حجم النص
مواطنون:رؤية المسؤول اصبحت اشبه بهلال العيد لم أفاجأ حين وصلت الى مقر وزارة العمل لانجاز تحقيق صحفي عن 'اقامة غير العراقيين' بسلسة الاجراءات الروتينية من اجل الحصول على معلومة من مسؤول. استقبلني في البداية احد الزملاء في قسم الإعلام وبادر بتزويدي بكتاب رسمي للدائرة المختصة لتسهيل مهمتي الصحفية، بعدها دخلت في رحلة طويلة ما بين بنايات الوزارة المكتظة بآلاف المراجعين، قبل الوصول الى الدائرة المختصة المخولة بالتصريح حيث فوجئت بان الأمر يتطلب موافقة مدير عام الدائرة ووجوب أن تكون الموافقة خطية وموجهة من قسم الإعلام في الوزارة، وهذا الأمر يأخذ ما يقارب الأربع ساعات أو اكثـر، وهذا طبيعي جداً للحصول على معلومة فى ظل التعتيم الإعلامي الحكومي المعمول به. هذه الحالة الشخصية التي عشتها في ممرات الوزارة جعلتني أتساءل كيف تنجز معاملة مواطن كتعويض مادي او تعيين او علاج خارج البلاد على نفقة الدولة او الحصول علي مستمسكات رسمية اوحتي تسجيل مركبة وغيرها من الأمور التي يعيشها المواطن المحكوم بالمستمسكات الخمسة. سنة وأربعة أشهر ولا تحصل على إجابة المواطنة (أم رافد) أرملة تسكن في منطقة الحسينية أوضحت لصحيفة (المدى) ان حالتها المادية ضعيفة جدا وتعتمد على ولدها الذي يعمل باجر يومي ولكن ليس بشكل منتظم بسبب الأوضاع الحالية ومنها الأمنية وقلة المشاريع، قالت ان ضعف امكانياتها المادية هي ما يدفعها لمحاولة الحصول على راتب لتعيش به وفكرت بتقديم معاملة إعانات شبكة الحماية الاجتماعية منذ أكثر من أكثر من سنة وأربعة اشهر، ولاتزال أمام أنظار المختصين وهي لا تملك المال لدفع المصاريف وأجور النقل وإنجاز المعاملة بسبب كثرة حلقات الروتين وعدم معرفتها بشمولها من عدمه،مبينة بانها تعلم مسبقا ان المبالغ المقدمة من الشبكة لا تكفي كمصروف لأيام قليلة معدودة لكنها عسى ان تلبي شيئاً من الاحتياجات. مواطن كبير السن قام بذم الحكومة واصفا إياها بالإهمال الكامل لحقوق المواطنين والمتنصلين عن أداء واجباتهم اتجاه من أوصلوهم الى تلك المناصب. سلطة 'صحة الصدور' (سعد شهاب)، موظف يبلغ 58 عاماً بين: 'انا من محافظة كربلاء حضرت الى وزارة الصحة وتحديداً مكتب الولادات لغرض معرفة وصول بيان الولادة الخاص بحفيدتي التي ولدت فى السويد، و بعد ان ذقت مرارة الروتين لأحصل على إجازة لمدة يومين فقط من اجل مراجعة قد تنجز بدقائق لا اكثرمن قبل وزارة الصحة للحصول على المعلومة بشان بيان الولادة،وبعد تجاوز نقاط التفتيش والاستعلامات، فوجئت بان الموظف المتواجد يقول بان الموظف المعني بالأمر أي (الموظف المختص)غير موجود حالياً وهو الذي يستطيع الإجابة، ولا احد يعرف فيما اذا كان موجودا ام لا والمبرر انه داخل اجتماع، ولا ادري ما هي الحكمة من هذا الاجتماع مع بداية الدوام،ومع الزخم الكبير للمراجعين '، متسائلا 'هل هناك توجيه بعدم ترويج أية معاملة الا بعد تهميشها من قبل ذلك الموظف'، لذا اضطررت (والكلام للمواطن) ان ابحث عن البديل فكان الجواب بالإيجاب، ولكن البديل ليست له الصلاحية او ربما خارج الدائرة وبعد الاستفسار عن سبب غيابه عرفت انه قد ذهب لتأدية واجبات شخصية تاركا الدائرة ومراجعيها وهي متخمة بحالات الروتين القاتل الذي يمارسه الموظفون في اغلب الدوائر ان لم نقل في جميع المؤسسات الحكومية. الروتين القاتل شهاب أوضح 'وبعد انتظار لثلاث ساعات حضر الموظف المختص وبعد الاستفسار استغربت من سؤال الموظف لي بشأن جلب تأييد صحة الصدور لبيان الولادة من وزارة الخارجية وتحديداً دائرة (التصديقات)'،متسائلا ومشيرا للتطورات والنقلات النوعية العلمية في ترويج المعاملات وتعقيبها في دول العالم الاخرى والتي بدات تتسابق مع الزمن فى تقديم الخدمات، مقارنة بما يفرض من روتين قاتل في البلد،مؤكدا بان هناك عجزاً واضحاً وقلقاً وإحباطاً متزايدين عند المواطن بشأن الحصول على الخدمات الإدارية أثناء مراجعتهم للدوائر في ظل الروتين القاتل والمستشري في معظم دوائر الدولة، وبين شهاب ان هذا الأسلوب قديم جدا،وعلينا تجديد ومواكبة التطور الحاصل في عالم التكنلوجيا حيث للمنفعة المادية أحكامها التي تفرض علينا تلك الممارسات (على حد وصف شهاب.) المخاطبات وصفقات المفسدين الزميل الصحفي (أركان فواد)، يشير إن من الخطأ ان نلقي باللوم على الروتين في مؤسسات الدولة وعلى الموظف الذي لاحول له ولا قوة، وانما السبب الرئيسي يجب ان يوجه لمن يصدر تلك التعليمات، مبينا ان تلك الأوامر تصدر اليه من السلطة التنفيذية سواء من مجلس الوزراء او الوزير او حتى المدير العام وصولا الى مدير الدائرة نفسها او رئيس القسم، وفي حال مخالفته لها فان العقوبة تكون بانتظاره ثم تأتيه اسرع من البرق وهذه هي صفقات المفسدين، ويؤكد فؤاد انه 'اذا ما توفرت النية لدى مجلس النواب او الحكومة في ان يغيرا ما هو موجود حقا ويقينا وبشكل جاد وكانت لدى المتصدين للمفسدين إرادة صادقة لتنفيذ تلك القوانين او الغائها بسرعة وتطهير إدارات ومؤسسات الدولة من هذه النوعية من الموظفين، الذين يتعاملون عادة مع المراجعين بطريقة فوقية، كنا تخلصنا من جميع تلك المشاكل والمعوقات،فنحن نعلم أن المفسدين يستطيعون أن يقولوا كن فيكون إذا كان الأمر في مصلحتهم الخاصة او يصب في مصلحة أحزابهم وكتلهم، أما إذا كان الأمر شأنا يخص مصلحة المواطن ويسهم في رفاهيته فيجب أن ينتظر عدة سنوات وقد لا يرى تشريع كهذا أي نور'،موضحا ان 'المشكلة التي نعاني من ويلاتها تكمن في ان السياسيين استسهلوا عملية التهميش والسخرية بالمواطن عن طريق قوانين وأوامر إدارية تستخدم لإحكام القبضة وإذلال المواطنين '،مضيفا 'ان تعقيدات العمل الإداري في العراق والرشا والمحسوبية والفساد المالي منتشرة في جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية دون استثناء بين هذه الوزارة او تلك.' أوضاع مأساوية المواطنة (ميسون مهدى سكران) من منطقة حي الشماسية في بغداد تشير) انه 'وبسبب الأمطار الأخيرة والتي أدت الى غرق بعض شوارع وبيوت محلة 324، حيث انها تسببت في غرق 37 بيتا بسبب تدفق مياه الأمطار وشبكات المجاري ما تسبب بخسائر مادية وبشرية ناهيك عن كونها سبب الزحام المروري الذي اغلق الشارع العام بالكامل، وعلى الرغم من ان الجهود المتواصلة من قبل بلدية الأعظمية لإيقاف تدفق الأمطار وتقليل نسبة الخسائر، لكن الفيضانات كانت عالية جداً ما جعل المواطنين في المنطقة يعيشون أوضاعا مأساوية'، ميسون وغيرها من العوائل المتضررة استبشروا خيرا عندما قررت الحكومة صرف منحة للمتضررين كتعويض الا ان بعض المواطنين لم يتسلموها نتيجة الروتين المعقد المتبع في عملية تسليمها الى المواطن المتضرر بحسب وصفها. عرقلة المعاملات ميسون كشفت 'ان الإجراءات الإدارية لا تسير وفق ما يريده المواطن بل ان هناك من يعرقل معاملات الناس المتضررين ويحاول بشتى الطرق ابتزازهم للحصول على الرشا او هدايا معينة مقابل تسريع عملية الحصول عليها من المنحة المقررة من الحكومة وهي لا تكفي لإصلاح نصف الأضرار التي لحقت بالمتضررين.' وأضافت انه 'من المعيب على بعض ضعاف النفوس استغلال معاناة الناس للحصول على مبالغ مالية منهم مقابل إنجاز معاملاتهم على الرغم من ان المواطن الذي تهدم بيته وماتت مواشيه وأصاب التلف الأجهزة الكهربائية في بيته يستحق من الجميع ان يقوم بمساعدته على اكمل وجه كواجب وطني وأخلاقي'، مضيفة ان رؤية المسؤول اصبحت اشبه بهلال العيد. أين الحكومة الإلكترونية الدكتور ياسر عمار يشير لـ (المدى) ان جميع المعاناة والمعوقات التي تواجه المواطن من خلال مراجعة الدوائر الرسمية للحصول على الوثائق او غيرها يمكن حلها من خلال العمل الحقيقي والجاد بمشروع الحكومة الإلكترونية، عمار أوضح أن هذا المشروع يتلخص في كيفية التعامل بين الدوائر الحكومية بعضها مع بعض من جهة، والدوائر الحكومية وقطاع الأعمال والمواطنين من جهة اخرى، وهذا الأمر يقع على عاتق الحكومة في ضرورة تلبية حاجات ورغبات المواطنين بخبرة وفاعلية ومن دون معوقات وحل التعقيدات المتزايدة التي تواجه المتعاملين مع القطاعات الحكومية الخدمية المختلفة. عمار يتساءل عن الأسباب الحقيقية في عدم استفادة المواطن من هذه الخدمة لاسيما ان هذا المشروع بدأ العمل به منذ عام 2004 ولم ير النور لحد الآن، مشيرا الى ان العمل بنظام الحكومة الإلكترونية سيسهم في تغيير الصورة التقليدية للحكومة والتي تتمثل بالروتين وصعوبة الإجراءات وعدم وضوحها والتي تسيء إلى طبيعة العلاقة بين المواطنين وقطاعات الأعمال من جهة وبين الأجهزة الحكومية من جهة أخرى وتعزيز دور المواطن في المشاركة في عملية الرقابة والمساءلة واتخاذ القرار. لغز المطالبة بصحة الصدور سرمد عبد الكريم 32 عاماً أوضح ان الحديث اليومي في جميع اللقاءات بين الأصدقاء و المراجعين لدوائر الدولة ممن يطلبون التعيين او تسجيل لوحة المركبات او الولادة او الوفاة او النقل او الحصول على الراتب التقاعدي او تصحيح حال او عملية بيع اوشراء عقار، حتى وصل الأمر الى نقل طالب من جامعة الى جامعة اخرى يتطلب (صحة الصدور). سرمد يتساءل عن لغز هذا الطلب حيث أنه (كما يقال) يعود بالمنفعة المادية للمعقبين الذين يتقاضون للحصول على صحة صدور كتاب مبلغ (150) الف دينار.
أقرأ ايضاً
- عراقيون يتعالجون مجانا في مستشفيات العتبة الحسينية:هذه المبادرات انقذت الفقراء والمحتاجين
- "الاستثمار في العقار" يلجأ اليه المواطنون والتجار ومسؤولو الأحزاب الحاكمة لانعدام ثقتهم بالبنوك
- حقول واسط النفطية.. العمالة الأجنبية "تنعم" والعراقيون يتحسرون