حجم النص
بقلم:سلام محمد البناي يعد التوثيق مغذياً حيويا لذاكرة الأمم، لا بل هو حاضنة الحقيقة الرئيسة التي يستند عليها الباحثون ويتواصل معها الأفراد والجماعات من أجل ربط ماضي أمّتهم بحاضرها من خلال وفرة المعلومات التي تتحوّل إلى مخطوطاتٍ،و مطبوعات، وبيانات ومذكّرات أو كتب أو إلى توثيق تصويري، وآخر سمعي ومرئي. فالتدوين والتوثيق كما يُقال هو (علم حفظ المعلومات وتنسيقها وإعدادها). وما نشهده اليوم من نجاحات تحققها قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة، وقوات الحشد الشعبي على زمر الإرهاب (الداعشي)، يدفعنا إلى استثمار هذا العلم وتوثيق هذه البطولات والاندفاع العالي للالتحاق في صفوف المواجهة الشريفة، التي جاءت تلبيةً لنداء الوطن و المرجعية الدينية العليا التي نادت بالجهاد الكفائي لحماية أرض العراق وشعبه ومقدساته وتراثه. في كلمة حفل افتتاح فعاليات مهرجان فتوى الدفاع المقدّس الثقافي السنويّ الأوّل لفتوى الوجوب الكفائي الذي تقيمه العتبة العبّاسية المقدّسة أكّد المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة السيد أحمد الصافي على ضرورة توثيق الانتصارات والمواقف الانسانية التي جاءت بعد الفتوى التي صدرت من المرجعية الدينية العُليا ولابُدّ أن يكون هناك حرص على مسألة التوثيق وكتابة أيّ شيء عن هذه المعارك لأن التوثيق شاهد حيّ نحتاجه لبيان بسالة وشجاعة هؤلاء الأبطال الذين يقاتلون، وأيضاً لبيان خسّة ودناءة الطرف الآخر الدواعش. إذاً علينا أن لا نكون مستهلكين للخطابات الإعلامية فقط في نقل حقيقة الانتصارات بل لابد وأن تكون هناك كتب ومدونات تؤرّخ وتوثق هذه الانتصارات. وما ذكره السيد الصافي دفعني إلى أن أتساءل مع نفسي لماذا نتفاخر ببطولات البابليين والسومريين وبمعارك الرسول محمد (ص) وأهل بيته الكرام (ع)، ولا نكتب عن بطولات تاريخنا المعاصر ونتفاخر بها ؟ ألسنا امتدادا لهم؟ ألسنا أبناء لهؤلاء وامتدادا طبيعيا لعظماء تاريخنا؟ إذاً علينا أن نكون منصفين في التوثيق وخاصة نشر وتوثيق (ثقافة الانتصار) التي يجب أن تسود لتصبح ظاهرة من ظواهر الوعي المجتمعي، لاسيما ونحن نمتلك كل ما توصل إليه العلم الحديث من وسائل وتقنيات يمكن لها أن تفجر ثورة في عالم التوثيق والأرشفة وأن لا نكون شفاهيين ونكتفي بتداول الأحداث وكتابة التقارير الصحفية واقامة المهرجانات التي ربما تترك أثرا آنيا على الرغم من أهميتها. فنحن لطالما اختلفنا في مسائل كثيرة في التاريخ لأن نقلها لم يكن صحيحا فاصبح كلّ طرف ينسبها لطرفٍ آخر، ومن شخص لآخر وبتحريفٍ بعيد عن الحقيقة. إذ إن تداول الاحداث لابد أن يكون موثقاً وهناك نوافذ عديدة لهذا التوثيق مثل كتابة القصص والروايات أو من طريق انتاج أفلام سينمائية تتداولها الاجيال ويفتخر بها الأبناء لأن ما سمعناه من قصص انسانية بطولية تستحق الوقوف عندها طويلا مثلما تصلح أن تكون مادة توثيقية مهمة لأنَّ فيها دروساً عظيمةً عن البطولات التي حققها الجيش العراقي والحشد الشعبي ولوحات رائعة في صناعة الجمال وتعزيز روح الانتماء للوطن. ولا نكتفي بذلك بل نقيم متاحف خاصة لمقتنياتهم وصورهم ولكل ما له علاقة بهذه البطولات فهناك الكثير من الشعوب في العالم التي ناضلت من أجل حريتها ودخلت حروبا كثيرة قد وثقت وكتبت ما تعتقده مفخرة لتراثها ولأجيالها بعد دخولها لحروب عديدة. وعلى مراكز الدراسات والبحوث أن تتبنى طباعة ما تجود به قريحة كتاب القصة والرواية والافلام ودعمها وان يكون هناك تفكير جدي ومدعوم بتأسيس مركز يُعنى بتوثيق بطولات الحشد الشعبي وهذا ليس بالأمر العسير فهو يُعد تشجيعاً وعنصرا جاذبا لمن يمتلك المعلومة والقدرة على كتابة شذرات متوهجة لسفر الجهاد المحمدي ويُسهم في صناعة جيل يعتز بمرجعيته، وبوطنيته، وبحبه لبلده ومقدساته وكيف انتفض الشرفاء للدفاع عن الأرض والعرض والشرف والكرامة بإيمان قوي وعقيدة راسخة ومن كل الطوائف من أجل مستقبل الاجيال القادمة. كاتب واعلامي