حجم النص
بقلم:الدكتور بدرخان السندي بالرغم من ضعف ميلي الى اطلاق تسميات عديدة على مفردة الديمقراطية ذلك ان تعدد التسميات كثيراً ما اخرجتها عن محتواها واهدافها لاسيما في البلاد الدعية بالديمقراطية لا الداعية لها تلك التي جعلت منها لبوساً لا حياة ومظهرا لا تطبيقاً، ولم اجد من مفردة المسخ مفردة اكثر ملاءمة للديمقراطية في العراق حيث تمارس (مسرحية) الديمقراطية بادمان وليست الديمقراطية بعينها حتى آلت دراما ديمقراطيتنا الى ما يشبه مسرح الأطفال الذي هو الاكثر في تقبل السذاجة والخيال والممكن السهل والفرح الملفق والبهرجة الصاخبة في الديكور والتسويف والتسطيح اعتمادا على طيبة ونقاء الجمهور (الأطفال) مع احترامي الى شعب العراق.. نعم هذا هو واقع ديمقراطيتنا المسطحة الممسوخة التي يستمر الممثلون والمخرجون والمنتجون في جرأة ادائها وانتاجها واخراجها وادارة شباك بيع تذاكرها اعتماداً على ثقة الناس وطيبتهم وجهلهم وبراءتهم وضعف ممارستهم لمفهوم الديمقراطية.. والنتيجة عراق مفلس وتجار سياسة بتراء ذات قوام فاحش.. لصوص بكل معنى الكلمة لا فرق اخلاقي بينهم واي نشال في الشارع سوى ضخامة المبالغ المسروق هذه هي حقيقة صناع الديمقراطية العراقية. بناية المسرح في حماية تامة واذا كان صناع الديمقراطية العراقية مختلفون في رؤاهم ومناهجهم ومشاربهم وقومياتهم ومذاهبهم فانهم متآلفون متساوقون متفاهمون دونما حاجة الى مصالحة او مفاوضة في مسائل اخرى منها حراسة بناية المسرح فما ان يقترب مشاهد اصيل او ممثل جاد او مخرج مخلص حقيقي من خشبة المسرح حتى يتداعى له الحراس بمنعه او اقصائه او تصفيته او التنكيل به والاساءة اليه، فضلاً عن تآلفهم اي القوامون على المسرح والمسرحية في مسألة لا تقبل النقاش وهي (الربح العام) الذي تدره المسرحية والذي يدفعه الجمهور ليشفي شغفه التاريخي في معاينة للذات على نحو افضل رغم ان كلفة الدخول لا يطالها خيال المؤرخين والساسة، فقد دفع البعض من هذا الجمهور ارواح اعزتهم او سنين فلكية من حياتهم في انتظار الفرج في دهاليز وسراديب مرعبة من اجل بطاقة دخول لمشاهدة هذه الدراما التي هم اساساً مادتها ووحي قلمها. هكذا هي الديمقراطية في بلادنا.. لكن اذا مازار صحفي اجنبي هذه البلاد واراد ان يكتب او يصور فهو لا يجانب الحقيقة ان قال نعم هذه البلاد معنية بالمسرح والدراما والفن ولها جمهور كبير من المشاهدين منها هي صالة المسرح فخمة وهاهم الممثلون تشق حناجرهم الأسماع وتصور قنوات التلفاز نشاطاتهم و (عركاتهم) المسرحية تحت قبة البرلمان وهاهو الجمهور يتابع في الصالة وحتى خارج الصالة المؤتمرات البرلمانية الواقفة والمنبطحة.. هاهي الصحافة العراقية الورقية والالكترونية مشغولة تغطي وتتابع وتجري حوارات ويظن الصحفي العراقي المسكين انه يمارس (مهنة البحث عن المتاعب) مسكين الصحفي العراقي فقد اصبح بدوره ممثلاً رغما عنه يذكرني بمسرحية (طبيب بالرغم عنه) وبات جزءاً من المتاعب الممسرحة مسبقاً انه لا يبحث عن المتاعب بل تأتيه المتاعب جاهزة معلبة او ملفوفة حد الاهانة حينا وحد الموت حينا اخر. وهنا يتبادر الى الذهن سؤال وباختصار (لماذا) نعم لماذا كل هذا الذي يحدث.. لماذا ازحنا طاغية واتينا بطغاة واذا كان النظام الاول متجسداً بشخص واحد هو الدكتاتور الذي اضطهد شعب العراق فأننا اليوم امام عدد من الطغاة امعنوا في ايذاء العراق سواء باراقة الدماء او نهب المال العام او تفتيت كل البنى التحتية وكما يقول المثل العراقي (صرنا على الحديدة) بالرغم من ان مناسيب الدخل العراقي كانت في ارتفاع مذهل منذ زوال صدام.ماذا يريد كتاب مسرحية ديقراطيتنا العراقية ان يقولوا وما رسالة مخرجيها ولمصلحة من تنتج ويعاد انتاجها من هم هؤلاء الطغاة الجدد ولماذا هذا الذي بشعبهم يفعلون؟. انهم (الأحزاب) السياسية المنتشرة والمتشطرة والمستذهبة والمستنسخة والمتلاقحة والمتوالدة والمقترنة والمطلقة والمنسلخة والمتحدة.. نعم كل احزاب العراق سرقوا العراق واساءوا الى شعوبهم ومازالوا يسرقون وينهبون ومامن رقيب ولاحسيب فالرقيب جاء لينهب ويثرى ويمضي وهكذا تدور مسرحية الديمقراطية العراقية التي ذكرناها بكل حشمتها واكسسواراتها واناقتها وخطابيتها وحراسها ومكاتبها ومنظريها وفلاسفتهاوشبكاتها الاعلامية.وليس لي ان اقول وبعد كل هذا: ايتها الاحزاب ارفعي يدك عن شعب العراق فكفاه اختطافا. ملاحظة: بطاقة الدخول الى المسرحية تباع في السوق السوداء – (كشك الخضراء) فقط لا غير.
أقرأ ايضاً
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية