حجم النص
بقلم:فلاح المشعل مايحدث في العراق ليس تحطيم بنى تحتية وتعطيل نمو وتخريب إقتصادي، أو ترسيخ ثقافة فساد إداري ومالي وأخلاقي وإعلامي، أو إشاعة مناخ العصابات والفوضى والصراعات الدموية وعسكرة المجتمع تحت عناوين الميليشيات والجماعات المسلحة والخارجين عن القانون، وحسب...! يحدث في العراق إفشال ومصادرة أي مشروع لبناء الدولة العراقية الجديدة التي تأسست بعد 2003، أي الدولة المدنية الديمقراطية، الأمر أدركه بعض العقلاء المتعمقين بقراءة الآخر، لكن غالبية السياسيين الحاكمين الذين حذفت بهم الصدفة والصفقات الطائفية وجداول حسابات المحتل ومشاريع النصب والإحتيال الدولي، لم تكن لهم قدرات فاعلة سواء في معرفة المخبوء أم في الإنتماء الوطني، لذا صاروا،لقاء منافع شخصية ومناصب وصفقات مليونية، جزءا ً من لعبة تدمير وطن وإبادة شعب، وتمزيق وحدته وهدر تاريخه وتكوينه الجغرافي أيضا ً. الخلل بنيوي ويكمن في دستور مشبوه غرس أسباب الفرقة وأعطى موجبات لهذا التشرذم الذي أختصر دولة وشعب بمكونات متجه لثقافتها الفرعية، تاركا ماهو وطني وأي ثقافة تتجاوز آثار الماضي ومساوئه نحو مستقبل يكفل المساواة والعدالة والحق للجميع. المتصدون للسلطة من الأحزاب الشيعية أصبحوا عناوين مخزيةً للفساد والتابعية والإستفراد، والتمثيل الفاشل لدكتاتورية لايملك مقوماتها الموضوعية ولاالشخصية، فأضاع ثلث العراق تحت سيطرة عصابات " داعش " بعد أنتشار مستعمرات فساد لامثيل له في التاريخ، بمشاركة أحزاب سنية أنطوت على محور الصراع من أجل النفوذ والمال والسلطة ومرحت كثيرا ً على مدارج الفساد أسوة بالأحزاب الشيعية، الى جانب أحزاب كردية أحترفت الخبرة والإندفاع لبناء تجربتها الذاتية القومية على نحو براجماتي، مدخرّة للقوة بكل عناصرها وتنوعاتها بعيداً عن مشكلات العراق وفوضاه، واقع يغيب فيه التمثيل الواسع للقوى الليبرالية والديمقراطية المعتدلة، جراء التخندق الطائفي الذي استغل الغالبية الجاهلة من الشعب. واقع استحكمت به إراداة الدولة الخارجية بوضوح لايحتاج إجتهاد، إضافة لأمريكا طبعا ً، واقع له مغذيات وروابط تبدأ من شروط النمو الإقتصادي لدول المنطقة مرورا ً بالتابعية السياسية والطائفية واقطابها المتحكمة بالشرق الأوسط، وبقايا ثأرالإنتقام من عراق قوي كان يخافه الجميع، وصولا لأمن اسرائيل وتفوقها في المنطقة..!؟ لحظة تاريخية بغيضة تجمعت فيها كل عناصر تحطيم الدولة العراقية، دون إدراك قادتها السياسيين المتحكمين، وإذ تأتي عملية إسقاط مدينة الرمادي الملاصقة للعاصمة بغداد فهو إنذار أخير لضرورة الإذعان لشروط الآخر، بعد ان أفلسوا الدولة وأفرغوا مقومات قوتها، وللخلاص من الإذعان والتنازل أو الضياع التام والتمزق الأخير، اقترح ان يجتمع " قادة " العراق الآن من كافة الأحزاب المتسلطة، ومواجهة القوى النافذة بالمشروع العراقي بأسئلة صريحة واقعية تختصر الخسارات الكبرى وتخلص هذا الشعب من الإبادة. أسئلة مفادهh ؛ ماذا تريدون منا، وأين تريدون الوصول، لنحققه لكم اليوم قبل الغد..؟ أحملوا اسئلتكم الى امريكا وايران وتركيا والسعودية وقطر، ليضعوا لكم خارطة طريق من الآن إختصارا ً لهذا الذبح الممنهج والدمار الشامل للوطن، والملايين التي تشردت وتهجرت، النساء التي اغتصبت، الطفولة التي سحقت، والمفخخات التي تصطاد مئات الأبرياء..!؟ كونوا شجعان وشرفاء لمرة واحدة وانقذوا وطن يشارف على الفناء...!؟
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- تفاوت العقوبة بين من يمارس القمار ومن يتولى إدارة صالاته في التشريع العراقي