حجم النص
بقلم:نزار حيدر {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. مرة اخرى نقف على أعتاب شهر الله الفضيل، شهر رمضان المبارك والكريم، لنرتشف منه ما يعيننا على مواجهة التحديات العظيمة التي نمر بها اليوم، إن على صعيد الانسان الفرد او على صعيد الانسان المجتمع. انه شهر لخص معالمه وجوهره رسول الله (ص) بثلاث كلمات، فقال في خطبة استقباله للشهر الفضيل {أيها الناس؛ انه قد اقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة} وهي كلمات ذات معاني ودلالات لو شاعت في اي مجتمع لاكتملت سعادته وحٓسُنت حياته ولم يعُد تحكمه قوانين الغاب ابدا. واذا حاولنا استيعاب معاني الكلمات، للاحظنا انها لا تختص بالعبد وربه ابدا، وإنما هي معاني تتسع لتشمل العباد مع بعضهم، والمجتمع مع بعضه، فالبركة التي ينتظرها العبد من ربه يجب ان يفيض بها على مَن حوله سواء أكانت أسرته او جيرانه او مجتمعه، كما ان الرحمة التي يتمناها العبد من ربه تعالى يجب ان يفيضها على من حوله، وهكذا المغفرة التي ينتظرها العبد من ربه فان الواجب عليه ان يفيضها على من حوله، وما اجمل ان تتحكم في المجتمع هذه المفاهيم الثلاثة العظيمة، البركة والرحمة والمغفرة، فعندها سوف لا يتجبر إنسان ولا يظلم مسؤول ولا يكره أحدٌ احدا ولا تشيعُ فيه ثقافة الحقد والكراهية وروح الانتقام. وفي الآية اعلاه إشارة في غاية الأهمية الا وهي ان القرآن الكريم هو مصدر الهداية الاول، فإذا رأينا مجتمعا (مسلما) لا تحكمه هذه الكلمات الثلاث مثلا، فلنتيقّن بأنّه بعيد كل البعد عن مصدرها الا وهو القرآن الكريم. هذا من جانب، ومن جانب اخر، فان هذا القران شرع الله تعالى فيه كل ما يُيٓسِّر أمور الناس، وان العُسر وتعقيد الامور ليس من صفات التشريع ابدا، ولذلك فإذا ما رايت احدا يعقّد عليك أمور حياتك فاعلم انه ليس من القرآن في شيء وإنما هو من عند نفسه، فما عليك الا بالعودة الى القرآن الكريم والى القرآن الناطق، رسول الله وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام، لترتشف اليُسر وتقضي على العُسر، ليس في أمور دينك وإنما كذلك في أمر دنياك، خاصة على صعيد العلاقة مع من حولك، الاسرة والمحلة ومكان العمل وعموم المجتمع. في هذه الحلقات من (اسحار رمضانية) وهي حلقات ليلية تمتد على طول ايام الشهر الفضيل، اذا أراد الله لنا ذلك، سأحاول ان ارتشف من القران الكريم في كل ليلة عبق من هداه وبيّناته، ما يفيدنا ويعينُنا على تحسين حياتنا اليومية، ومنه تعالى نستمد العون والسداد. وكل رمضان وانتم بخير. ٢٨ حزيران ٢٠١٤
أقرأ ايضاً
- أُسُسُ الحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ في الخِطابِ الزَّيْنَبِيِّ (١)
- ظَنَنْتُهُ تَعَلَّمَ! (١)
- (نيسانُ) العِراقي (١)