بقلم: د. حاكم محسن الربيعي
فلسطين دولة عربية أصلا وفصلا، احتلت من قبل بريطانيا وسلمت بموجب وعد بلفور سيئ الصيت الى عصابات صهيونية تجمعت من شتات العالم بتخاذل وتأمر عربي معروف، وأقيمت دولة سميت باسم مغاير للدولة الأصل، ومنذ ذلك الحين وهو عام 1948 ومعاناة الشعب الفلسطيني -صاحب الأرض الشرعي- مستمرة حتى صار الصهيوني الغاصب صاحب الأرض بعد أن كان عليه استحصال الموافقات الرسمية الفلسطينية للسماح له بدخول فلسطين.
وإثر ذلك تشتت الشعب الفلسطيني في بلاد الدنيا، وفي عام 1964 تأسست منظمة التحرير الفلسطينية بهدف المطالبة بحقوق أهل الارض والتحضير لدولة فلسطين المستقلة، منظمة التحرير تعد الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ولها علاقات دبلوماسية مع أكثر من 100 دوله ومنظمة، وبدأت كواجهة للمقاومة واتخذت على عاتقها المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وحدثت حربان أعقبتا حرب 1948، إحداهما في الخامس من حزيران عام 1967 سميت في حينه، نكسة حزيران التي خسر فيها العرب المزيد من الأراضي وهجر على إثرها الاف الفلسطينيين، ناهيك عن خسارة آلاف الأرواح، والتي جاءت نتيجة هجوم صهيوني مباغت على مصر، جعل الفضاء المصري تحت الهجمات الجوية الصهيونية التي أتت خلال ساعات على معظم وسائل الدفاع الجوي المصري وخصوصا طائراتها الحربية وذلك في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
تلتها حرب تشرين عام 1973 حين كان السادات رئيسا لمصر، وقد أعادت مصر ما تم احتلاله منها، وفاجأ السادات العرب والعالم بزيارة الى تل أبيب في نوفمبر 1977 -عدت في حينها تاريخية من وجهة النظر الامريكية والغربية- أسفرت عن عقد لقاءات واجتماعات برعاية أمريكية والتأكيد على حل القضية الفلسطينية توجت بتوقيع اتفاق كامب ديفيد عام 1978.
واستمر الحال كل هذه السنين على ما هو عليه وليس هناك ما يشير الى قرب قيام دولة فلسطينية، بل هناك دول عربية معروفة طبعت مع هذا الكيان اللقيط رغم عدم تسليمه بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة عند حدود عام 1967 كما اتفق على ذلك، لكن الكيان الهمجي مستمر بالعدوان على الفلسطينيين خلال السنوات الماضية بمختلف الأساليب وبمباركة أمريكية وبريطانية، وقد شكلت منظمة حماس واجهة المقاومة الفلسطينية في فلسطين المحتلة بزعامة الراحل إسماعيل هنية الذي اغتيل في إيران، وهذه المنظمة سبق ان اغتيل الأب الروحي لها الشيخ أحمد ياسين من قبل القوات الصهيونية، ورغم ذلك فإنها مستمرة بالمقاومة، مع استمرار الكيان اللقيط بالاعتقال والقتل العمد والسجن للفلسطينيين دون رادع، بل كما ذكر بمباركة من أمريكا وبريطانيا ودول غربية أخرى.
ومنذ أحداث السابع من أكتوبر عام 2023 والرد الهمجي الصهيوني المستمر منذ ذلك التاريخ بحيث تجاوز عدد الضحايا 41 ألف ضحية مع انهيار كل شيء في غزة لم تتحرك أي دولة عربية بشكل فعلي باستثناء خطابات التنديد التي لا تقدم ولا تؤخر، أما الجامعة العربية والتي تستمد قوتها من قوة اعضائها، بدت عاجزة تماما عن فعل ما ينفع، في حين اعترضت دول إسلامية وغير اسلامية ودول بعيدة جغرافيا على العدوان الهمجي، وقدمت دعاوى الى المحكمة الدولية ضد مجرم الحرب والابادة النتن ياهو، أما العرب فحالهم حال مشاهدي لعبة كرة القدم (متفرجون لا أكثر) وكأنهم غير معنيين بما يجري، بل استمر البعض يغازل العدو والاخر يلوم المقاومة بحيث شجع ذلك الكيان اللقيط على استمراره بالإبادة لأهالي غزة، أما حزب الله اللبناني المقاوم فلا يمكن مقارنة قدراته بإمكانيات الكيان الصهيوني الذي يمتلك ترسانة حربية كبيرة ومتطورة تكنلوجيا، مصدرها أمريكا، وهذا الحزب يقوم بعمليات مؤثرة على الكيان الصهيوني، معتمدا في التسليح على ايران وليس على العربان، وهذا يحسب لإيران.
يتحدث البعض بأن قضية فلسطين هي قضيتهم المركزية، أين أصحاب هذه القضية في خضم الابادة المستمرة وانتهاك سيادة دولة عربية عضو في الجامعة العربية، وأين هذه المواقف من معاهدة الدفاع العربي المشترك؟! الكيان الصهيوني لا يرتدع الا بالقوة وهو غير قادر على الحرب الطويلة، ألا يمكن للعرب أن يتخذوا موقفا مشرفا يجعل هذا الكيان المجرم يحسب للعرب حسابا بدلا من الانبطاح والتخاذل العربي؟، صحيح أن الأمريكان هم من شجع ودعم ويدعم هذا الكيان على كل هذه التجاوزات، ولكن العرب هم من سهل التواجد الأمريكي في المنطقة ومكنهم من وضع قواعد عسكرية تتجسس عليهم ليل نهار وتحمي الكيان الغاصب من اي اعتداء قد يفكروا فيه هذا إن فكروا!
في الوقت الذي تظهر فيه امريكا وجها بريئا تضحك فيه على ذقونهم وتوهمهم بأنها حريصة على علاقاتها معهم، لكنها تخفي وجها آخر للتعامل تستخدمه لحماية مصالحها لدى العرب ودعم هذا الكيان اللقيط ضدهم، أليس هناك من يحاجج الامريكان على هذا السلوك الشائن تجاه العرب والانحياز الاعمى لكيان لا يعرف الا التعامل الهمجي والحرب، وهو مستمر في ابادة الشعب الفلسطيني؟، هل ينتظر هذا الكيان المجرم ان ينهي الفلسطينيين ليقول لمن يطالب بدولة فلسطينية مستقلة، لمن تريدون الدولة، أين هو شعبكم، الكيان الصهيوني مستمر بالإبادة دون اي رادع إذ يسقط برصاصه يوميا بين 50 - 100 شهيد، ويبدو ان الضربة الإيرانية الاخيرة كانت مؤثرة لان رئيس وزراء الكيان اللقيط كان قلقا ومرعوبا من هول الصدمة واوقع حزب الله خسائر بشرية أثناء محاولتهم التوغل بريا، فهل يتعظ العرب ويكون لهم موقف مشرف، وما اجتياح جنوب لبنان إلا البداية إذا مر كما يريد الصهاينة، فهل من صحوة عربية؟
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- المقاومة اللبنانية والفلسطينية بخير والدليل ما نرى لا ما نسمع