- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
((القطاع العام.. سكين الخاصرة بوجه النهضة الاقتصادية في العراق)).
حجم النص
بقلم:حيدر مرتضى (ما زال القطاع العام يشكل اليوم العبء الاكثر ثقلاً على كاهل ميزانية العراق، في مقابل إنخفاض انتاجيته وكفاءته العملية، إلى الدرجة التي يمكننا تشبيهه بـ (الغول) الذي يبتلع ما يجده أمامه من موارد اقتصادية، دون ان يقدم شيئاً.. إن فهم سبب نجاح هذا القطاع نسبياً في زمن لنظام البائد وفشله في وقتنا الحالي يتطلب فهم طبيعة كل من النظام الاشتراكي والرأسمالي. فالنظام الاشتراكي يشجع نمو القطاع العام، ورفع أعداد الموظفين الحكوميين إلى أعلى مستوى ممكن، وذلك التشجيع نابعاً من فلسفته التي تجعل الملكية بيد الدولة؛ وإيمانه بإن الحكومة قادرة على ممارسة وظيفتي (الانتاج والمراقبة) في نفس الوقت؛ وبذلك فهو يحصر راس المال بيد الحكومة. بخلاف النظام الرأسمالي الذي يشجع نمو القطاع الخاص، والذي يميل إلى تقسيم المهام بين القطاع العام والقطاع الخاص، حيث يتكلف القطاع الخاص الشعبي بوظيفة (أنتاج السلع والخدمات)، بينما يتكلف القطاع العام بوظيفة (مراقبة وتنظيم عمل القطاع الخاص). إن "القطاع العام" غالبا ما يميل للفساد، للكسل، للأستهلاك، للخمول، من منطلق المثل الشعبي (مالت عمك ما يهمك)، ولذا نجده بصورة عامة غير حريص على المال العام؛ إلا اللهم، إذا كان على رأس الحكومة دكتاتور (فرد او حزب)، لديه قبضة حديدية، لكي يستطيع ضبط إيقاع عمل هذا القطاع العام، وتسخيره لخدمة هذا الفرد او الحزب، وبالنتيجة يصبح للقطاع العام انتاجاً ملحوظاً. وربما بعض من هذه التجارب الناجحة هي: الصين، كوريا الشمالية، اتحاد السوفيتي سابقا،، كوبا، فنزويلا، العراق بزمن النظام البائد... إن التحولات السياسية التي شهدها العراق في عام 2003، كان ينبغي ان يصاحبها نمطاً جديداً، ونظاماً اقتصادياً يتماشى مع الجو الديمقراطي، وغياب القبضة الحديدية، حيث كان من المفروض ان يتحول رأس المال بيد القطاع الخاص، وهو القطاع الاكثر حرصاً على أمواله - التي بالنتيجة هي اموالاً عراقية - وهو الاكثر قدرة بنفس الوقت على استثمارها وتنميتها، فهو المستفيد بالدرجة الاساس من عوائد الاستثمارات والتطوير، وهو ما ينعكس بالنتيجة على الوضع الاقتصادي للبلد. إلا إن غياب الاستراتيجية الاقتصادية في البلد، ونزعة الساسة العراقيين إلى تقديم حلول سريعة لتوظيف الايدي العاملة، بالإضافة إلى استخدام الساسة لتوظيف الشباب لأغراض سياسية وانتخابية وحزبية، كلها عوامل تسببت بنمو القطاع العام إلى الدرجة التي بتنا نستطيع وصفه بـ (الغول) الذي يستهلك الموارد والثروات الوطنية، في الوقت نفسه يسعى – القطاع العام – إلى سحق القطاع الخاص لأسباب قد يكون منها الخشية منافسته، او خوفاً من تقليل فرص الفساد، او ربما حقداً طبقيا! لقد تسبب القطاع العام بوصول البلد إلى مرحلة باتت تهدد القطاع العام نفسه، فحسب تقديرات البنك الدولي، فإن العراق سيكون قادراً على الصمود بهكذا وضع لمدة 10 سنين فقط، وبعدها يصبح العراق عاجزاً عن تسديد التزاماته المالية الداخلية منها والخارجية.. إن اغلب الخطوات التي اتخذها رئيس الوزراء "حيدر العبادي" حكيمة، وخصوصاً انها تأتي في ظل رعاية اممية، واستشارات من قبل مؤسسات دولية، إلا ان برز التحديات التي تواجه هذه الاصلاحات هي الممانعة الكبيرة التي يبديها القطاع العام، وهي ممانعات ينبغي ان تواجه بحزمة من الاصلاحات التشريعية والقانونية، التي تضمن خصخصة هذا القطاع دون ان يواجه العاملين فيه مخاطر تهدد امنهم المعيشي! أما التحدي الثاني، هو المدة الزمنية المطلوبة للوصول والحصول على ثمرة هذه الاصلاحات، في ضوء نفاذ صبر الشعب والمخاطر المحيطة به. )