حجم النص
الكاتبة أمل الياسري منارة الحدباء، ومرقد النبي يونس، وشيت، ودانيال (عليهم السلام أجمعين)، وقلعة الموصل، ونصب أبي العلاء المعري، وقرى أم الربيعين، وتلعفر الحضارة، وسنجار التلاقح الثقافي، العربي والكردي، وكنائس المسيحية، وجوامع التركمان، ومنادي الصابئة والأيزيدية، هي فسيفساء القوميات، والطوائف، والأديان، كلها تجتمع بجمال طبيعتها، وتنوع زهورها، وطيبة ساكنيها، إنها المحافظة التي سبيت نينوى! إستيقظت الموصل في صباح يوم أسود، والقائد العام للقوات المسلحة، لديهمعلومات حول التوتر الأمني، بسبب النزاعات والصراعات الفئوية لإدارة المحافظة، فلم يتحرك أحد، فالأمر ليس بالخطير! هذا إذا ما علمنا بأن القادة الكبار، تركوا كل شيء وراءهم، فغطت الرايات السود سماء المحافظة، دون أن يدركوا كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟ فتيات الشمس، مجموعة من المجندات الأيزيديات، اللواتي تطوعن لقتال داعش، بسبب المعاملة الوحشية التي تعرضن لها، أثناء إحتلال سنجار، ولم يتمكنَ من النجاة، ووقعنَ في الأسر، ومع المرارة والإحتقار، وجدت (شنكالي) أشهر مغنيات الطائفة الأيزيدية، طريقها للإنتقام من الدواعش الجبناء، والثأر لبني جنسها الذي عانى السبي، والعنف، والإذلال في سوق النخاسة! المجندة (شنكالي)، تمكنت من تدريب (123) امرأة من طائفتها، مؤكدة بأنها ماضية في طريق الشهادة، متى ما حانت فرصتها للثأر، من هؤلاء المجرمين، الذين لا يمتون للإسلام بصلة، فالدين الذي جاءوا به وثني جاهلي زائف، يهين المرأة بأبشع الصور، وإلا مَن وكلهم بحق بيعنا وشرائنا كالإماء، ألا تعساً لهم ولإسلامهم! (إن الجرأة في إختيار حياة أخرى، ينظم الإنسان فيها سلوكه للعبور، الى مرافئ التحرر من الدنيا، وإستلهام دروس الحرية الحمراء، من أجل الأرض والعرض) هذا ما أكدته شنكالي الأيزيدية، التي أضافت: (أن الوقت الضائع في الصمت، سأتركه ورائي رغبة مني، في قطع علاقتي بالماضي التائه) لأن حاضري يريد شيئاً أخر! المسألة الكبرى لما تقوم به فتيات الشمس الأيزيديات، أن بعضهن فقدن أطفالهن أثناء السبي، لأنهم لم يتحملوا مرارة الطريق، وحر الصيف، فتركنً قبورهم على أرصفة الطرقات، دون دليل دال عليهم، فلا يسع الوقت بعد لزيارتهم، إن غاب هذا الوحش المجنون(داعش)، والنساء تتكلم بحسرة وألم بعمق الكون، ولكن بلا مغيث فقررنَ الثأر! مذكرات شنكالي تؤرخ زمناً بائساً، للسبي، والذل، والإستهانة بقيمة المرأة، لم يتوقع أحد حدوثه، لنساء العراق في يوم من الأيام، وما يزيدنا حرقة وحزناً، هو أن الحكومة، والقادة، والمسؤولين لم يحركوا ساكناً، لنصرة هؤلاء الثكالى، بل إن العالم هو من إستجاب لإغاثتهم ومعالجتهم، مع بعض الخيرين من أبناء عراقنا الجريح. إختفاء الطيور الصغيرة في الرمال، وإستباحة أزقة المدن القديمة، وإنتهاك الحرمات والأعراض، وإنشاء أسواق النخاسة للبيع والشراء، ومشاهد الموت الجماعي، والإبادة العرقية، هو ما جعل فتيات الشمس المجاهدات، ينتفضن لقتال الدواعش الأوباش، وقد إخترنَ في العراق وظيفة جديدة لمدى الحياة، إنها حياة العز، والشرف، والجهاد، والشهادة من أجل عالم أفضل!