- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بين العلمانية والتسامح الديني : حرب الثلاثين عام ـ أنموذجا ـ
حجم النص
. مهدي نعمة الجنابي. يظن البعض بأن العلمانية تدعو إلى سلخ الأمة والعائلة و الأفراد عَن المؤسسة الدينية، وإنها ـ أي العلمانية ـ تدعو إلى " إنسانية بلا إله "، وهذا شطط كبير في فهم السياق التاريخي الذي وردت فيه هذه العبارات والكتابات التي انطلقت على صفحات الكتب في أوربا ـ مثلاً ـ كانت نتيجة الدمار والاقتتال الذي أودى بحياة الملايين من أبناء الكنيسة من كاثوليك أو بروتستانت. ففي حرب الثلاثين عاماً (1618 ـ 1648) قُتل في بعض الولايات الألمانية أكثر من 10 ملايين من مجموع 16 مليون، كما لم ينج من الموت في بعض مقاطعات ألمانية سوى 10% من السكان، وفي مقاطعة بوهيميا وحدها مثلا جرى تدمي 24 ألف قرية و 600 مدينة من أصل 730 مدينة، ويقول مؤرخو تلك الفترة انه تم إسقاط جميع المبادئ الأخلاقية في هذه الحروب وان المبادئ الدينية والأخلاقية التي حارب كل من الكاثوليك و البروتستانت في سبيل إعلاء شأنها والمحافظة عليها قد سُحقت بالإقدام، يضاف إلى ذلك إن نصف المقاتلين، وعددهم يتجاوز مئات الآلاف، كانوا مِن اسكندينافيا و اسبانيا وليسوا من الألمان سكان تلك البلاد وان هؤلاء اغتصبوا مئات الآلاف مِن النساء الألمانيات طوال حرب الثلاثين عاما بحيث سخر المؤرخون فيما بعد مِن مَقولة " الجنس الألماني النقي ". وكان سلوك الجنود الإجرامي واحداً متجانساً مِن حيث الفظاعة والقسوة لا فرق في ذلك بين حماة الدين مِن كاثوليك أو بروتستانت، فالروح اللامسيحية كانت تسود الجميع! فليس غريباً والحالة هذه أن يقوم مَن يطالب بدولة بلا دين و مدرسة بلا دين أيضا.. إنقاذا للمواطنين و للدين مِن حروب بربرية مذهبية و طائفية استمرّت طوال القرون الوسطى.. ولا زالت في بعض البلدان تُستَنسَخ العملية هذه ولكن تحت مُسميات مُغايره لإنتاج الفظائع نفسها.. إذن علينا تجنب الوقوع في مُستَنقع الوَحل هذا قبل فوات الأوان.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- حرب استنزاف مفتوحة