حجم النص
منع ابن تيمية أم هزيمة الظلام..... بقلم:باسل رفايعة هل يُمكن منعُ كتب أحمد بن تيمية، وابن قيم الجوزية، وناصر الدين الألباني، ثم سيد قطب، وغيرهم، ممن تحوي مؤلفاتهم مواقف صريحة في المغالاة والتطرف والتكفير؟ بعضها موضعُ جدل قديم، بين معاصريهم وتابعيهم، وبعضها مراجع مؤكدة للتنظيمات الارهابية، ولا سيما "القاعدة" و "داعش" وما استنسخه ظلام العقل العربي من حركات ومذاهب، تدفعنا الى الهاوية تلو الهاوية، ونحن نترنّحُ بين التواطؤ والعجز. كردستان منعت كتب ابن تيمية. أما الأردن فتحفّظ على الموجود منها، ومنع دخول طبعات جديدة. وثمة دول عربية أخرى، تدرس تدابير مماثلة، وفي مصر تحديداً، يدور جدل حول أمر مشابه، يقوده الكاتب والاعلامي اسلام البحيري الذي دعا الى منع ابن تيمية تحديداً، أكثر من مرة. وتجدُ كثيراً من النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن أحدهم تساءل عن استمرار طبعات "الكتب المظلمة" منذ عقود، وذكّرت مُدوّنةُ بأن "الجماعة الاسلامية" التي اغتالت الكاتب والمفكّر المصري فرج فودة في العام 1992، اعتمدت على فتوى لابن قيم الجوزية. كتب ابن تيمية كدّسها طلبة غاضبون في جامعة أردنية، وأضرموا فيها النيران مطلع هذا العام، رداً على حرق "داعش" الطيار الاردني معاذ الكساسبة، وهو ما اعترفت به مجلتهم "دابق" ونقلت نصّاً عن ابن تيمية بجواز الحرق والتحريق. والتنظيم يجدُ في مؤلفاته التبرير الشرعي، لكل ما اقترفه، ولا يزال، في العراق وسورية وليبيا وسيناء. لا تغيب المفارقات، كما لو أنّها كوميديا، عن عوالم العرب والمسلمين. غالبية كليات الشريعة في الجامعات تدرس ابن تيمية وتلامذته وتابعيه، ولنا أن نتخيل في أيّ سياق. هل هو في تاريخُ الفقه، أم في اصلاحاته، أم في ما مُني به من انتكاسات وتطرّفات. أم لا هذا ولا ذلك. فمعظمُ اساتذة الشريعة، وواضعي الخطط الدراسية هم من تلامذة ابن تيمية الذي مات قبل 687 عاماً. وهم يجادلون الآن بأنّ للرجل فتاوى وأفكاراً مفيدة للناس، ولا تثريب عليه إذا شكلت "الفتاوى" أو "قاعدة الجهاد" أو "الصارم المسلول.." أو "الحسبة في الاسلام" إلهاماً واضحاُ وقواعد أساسية للإرهاب، وآخرها تجمُّع الهمج واللصوص في ما يُسمّى "دولة الخلافة الاسلامية" التي باعَ شذّاذها في الأسابيع الماضية طفلة صغيرة في الموصل بخمسة دولارات. هل يُمكن منعُ الظلام؟ دائماً نستطيعُ أنْ ننجحَ. لكن منعَ الكتب هدرٌ للجهد، لا طائل منه. فمعظم كتب فقهاء التطرف محفوظة في خوادم عملاقة حول العالم، وفي تقنيات السحاب ايضاً، وحجبها من على شبكة الانترنت، لن يُفيد، ثم أن الكتاب المطبوع يتراجع قراؤه عموما، وكل تدبير سيُكون حماسيّاً ومسليّا لجيوشٌ من المتطرفين، الذين يقودهم فقهاء الفضائيات وتجار الدين، تحت لواء ما يُدعى بـ"الجهاد الالكتروني". الكارثة حلّت فعلاً. الخروج منها يبدأ بمراجعة المناهج العربية منذ الصفوف الابتدائية، وتنقيتها من حضور ابن تيمية وغيره، ولا بأس بتنظيف مكتبات المدارس والجامعات من كتب التشدد، لحماية أبنائنا، منها، ومن المخدرات. وإذا كنّا في حاجة لخريجي كليات شريعة من الدعاة المعتدلين، فأوّل ما نفعله أن ندفعَ الى الواجهة اساتذة معتدلين، يُغيّرون الخطط الدراسية، ثم نحتاج هيئات عربية لإعادة البحث في شؤون الفقه، وإصلاحه من فتاوى التكفير والتحريق والحسبة. نحتاج الى اعادة النظر في قضايا شرعية، ظلّت تاريخياً محل جدل، ومنها اقامة الحدود والجهاد في القرن الحادي والعشرين. نريدُ أن نجاهدَ فعلاً، ليس لنرفع علماً أسودَ، نقتلُ تحته البشر، ونصرخً فيهم بأننا متفوقون، ومسخّرون لقيادتهم واذلالهم، بل لنرفعَ رايةُ الحياة، ونعيشُ في ظلّها وظلالِها، مثل بشرٍ مستعدين دائماً لهزيمة الظلام. اقرا للكاتب ايضا http://www.non14.net/62162/
أقرأ ايضاً
- أعلى حصيلة منذ عقود.. الجيش الإسرائيلي يعلن ارتفاع حالات الانتحار بين جنوده
- مكتبه الاعلامي: ( ١٠٦٠) مشروع نفذتها حكومة السوداني خلال العام (٢٠٢٤)
- المملكة المتحدة .. الجالية العربية تواصل تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني