القدسي فضلاً عن مقدسات أُخر؟ وما ارفع شأن منْ انتمى لهويته؟ وكم هو جليل هذا الشعب الذي وقف بوجه قتلة الحسين المتقدين منهم والمتأخرين بأنماطهم المتعددة وبطرقهم المختلفة وبألوانهم المتغيرة؟ لذا كان لزاماً على حملة الهوية الحسينية الاجتهاد بالحفاظ على شرف الانتماء فضلاً عن شرف نصرة المولى الحسين عليه السلام في ميادين الحياة كافة، تمثيلاً لنصرته بلحاظ سعة ارض كربلاء وزمان يوم الطف.