حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ سمة سلبية طبعت اداء البرلمان العراقي لدورتيه ؛ السابقة واللاحقة التي أوشكت على انتهاء مهامها التشريعية .. وهي سمة او مشكلة إكمال النصاب القانوني المفترض لتحقيق الواجب المطلوب على أكمل وجه وهي عقبة مزمنة حالت دون الأداء الطبيعي والسلس لعمل البرلمان والإقرار التلقائي والمرن للقوانين والتشريعات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن وهو ما يدخل في صلب عمل البرلمان ومن اهم الواجبات والمسؤوليات المناطة به وقد اشار الدستور العراقي الى مسالة اكمال النصاب بوضوح لالبس فيه [المادة (57):-اولاً: أ ـ يتحقق نصاب انعقاد جلسات مجلس النواب بحضور الاغلبية المطلقة لعدد اعضائه.ب ـ تتخذ القرارات في جلسات مجلس النواب بالاغلبية البسيطة، بعد تحقق النصاب، ما لم يُنص على خلاف ذلك] اضافة الى المهام الاخرى الملقاة على عاتقه [المادة (58):-يختص مجلس النواب بما يأتي:اولاً:ـ تشريع القوانين الاتحادية.ثانياً:ـ الرقابة على أداء السلطة التنفيذية. ] وغيرها من المهام والمسؤوليات الجسيمة والمهمة. والسبب الرئيس الكامن وراء ذلك هو دخول المناكفات والاحترابات السياسية والتخندقات الجهوية والكتلوية والمناطقية والشخصية الى قبة البرلمان والتباس عمل الكثير من البرلمانيين بما ينافي والدور التشريعي والرقابي المناط بهم وتحول البرلمان في الكثير من الحالات الى ساحة للمهاترات والكيديات والتخندقات وفرض الإرادات ومحاولات لي الأذرع او عرض العضلات والتلويح او التهديد بالانسحاب تارة والعودة المشروطة تارة اخرى وخاصة من قبل بعض الكتل الكبيرة والمؤثرة من ناحية الحضور السياسي او العدد، يضاف الى ذلك ماراثون التسقيطات والتسقيطات المتبادلة وكل ذلك يُضعف عمل البرلمان ويُخلخل مقومات أدائه الأساسية وهي التشريع والرقابة كما يُضعف من ثقة المواطن بالعملية السياسية لا سيما اذا كانت اهم القوانين التي تمس حياته وأمنه ومستواه المعيشي تحت رحمة المزايدات السياسية، والكثير من القوانين المهمة والإستراتيجية إما ان تُرحَّل الى دورة برلمانية مقبلة كما أُجلت قوانين مهمة من الدورة البرلمانية السابقة الى الدورة البرلمانية الحالية الموشكة على الانتهاء، او انها تبقى تراوح في مكانها بانتظار إكمال النصاب او استكمال " التوافق" وتحقيق الحد المقبول من الانسجام لتمرير مشاريع القوانين او إقرارها. وقد اشارت المادة (57) في (أ) الى ان النصاب المطلوب لذلك يتحقق بالأغلبية المطلقة وإقرار القوانين يتحقق بالأغلبية البسيطة في حال إكمال النصاب الذي هو شرط لإقرار القرارات كما في الفقرة (ب) من المادة نفسها فيترتب على هذا الإقرار تحقق الأغلبية البسيطة ـ كحد ادنى ـ التي أشتُرط تحققها بالأغلبية المطلقة ولعدم او استحالة تحقق الأغلبية المطلقة فتبقى جميع القوانين والتشريعات تحت رحمة هذا التحقق ومتارجحة مابين "المطلقة" و"النسبية" فالتعثر في إقرار القوانين ليس في المادة الدستورية بل في تفسير هذه المادة او لعدم وجود ضوابط قانونية معينة واضحة ورادعة في الوقت نفسه تُفضي الى تحقيق النصاب بشكل سلس فالتعثر هو في اداء بعض البرلمانيين. والمشكلة المستعصية والداء الوبيل تكمن في الطبيعة التشاركية والمحاصصاتية التي "توافقت" عليها العملية السياسية وطبيعة أداء بعض السياسيين الامر المفضي الى ان تحقق النصاب حسب الاغلبية المطلقة وحتى البسيطة لايكون تحققا مريحا او سهلا ان لم يكن مستحيلا في بعض الاحيان، لذلك فان خبر رفع جلسة البرلمان الى موعد اخر بسبب عدم اكمال النصاب اصبح مرادفا لعمل البرلمان في اغلب أوقات فصوله التشريعية بسبب غياب التوافق الكتلوي وانفراد كل جهة سياسية بـ"رؤية" تسير على منهاجها في ادائها البرلماني (وغير البرلماني ايضا)بما يتواشج مع اجنداتها الحزبوية وأيدلوجياتها ومتبنياتها ومنطلقاتها الفكرية والتنظيرية ومصالحها الفئوية والمناطقية وحتى الطائفية ومحاولة كل كتلة او جهة في بسط اجنحتها واذرعها وفرض إرادتها على النسق العام لأداء البرلمان الذي هو اعلى سلطة تشريعية في البلد لتمرير ارادتها ورؤيتها على الجميع، وهذا ما يفسر سلسلة الاستعصاءات التي ترافق كل عملية تشريع ويفسر ايضا عدم تحقيق منسوب مقبول ومعقول للانسجام لتحقيق النسبة المريحة المطلوبة لتمرير القوانين لاسيما ما يتعلق منها بالبنى التحتية او المستوى المعيشي للمواطن او مايخص الملف الأمني واخيرا الموازنة وقانون التقاعد، فلم نجد أية رؤية مشتركة جامعة للكتل والفرقاء السياسيين في مناقشة او اقرار او تمرير أي قانون او مشروع قانون طيلة دورتي البرلمان، نعم الاختلاف وارد ضمن السياقات الديمقراطية ولكن هو اختلاف يصب في المصلحة العامة وليس العكس كما يحصل الان مع قانون الموازنة العامة والبرلمان في فصله التشريعي الاخير والانتخابات التشريعية على الابواب فاية رسالة يعطيها بعض البرلمانيين لمن سينتخبهم او ينتخب نظراءهم في كتلهم وأحزابهم؟ وتعطيل اقرار الموازنة لاي سبب كان يعني ان هنالك شللا في جميع مفاصل الدولة، واحد اسباب التعطيل هو عدم اكمال النصاب القانوني وفق المادة (57) من الدستور العراقي، والانسجام والتوافق المطلوب بين اعضاء البرلمان ليس فقط لاسباب "تشريعية" بل هو رسالة سياسية من مؤسسة سيادية مهمة في ظرف حساس وخطير خاصة وان المهام التي يقوم بها الجيش العراقي ضد الارهاب تتطلب انسجاما وتوافقا وطنيا عاما وفي جميع مؤسسات الدولة وسلطات الحكومة. يجب وضع ضوابط وآليات ضمن النظام الداخلي للبرلمان تحول دون تطبيق المادة آنفة الذكر تطبيقا مزاجيا او استغلالها بشكل عشوائي غير مهني او وضع تعديل دستوري يجيز تمرير القوانين بآلية اكثر انسيابية. إعلامي وكاتب مستقل[email protected] .