حجم النص
بقلم:سلام محمد البناي / أديب وصحفي نجحت القوات المسلحة من الجيش والشرطة، وقوات الحشد الشعبي بكافة توصيفاتها وعنواناتها، من تحقيق انتصارات واضحة وكبيرة على زمر الإرهاب الداعشي، ومن اللافت أن هذه الانتصارات أوضحت حقيقة مهمّة وهي أن صبر العراقيين على الشدائد والمحن، ينتج ردة فعل قوية تؤدي إلى سرعة تكاتفهم من أجل الخروج من الأزمات، وقد ولّدت هذه الانتصارات إنتقالة سريعة من حالة الإحباط - بعد دخول داعش للموصل- إلى حالة أخرى جديدة هي ترسيخ ثقافة جديدة - ليست نخبوية فقط - وإنما ثقافة شعبية وهي (ثقافة الانتصار) التي تشكلت ملامحها لتصبح ظاهرة من ظواهر الوعي المجتمعي، حتى إننا أصبحنا أمام خطاب ثقافي مختلف يحمل ثقافة الأمل والتفاؤل والانتصار، خطاب أشاعَ ثقافة الانتصار إذ بدأ الشعب يقرأ الأحداث قراءة واعية وبات منتبهاً للخطابات التي تحاول أن تهيئه لكي لا يستمع إلا إلى خطابات الهزائم والانكسارات والإشاعات المغرضة. و أصبحت أخبار الانتصارات تتصدر وسائل الاعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى دعم الجيش والحشد الشعبي ورفع معنوياتهم. وأصبحنا أمام حالة من الاندفاع العالي للالتحاق في صفوف المواجهة الشريفة، وكل ذلك من غير مقابل مادي ولكن الجميع جاءوا تلبية لنداء الوطن و المرجعية الدينية العليا التي نادت بالجهاد الكفائي لحماية أرض العراق وشعبه ومقدساته وتراثه.. يتذكّر البعض في الحرب العراقية الايرانية كيف كان الشباب يساقون لها عنوة، وكان هناك الكثير من الهاربين من نارها، وكان الشباب هم حطب لتلك الحرب التي لا طائل منها، ولكن ما الفرق بين حماسة الانسان واندفاعه وحبه للشهادة بين حرب الامس وحرب اليوم ؟ قيل لي أن أحد المقاتلين الشباب من الحشد الشعبي وبعد أن أزعجهم قناص داعشي أرادوا الاستدلال عليه لقنصه فما كان من هذا الشاب العراقي الغيور إلاّ أن قام ليلا بإشعال مصباح يدوي (تورج) متقصدا أمام اعتراض زملائه على ذلك خوفا من رصده من قبل القناص أجابهم إنَهُ يتقصد ذلك لكي يتمكن زملاءه من تحديد مكان القناص عندما يطلق النار عليه... فأي تضحية هذه وأي إيثارٍ عندما يكون هناك شاب بمقتبل العمر يضحي بنفسه من أجل اخوانه في ساحة الحرب. إذن نحن اليوم أمام ثقافة جديدة ومسؤولية شرعية ووطنية يحمل رايتها الشباب والشيوخ.وعلى النخبة المتصدية للخطاب الديني والسياسي والثقافي والاعلامي اليوم مسؤولية كبيرة، وهي مسؤولية بناء منظومة جديدة تؤسس لثقافة جديدة هي ثقافة انتصار العراق بكل مكوناته وطوائفه من أجل خلاصنا من هذه الهجمة التي تريد تحطيم تاريخ ومقدسات هذا البلد العريق،وهذه هي الثقافة التي يجب أن تسود في مجتمعنا من أجل دعم الجهود الأمنية والسياسية والاقتصادية بكل ما نملك من وسائل متاحة ولكي يفهم الآخر الذي راهن على تفكك النسيج الاجتماعي للعراقيين بأن رهاناته مصيرها الفشل وقد آن الأوان لمغادرة ثقافة اليأس والهزائم والإقبال على ثقافة المحبة والتكاتف التي تفضي إلى تحصين المجتمع من تغلغل الإرهابيين والمجرمين...