- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ماذا وراء هجوم "حزب الاتحاد الديمقراطي" على حزب البارزاني؟
حجم النص
بقلم:برزان شيخموس بدأ "حزب الاتحاد الديمقراطي" حرب إعلامية شعواء ضد "الحزب الديمقراطي الكردستاني" - بقيادة مسعود البارزاني رئيس "حكومة إقليم كردستان" العراق - بعد أن شرع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في حفر خندق على امتداد الحدود العراقية السورية في المناطق ذات الأغلبية الكردية في كلا البلدين. ويدّعي "حزب الاتحاد الديمقراطي" أن هذا الإجراء يرسّخ مبدأ التجزئة الذي فرضته [عدة] بلدان من أجل تقسيم كردستان ويغلق الأبواب أمام الأكراد السوريين وسط الظروف الصعبة التي يمرون بها حالياً. ومع ذلك، فإن رد فعل "حزب الاتحاد الديمقراطي" العدائي والدعاية التي يشنّها الحزب تساهمان في الواقع في بذل المزيد من الجهود لتقويض عملية تحقيق الوحدة الكردية أكثر من عملية حفر الخندق. ولـ "حزب الاتحاد الديمقراطي" روابط مع "حكومة إقليم كردستان" العراق، على الرغم من تدهور علاقاته مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" - برئاسة البارزاني - الذي يوصف أعضاءه من قبل "حزب الاتحاد الديمقراطي" بأنهم عملاء لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأعداء الشعب الكردي. وبالطبع هذا اتهام قديم وله قصة طويلة، لكن الخلافات قد برزت في الآونة الاخيرة في ظل العلاقات الطيبة القائمة بين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" والحكومة التركية. وهذا ما لا يتقبله "حزب الاتحاد الديمقراطي" وينظر بقلق الى هذه العلاقة الجيدة. لهذا السبب قام "حزب الاتحاد الديمقراطي" بحشد وسائل إعلامه ضد حزب البارزاني، كما احتشد انصاره على الحدود مع الاقليم لمنع حفر الخندق، على الرغم من أن قرار حفر الخندق صدر من قبل الحكومة المركزية في العراق من أجل ضمان سلامة وأمن الإقليم. ووفقاً لبارزاني، إن الغرض من الخندق هو لسد الطرق والثغرات أمام عمليات التهريب غير الشرعية، سواء للبضائع أو للأشخاص خاصة مع اقتراب القوى التكفيرية من حدود "حكومة إقليم كردستان". وتريد هذه القوى النيل من المكتسب الوحيد للشعب الكردي في كردستان بتحريض وتوجيه من الدول والحكومات التي ترغب بزعزعة استقرار "حكومة الإقليم". ويأتي ذلك خاصة وأن حلم الدولة الكردية أصبح يدغدغ أفئدة الشعب الكردي في أعقاب تصريحات بارزاني خلال جولته الأوروبية في بداية هذا العام بأن إقامة الدولة الكردية لم يعد أمراً مرفوضاً من قبل المجتمع الدولي كما كان عليه الوضع سابقاً. ومما يثير للدهشة في الهجوم الاعلامي لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي" والتعبئة اليومية لأنصاره على الحدود هو التوقيت بينها. وتأتي هذه الإجراءات بعد أن فرضت الحكومة المركزية في العراق حصاراً اقتصادياً على "حكومة إقليم كردستان" وسط الاستعدادات للانتخابات البرلمانية في العراق- التي تطلبت دعماً كردياً موحداً لـ "حكومة إقليم كردستان". وإذا قمنا بمراجعة بعض الإجراءات التي اتخذها "حزب الاتحاد الديمقراطي" على أرض الواقع في كردستان السورية سوف نلاحظ بأنها لا تخدم المصلحة الكردية. فقد خسر "حزب الاتحاد الديمقراطي" في معارك دارت في أهم المناطق الاستراتيجيةً - أي "تل أبيض" و "تل عران" و "تل حاصل" - التي سقطت في أيادي جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» [تنظيم «داعش»] ونظام الأسد. وهذه المناطق تربط بين منطقة "الجزيرة" الكردية و "كوباني" و "عفرين". وقد سمح "حزب الاتحاد الديمقراطي" لنفسه أن ينشغل بمعارك جانبية مع جماعات متطرفة في كل من "تل براك" و "تل حميس" بدلاً من تحرير تلك المناطق الاستراتيجية الأخرى، وبالتالي تأكيد الوحدة الجغرافية لمنطقة كردستان السورية. وقد تم تعريب هذه المناطق الاستراتيجية من قبل النظام السوري، بحيث يشكل الأكراد حالياً 42 في المائة من نسبة السكان المحليين، رغم أن هناك حوالي 82 قرية كردية في الغرب والجنوب من هذه البلدات. وعلاوة على ذلك، يقوم "حزب الاتحاد الديمقراطي" بارتياب بحماية المستوطنات العربية التي أنشئت في العمق الجغرافي الكردي، التي تمتد من أقصى شمال شرق سوريا على الحدود مع كردستان العراق وتركيا إلى منطقة "رأس العين" على طول الحدود التركية، ويبلغ عدد هذه المستوطنات ما يقرب من 37 على شكل قرى نموذجية، وتم اختيار موضعها هناك كجزء من مبادرة نظام البعث لتغيير التركيبة السكانية في المنطقة. وبالفعل وقع هناك عدد من الحوادث في قرى مثل "ظهر العرب" التي ظهرت فيها خلايا نائمة متطرفة ومتشددة، الأمر الذي قد يؤدي إلى مواجهة عواقب وخيمة. أما بالنسبة للاتهام الموجه من قبل "حزب الاتحاد الديمقراطي" بأن "حكومة إقليم كردستان" قد أغلقت الحدود أمام المرضى والمشردين الأكراد، فإن إغلاق معبر "سيمالكا- فيش خابور" - الذي يربط منطقتي كردستان السورية والعراقية - ويمتد فوق نهر دجلة جاء في الواقع تحت توجيه من منطقة "الجزيرة"، التي تدار من قبل "حزب الاتحاد الديمقراطي". وكان ينبغي فتح هذا المعبر لتلبية الاحتياجات اليومية للمواطنين، وبالفعل دعت "حكومة إقليم كردستان" إلى فتح هذا المعبر وغيره من الممرات الأخرى من أجل تسهيل الإغاثة والتجارة على حد سواء. ينبغي لجميع فصائل الشعب الكردي العمل على تنفيذ "اتفاقية هولير" (مبادرة المصالحة التي قام بها بارزاني بين "حزب الاتحاد الديمقراطي" و "المجلس الوطني السوري" الكردي عام 2012) لإشراك جميع الأكراد في الحقوق والواجبات وبناء ما يطمح به الشعب الكردي منذ مئات السنين، بدلاً من استخدام الحدود كفرصة لإلحاق الضرر بـ "حكومة إقليم كردستان". ويشارك حالياً "حزب الاتحاد الديمقراطي" في أنشطة غير مشروعة تحت ذريعة حماية القضية الكردية، بينما يقوم أعضاؤه في الواقع بمضايقة الناس بصورة يومية من خلال فرض الأحكام والرسوم، وحبس النشطاء بحجج واهية، وفرض قوانين على الأحزاب والحركات في المنطقة، ومطالبتهم بالحصول على تراخيص ظاهرية. وحتى النظام السوري لم يقُم بمثل هذه التجاوزات في أوج قوته. إن الحجج التي يبديها "حزب الاتحاد الديمقراطي" ما هي إلا ثقافة لأنظمة شمولية طالما اقتاتت من شعارات قومية. إن مبادرة العراق بحفر خندق لم يُقصد بها تقسيم كردستان، بل إجراء يعود لاعتبارات داخلية تخص أمن "حكومة إقليم كردستان" ومن حق أي دولة أو كيان حماية حدوده الطبيعية. ان موجة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» والجماعات المشاركة معها تجتاح المنطقة ولعل "حزب الاتحاد الديمقراطي" وقواته المسلحة هم الأكثر إدراكاً للخطر وللأفعال الاجرامية الذي يشكله تنظيم «داعش». *برزان شيخموس هو صحفي كردي مقيم في عامودا، سوريا. وقد نشرت هذه المقالة في الأصل في منتدى فكرة.